يتميز الفكر السياسي الإسلامي بأنه فكر واسع في مضامينه, مترامي في أطرافه وأحداثه التاريخية, تراكمي في خبرات مفهوم الحاكمية فيه, وكغيره من الأنماط الفكرية التي حكمت الممارسات السياسية , فإنه يحتوي على مدارس واتجاهات ومبادئ, فضلا عن التيارات والحركات التي قد تختلف رؤاها وتفسيراتها, ولكنها تشترك بانتسابها للإطار العام لمفهوم الحاكمية في الإسلام.
تميزت الجماعات التي تتبنى مفهومؤ المبني على النظرية الدينية, بأنها تحاول قدر المستطاع إعادة تمثيل الإسلام من خلال إعادة قرائتهم للنصوص, وكان هناك نوعين من هذه القراءة, الأولى تذهب إلى إعادة قراءة الماضي ومحاولة تطبيقه على الحاضر, وهذه المجموعات فشلت فشلا ذريعا بسبب تغير الأزمان وتغير طرق وأساليب العيش في الحياة.
النمط الثاني حاول ويحاول أن يعيد قراءة النصوص بطريقة تتوائم مع روح العصر, يحاول أن يجعل قرائته قرائة ثنائية, قسم منها يعيد قراءة تراث الفكر السياسي الإسلامي , وقسم منه يحاول إعادة قراءة نتاج الفكر السياسي الغربي الحديث, ومن كلا القرائتين يحاول أن يخرج بنتيجة تكون نافعة ومفيدة ومقبولة وسهلة التطبيق, كل ذلك من من طلق ان الإسلام يتميز بمرونة عالية يمكن لها أن تتمدد في كل زمان.
وإذا ما نظرنا إلى الفكر السياسي الإسلامي, سنجد بأن التيار السياسي الإسلامي الشيعي, بات يمثل أحد المدارس الفكرية الإسلامية المهمة والراسخة, خاصة بما تميز به عن غيرها من طرح السياسي, قائم على سلسة من النظريات الدينية كالإمامة و المرجعية, تبنت في كل مفرداتها الإطار السلمي وتفعيل أدوات العيش المشترك . عند التحدث عن العراق ما بعد 2003, يجب ان لا يغيب عن بالنا بأن هذه الفرصة هي كانت الأولى للشيعة في حكم العراق , وعلى الرغم من قصرها وكثرة الأخطاء فيها, إلا أنها تعد تجربة فريدة في ترسيخ أسس التعايش السلمي والديمقراطية على مر عصور الحكم السياسي في التاريخ العراقي.
قد يرى البعض أن ما سبق ذكره فيه أمنيات وردية بعيدة عن الواقع المؤلم الذي ألم بالعراق وأهله, ولكن إذا أردنا الرجوع بالنظر إلى الدول الأوربية والعالم الغربي في القرون السابقة, سنلاحظ الكم الهائل من المعانات والحروب التي مر بها حتى وصل إلى ما وصل إليه من الديمقراطية والحياة المدنية.
الساحة العراقية تشهد نهوضاً سياسيّاً واضحا في هذه الفترة, على مستوى الأحزاب الحاكمة, سيما أن اغلب من كان يقود العملية السياسة في السنين السابقة, كان يخضع لهيمنة الدول المجاورة بشكل واضح, حتى على مستوى إصدار القرار أو في أساليبهم لأدارة الدولة, أن التجربة الشيعية تستعد لإنتاج جيل سياسي شبابي مثقف واعي, لإدارة الدولة للتخلص من الشخصية السياسية التي لا تزال تفكر بعقلية المعارضة في أدارة الدولة, وهي تمر بمرحلة تحول جوهرية ومصيرية كبيرة, ستتميز بإندفاع شبابي جارف يكسر كل حواجز الخمول السياسية والسطحية الفكرية التي ألمت بنا.