التشكيل ، شراء السلاح ، الاقتتال ، السبي ، الاغتصاب ، الذبح ، مصادرة الأموال ، القضاء على التشيع ، نشر العقائد المنحرفة ، تدمير الأضرحة المقدسة ، القضاء على أي دولة شيعية …الخ من المصطلحات التي كثيرا ما سمعها أبناء الوسط والجنوب العراقيين هذه الأيام التي تتزامن مع ثورة الشعب السوري خصوصا المناطق ذات النفوذ الشيعي ، في البيت في الشارع في المقاهي وحتى رؤيتها في الكوابيس والأحلام ، لتشكل بهذا رعبا يلاحق المواطن العراقي بعد أن طليت عليه كذبة وإشاعة عنوانها جيش العراق الحر !
لماذا صدق البعض هذه الكذبة ؟ وما هي الغاية والأهداف الكامنة وراء نشر مثل هكذا إشاعة ؟ ومن هو المتستر خلف نسج خيوطها ؟ أسئلة ترد في ذهن كل مواطن بحثا عن إجاباتها .
وحتى تكون الصورة واضحة فان المتابع لمسلسل الأحداث العراقية وما صاحبها من تطورات طيلة فترة الاحتلال والى يومنا هذا سيجد غزوا كبيرا لمثل هكذا شائعات ، ومنها الإشاعات التي كان يراد منها تأجيج الطائفية وإنعاش صراعاتها بين أبناء اللحمة العراقية أو كالتي نسمعها قبيل الانتخابات العراقية ليسرق من خلالها صوت الناخب العراقي على أسس ومفاهيم دينية أو طائفية أو حزبية والى غيرها من الشائعات .
منذ دخول الاحتلال والى يومنا هذا اصبحت الساحة العراقية مرتعا وسوقا تسوق من خلاله الشائعات لسببين رئيسيين ، أولهما ضعف الجهاز المخابراتي وعدم قدرته على مواجهة المخاطر التي تفتك بالبلد وثانيهما الصراع داخل الأجهزة المخابراتية العراقية نفسها وانقسامها إلى عدة اتجاهات منها الداعمة للتوجهات الأمريكية ومن يسير في فلكها وأخرى الداعمة للتوجهات الإيرانية ومن يدخل تحت جلبابها وتوجد حتى الداعمة لمصالح وتوجهات دول عربية وأوربية أخرى تعمل لمصالحها الشخصية دون غيرها ليكون بهذا العراق ساحة لتصفية الحسابات وتمرير المخططات .
فضلا على اختلاف المستويات الثقافية للمواطن العراقي ، فتجد البعض من ذوي الثقافة المحدودة قد تم تسخيره ليكون حطب استمرار نار تلك الشائعات لتحرق بهذا الأخضر واليابس وهذا أيضا ناتج عن عدة أسباب أهمها الانقياد المطلق لأحزاب ومؤسسات دينية وسياسية وهي المسيرة لتلك الأوساط باتجاه المصالح الرامية لتحقيقها ولو كلف ذلك وحدة العراق وأرضه وثرواته .
فعندما تتحدث اليوم عن سعي بعض الأصابع لنشر كذبة تأسيس جيش العراق الحر وإشاعتها بين الأوساط العراقية في الوسط والجنوب فانك أكيدا ستكتشف ان من وراء هذه الإشاعة أجهزة ومخابرات إيرانية وأحزاب عراقية مدعومة من قبل المرجعية مصلحتها التصديق بهذه الكذبة تحقيقا لمصالحها وإبقاء لزعامتها واصطيادا لضالتها .
إيران ومصلحتها في الإبقاء على حكومة الأسد الداعمة للتوجهات الإيرانية هي الأخرى تسعى وبكل الوسائل والسبل لإبقاء الأسد في الحكم وإفشال الثورة السورية القائمة بالضد من حكومة بشار فبعد ان عجزت عن إخماد لهيب الثورة الحارق للمصلحة الإيرانية من خلال زجها لمليشيات الحرس الثوري وحزب الله وأخرى عراقية موالية لها ودفعهم للأراضي السورية للوقوف لجانب بشار بدأت الآن تعزف على وتر آخر وهو وتر الطائفية لتصور للرأي العام وبالأخص الشيعي من أن الثورة السورية التي يقودها الجيش السوري الحر ما هي إلا ثورة طائفية تسعى للقضاء على التشيع وان أهداف تلك الثورة ليس فقط إسقاط حكومة بشار بل كل حكم شيعيا والعراق سيكون هدفهم الثاني في حال انتصار ثورتهم في سوريا ، فعمدت إيران ومن خلال مخابراتها لنشر إشاعة تشكيل جيش العراق الحر في العراق وتصوره على انه الامتداد لجيش سوريا الحر هدفا ومعتقدا ، وهو احد مراكز التمويل لجيش سوريا الحر من خلال جمع الأسلحة العراقية وتهريبها لسوريا ، فثقفت كل من يعمل لها في العراق على نشر هذه الثقافة والترويج لها فصدرت الفتاوى من قبل المرجعيات الفارسية والقاضية بحرمة بيع السلاح كخطوة منها لتصديق إشاعة وجود جيش العراق الحر ، إلى أن يصل هذا التثقيف إلى المساجد ومنه إلى بيوت المواطنين العراقيين من خلال الأحزاب العراقية ذات المنشأ والدعم الإيراني .
الحكومة العراقية وفي مقدمتها نوري المالكي ستقطف ثمار تلك الإشاعة وستسخرها لصالحها ، فالاضطرابات الأمنية التي عصفت بالشارع العراقي مؤخر ما هي إلا دليلا واضحا على تردي الجهاز الأمني وفشله ، فثقافة القتل بالكاتم وانتشارها بشكل لافت للنظر أو العبوات الناسفة التي وصلت خطورتها إلى دور ومؤسسات أمن الدولة ومسئوليها والهجمات المسلحة على المقرات والسجون وتهريب السجناء دليلا واضحا على الخروقات الأمنية ، كما إن فشل أجهزة امن الدولة بالكشف عن الجهات التي قامت بهذه الخروقات وتقديمها للقضاء جعلها في وضع لا تحسد عليه وهنا كان لابد من هذه الحكومة دعم إشاعة جيش العراق الحر ليكون الشماعة المستقبلية التي سيعلق عليها فشل الحكومة العراقية التي بدأت تتهاوى أركانها خصوصا إننا لم نسمع والى الآن أي خبر أو تصريح صادر عن مسئول حكومي يكذب من خلاله تأسيس جيش العراق الحر رغم انتشار تلك الإشاعة بين الأوساط الشعبية .
فضلا على ان الكثير من الأحزاب والشخصيات تحاول أن تسيّر إرادة الجماهير العراقية في الانتخابات المقبلة على أسس طائفية ، ففشل تلك الجهات في الدورات الانتخابية السابقة في كل المجالات جعلها في موضع ودائرة المقصر الذي لن يكون له تواجد أمام إرادة الناخب العراقي وبالتالي وحتى تضمن تلك الجهات أصوات الناخبين عمدت إلى دعم هذه الإشاعة تمهيدا للانتخابات المقبلة حالها حال الإشاعات الطائفية السابقة والتي أوصلت من خلالها الأحزاب الطائفية إلى الحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات .
كما اني لا استبعد وأكاد أكون جازما من ان إيران وبعض الأحزاب الموالية لها في العراق ستعمد لاستغلال هذه الورقة واستغلالها للقيام ببعض العمليات التخريبية والاغتيالات في العراق وإعلان تبنيها لها عبر الفضائيات تحت عنوان جيش العراق الحر ، ولا استبعد أيضا أن نرى في المستقبل القريب انتشار للاعتقالات وتوجيه الاتهامات لبعض الجهات بحجة الانخراط تحت مسمى ودعم جيش العراق الحر الذي سيكون محطة تصفية الحسابات والكيد بكل من يقف حجر عثرة بوجه المشاريع و المخططات الفارسية على الأرض العراقية ما دام هناك تهمة وشماعة جاهزة عنوانها جيش العراق الحر !
فالحذر … الحذر …