23 ديسمبر، 2024 9:44 م

ثمة رأي يقوم ان الامثال تضرب ولا تقاس ، ورأي آخر يقول بل ان الامثال تضرب وتقاس ، وصاحب هذه السطور يميل الى الرأي الثاني . ولقد عالجت امثالنا العراقية كثير من القضايا السياسية والاجتماعية والاخلاقية ، بنقد لاذع ، حتى صار للمثل الشعبي اهميته الخاصة ، واصبح ذا قيمة في المجتمع العراقي ، واهتمام بالغ حتى لدى الدارسين والباحثين والكتاب ، وان الباحث العراقي ورجل الدين المرحوم جلال الحنفي قد الف كتاباً بهذا الخصوص اسماه ( الامثال البغدادية) وهو كتاب جدير بالقراءة والتأمل .
    ومن هذا الامثال ، التي انتشرت في مجتمعنا العراقي منذ زمن ليس بالقصير هو مثل ( عذر ملوح ) . وفي هذا المقال لا نريد ان نشرح معنى المثل ونسلط الضوء على مفردة (ملوح) حتى لا (يزعلون الجماعة) المعنيين في هذا المقال ، لاننا قلنا بان الامثال تضرب وتقاس ، هذا من باب ، ومن باب اخر قد لا يليق شرح هذا المثل في هذا المكان ، لذا نرجئ هذا الى مكان وزمن اخر .
   وبعد هذه المقدمة نقول : ان ساستنا وقادتنا والمتسلطين على رقابنا ، شئنا ام ابينا ، كانت ولا تزال اعذارهم معنا (عذر ملوح) وعلى كافة الاصعدة ، وعلى رأس هذا موضوع الخدمات التي هي معضلة المعاضل ولا اعتقد بانها سوف تنتهي ، فعلى مدار العشر سنوات الماضية كان الشغل الشاغل للحكومة هو موضوع الارصفة ، فهي الى حين كتابة هذا المقال تهدم رصيفاً وتنشأ اخر وهكذا دواليك ، اي مثل الناعور (يترس ويبدي) .
    اما موضوع الكهرباء فـ(اسكت ولا كلمة لتكول ولتعدي) بحسب التعبير المطرب الخليجي عبدالله الرويشد ، لكن الشعب لا يجب ان يسكت ، بل عليه ان يقول ويطالب ويتظاهر (ويحرك الدنيا) الى ان تستجاب الحكومة الى مطلبه المشروع ، والاما هو ذنب المواطن العراقي حينما يدفع مئة الف دينار لصاحب الجلالة ابو المولد ، الذي يطفئ المولدة في الوقت الذي يشاء ومتى شاء بحجة ان المولدة قد اصابها عطب ، والذي يعترض ويطالب يقول له بكل برود (شيل وايرك) . وهذا يذكرني بايام الجيش عندما كنت جندياً بالجيش العراقي ، حيث نعتبر ان اخبث اثنين هما (التاير والواير) يعني المخابر والسائق .
    ونحن على ابواب انتخابات مجالس المحافظات التي هي قاب قوسين او ادنى عن موعد اجراءها ولا زالت نفس المبررات لدى ساستنا الاشاوس !! ، يعني نفس عذر ملوح ، لكن المشكلة اضعها انا على عاتق المواطن العراقي ولا اريده ان يلدغ من الجحر مرتين ، وعليه ان يختار الشخص المناسب عن دقة ودرايا ، ولا نريد بعد اليوم عذر ملوح .