قبل الاحتلال (التغيير) بفترة وجيزة صادف احتفال الفرقة الآلية الخامسة بيوم احتلالها لمدينة الخفجي السعودية، وكان احتفالا باهتا حيث الحرب كانت على الابواب وهي حرب بين العراق المحاصر منذ 13 عاما وثلاثة دول عظمى منتعشة فضلا عن ان النصر الذي حققته الفرقة أعلاه كان لأيام معدودات انسحبت بعدها.
لكل ذلك كان الاحتفال روتينيا وباهتا، وكنت أرعى الاحتفال بصفتي ضابط ركن في الفيلق وأمثل قائده في الحفل …طلبت مضخم الصوت وتحدثت للضباط والجنود الحاضرين رغم اني لم اكن مؤمنا بكل ما جرى في الكويت وأعرف ان ما جرى كان خطأ استراتيجي قاتل يدفع العراقيون والعرب ثمنه الى الآن وسيدفعون … قلت ((لقد حققتم معجزة بكل مقاييس العلم العسكري، ولكل جيش محطاته التاريخية التي يفخر بها (من الناحية العسكرية البحتة) ..أراكم خجلين من هذا النصر كونه طال أياما فقط ودعوني أوضح لكم باختصار شديد ..لو كان هناك فيلق امريكي مكانكم وليس فرقة والسماء مليئة بالطائرات المعادية وهذا الفيلق تم ضربه لأكثر من شهر بكل ما حملته التقانة من تطور هل كان هذا الفيلق سيهجم دون غطاء جوي ودون دفاع جوي ودون منظومة إدارية وفي صحراء مكشوفة ؟؟ استطعتم ان تستطلعوا وتخططوا وتنفذوا وكأن شيئا من كل هذا لم يكن …. سجلتم معجزة (عسكرية) عندما ادار اول جندي مفتاح التشغيل في دبابته وعندما صعد اول سائق في سيارته وهذا ما يكفيكم فخرا لأجيال وأجيال.
اليوم هو 8/8/88 وهو اليوم الذي سبقه ثلاثة آلاف يوم الا نيفا من الصراع المرير بين جمهورية العراق وجمهورية ايران الإسلامية ..الدولة التي تشكل ثلاثة اضعافنا وأكثر في كل شيء ولم يحمل احد السلاح معنا نحن العراقيون بينما حمل السلاح معهم بعض العراقيين ..وحقق جيشنا رغم ذلك نصرا عسكريا حقيقيا بغض النظر ان كنا معتدون ام كان الإيرانيون معتدون وهل كان يمكن للعراق تجنبها من عدمه ، واختصر القول بغض النظر عن كل حسابات السياسة والمبادئ والقيم ..اقول لقد انتصر العراق في هذه الحرب غير المتكافئة .وهذا ما ينبغي لنا ان نبقى نفخر به حتى ولو توحد العراق وأيران بدولة واحدة وبتصويت شعبي حقيقي
الرئيس بوش الاب زار اليابان مرة فأخذه اليابانيون لزيارة مقابر ضحايا هيروشيما (اول عمل إرهابي لمنبع الإرهاب أمريكا) وطلبو منه توجيه كلمة اعتذار للضحايا فقال ((لن اعتذر لأني ان فعلت ذلك فهذا يعني ان الامة الامريكية قد أخطأت يوما والأمة الامريكية لا تخطيء)) أي انه لم يقل ان من فعل ذلك هو النظام البائد قبل ستين سنة …. انها امته وامته لا تخطيء بينما هناك قادة عراقيون طالبو بتعويض إيران وحددو سعر التعويض
كفانا الله شر الحروب ومنحنا نعمة السلام والتعايش مع الآخرين ومتى ما كتبت علينا وهي كرها لنا ينبغي لنا ان لا ننسى من هم العراقيون وما هي محطاتهم، لأننا ان نسينا وأدخلنا الامر في السياسة فسننسى من نحن فينسانا العالم