تزامناً مع التقدم العسكري الكبير الذي يحققه الجيش العربي السوري والحلفاء بعمق ريف الرقة الجنوبي ،والاستمرار بـ تحرير مساحات واسعة من البادية السورية شرقاً ، والتوسع بالعمليات لتصل وبعمق واسع باتجاه المحور الجنوبي الشرقي والمرتبط تحديداً بجزء منه بالحدود الأردنية وسط انهيارات في دفاعات تنظيم داعش الإرهابي وبعض المجاميع المسلحة الاخرى، بدأت تدرك جميع القوى المنخرطة بالحرب على سورية أن معركة الجيش العربي السوري وحلفائه والرامية إلى تحرير البادية السورية واكبر قدر ممكن من محافظة الرقة ومحافظة دير الزور ومثلث الحدود السورية – الاردنية – العراقية بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف فالمعركة لن تتوقف عند حدود البادية الشرقية او الجنوبية الشرقية بل ستمتد إلى المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني ،وستكون لها تداعيات كبيرة على عموم ملفات الميدان العسكري السوري.
اليوم يراقب العالم ككلّ مسار معركة الشرق والشمال الشرقي والجنوب الشرقي السوري ، التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، فاليوم بات لا خيار أمام الدولة السورية وحلفائها إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير الأرض السورية من رجس الإرهاب ومتزعّميه وداعميه ومموّليه، وأن تقرّر مصيرها بنفسها بعيداً من تقاطع مصالح المشروع الأميركي- الصهيوني وأدواته من الأنظمة الرجعية العربية والمتأسلمة في الإقليم، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة الشرق السوري التي بدأت منذ مطلع العام الحالي .
في سورية اليوم يساوي تحرير مناطق واسعة من شرق وجنوب شرق سورية ،والانتقال لاحقاً إلى محافظة دير الزور عبر السخنة – ريف دير الزور الجنوبي ،وهذه التطورات بالتحديد ستعطي للدولة السورية وحلفائها مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها المقبلة مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على الدولة السورية ومن خلال ورقة الشرق السوري وما بعدها، ستفرض الدولة السورية شروطها هي على الجميع، وعندها لا يمكن ان تحصل أي تسوية إلا بموافقة الدولة ونظامها الرسمي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من أذى من قبل أطراف الحرب على سورية.
معركة دير الزور بشكل خاص والشرق السوري بشكل عام ،تعني الاطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بالحرب على سورية ، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالأمريكان والسعوديين وغيرهم من الاطراف ،فهذه الاطراف لا تريد أن تتلقى هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمها مؤخرآ بمناطق سورية عدة، فتحرير مناطق واسعة من ريف حمص الشرقي والجنوبي الشرقي وصولاً لمناطق القلمون الشرقي والتوسع باتجاه محاور عده منها باتجاه المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني واخرى باتجاه دير الزور ، يعني للأمريكان والسعوديين سقوط هذه المناطق وكل ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة للأمريكي وللنظام السعودي ، فمن المتوقع بعد اتمام معركة شرق حمص أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعموم مناطق المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني ، وهذا ما لا يريده لا الأمريكان ولا النظام السعودي ولذلك اليوم نرى أن هناك حالة من الترقب والدعم المستمر من هذه الأنظمة للمجاميع المسلحة “اسود الشرقية وجيش سورية الجديد وغيرها “للعمل على رسم خطوط جغرافية جديدة لوقف تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه على الارض .
وهنا بالتحديد فموقف واشنطن ،يمكن أن يقرأ من خلال الصحافة ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية التي بدأت تتحدث عن فشل الرؤية والاستراتيجية الأميركية بخصوص موقفها من الحرب على سورية، بعد فشل أميركا وحلفاؤها عن تحقيق أي إنجاز فعلي على الأرض بسورية، وتؤكد مراكز الأبحاث هذه أن صمود سورية يهيئ الأرضية لانتصارها مستقبلاً مدعومة بحلفائها.
ختاماً ،إن تحرير شرق سورية ،ليس بالمهمة السهلة بل يحتاج لوقت وعمل طويل نوعاً ما ،وهذا ما تدركة القيادة العسكرية للجيش العربي السوري وحلفائها ،ولكن هذا التحرير ومهما طالت مسارات عمله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية ،وتحرير هذه المناطق سيكون له تداعيات كبرى على الأرض، ومن المتوقع أن يشكل وفق نتائجه المنتظرة انعطافة كبيرة إتجاه وضع حد للحرب على سورية.