من المتعارف عليه في ادبيات الثقافة البيئية والاجتماعية لدى الشعوب ,ان هناك عادات وتقاليد ومظاهر اجتماعية تمتاز بها منطقة دون اخرى طبقا للطبيعة الجغرافية والاجتماعية لهذه المنطقة او الحارة او الزقاق الخ ويمكننا ان نشاهد ذلك في العديد من المدن والعواصم العربية والعالمية وعاصمتنا الحبيبة بغداد لاتختلف من حيث المبداء عن هذه الحالة او الظاهرة الطبيعية , والشيء الملفت للنظر ان هذه المدن والازقة والحارات تبقى محافظة على طبيعتها وهويتها الثقافية والاجتماعية والبيئية حتى وان تعرضت الى غزو ثقافي واجتماعي اخر يختلف من حيث الشكل والمضمون عن الطبيعة الثقافية والاجتماعية لاصل هذه المدينة وهذا وللأسف الشديد ما لم يحصل في العاصمة بغداد حيث نجد ان هوية هذه المدينة العريقة قد تغيرت وبشكل ملحوظ حيث نجد ان هناك الكثيرمن معالم هذه المدينة قد طراء عليها التغير بحكم الانتقال العشوائي السكاني لبعض المناطق المعروفة بنسيجها الاجتماعي والثقافي البغدادي الاصيل , فلى سبيل المثال ما عادت مناطق مثل الكرادة والجادرية وشارع فلسطين وزيونة والوزيرية وغيرها الكثير من مناطق بغداد , ما عادت تتميز بنكهتها الثقافية المدنية والحضرية وخصوصيتها البغدادية كما كانت في الماضي القريب بل انحدرت وبشكل مؤسف الى ما هو ادنى من حيث المستوى الثقافي والاجتماعي والفكري وبدأت تفقد جزء كبير من هويتها الثقافية من خلال هجرة عدد كبير من العوائل الغيرمتجانسة فكريا واجتماعيا ومن طبقات عدة واماكن مختلفة بيئيا والسكن والعيش في هذه المناطق مما ادى الى نقل عادات وتقاليد جديدة وغريبة لا تتلائم مع طبيعة وسلوك وتقاليد العوائل الاصلية ,هذا مما جعل تلك المناطق تتحول الى مناطق هجينة ذات ثقافات متناقضة ومرتبكة وبدأت تلك المناطق تفقد هويتها وثقافتها المحلية لحساب ثقافات اخرى دخيلة وطارئة , ليس المقصود هنا الاشارة الى ان المناطق المذكورة مقتصرة فقط على اصحاب الذوات او عوائل محددة بعينها ابدا. ولكن من الافضل ان يكون الانتقال تدريجي ويخضع الى تكييف بيئي وثقافي واقتصادي ايضا لكي لا يكون تأثيره سلبيا على السلوك العام للمدينة , والمتتبع لهذه الظاهرة يجد ان هناك الكثير من المظاهر السلبية للاسف الشديد بدأت تظهر في المناطق السكنية والتجاوزعلى الاملاك العامة للدولة دون اي رادع والذي زاد الطين بلة هو الضعف الرقابي للدولة واهمالها لمتابعة هذه الظواهرالسلبية وعدم وضع ضواب للانتقال العشوائي بين هذه المناطق وغيرها .
[email protected]