خاص – كتابات :
تراه دول الحصار فصلاً جديداً من اتجاه الدوحة إلى الارتماء في أحضان “إيران”, المُهدد الأول لدول الخليج العربي.
إذ تُعلق الأنظمة المقاطعة للدوحة على حضور قطر مراسم تنصيب المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي” لـ”حسن روحاني” رئيساً لإيران وتراه تعاوناً مع الإرهاب.
هجوم واتهامات بمخالفة حقائق التاريخ والجغرافيا..
بل زاد الهجوم على قطر ووصفت بأنها اتخذت خطوة تغالط حقائق الجغرافيا والتاريخ منها للاتفاق السياسي, بالتوقيع على اتفاق لإنشاء طريق بري لنقل البضائع التركية للدوحة عبر الأراضي الإيرانية.
هروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة الحقائق..
إذ ترى السعودية والإمارات والبحرين تلك الخطوة الإيرانية القطرية التركية تجسيداً لسلوك النظام القطري المتمثل بالهروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة حقائق الأزمة التي وصلت مداها في الخامس من حزيران/يونيو 2017 بقطع العلاقات وغلق المجال الجوي والبري والبحري في وجه قطر.
يطالب الخليجيون قطر وحدها بالبحث عن حلول واضحة للأزمة الخليجية.. لكن مع شروط تراها الدوحة تعجيزية.
المقاطعون يرون الربط البري درباً من الخيال !
رغم ذلك وإن بدت الطريق البري في البحر درباً من الخيال نتيجة صعوبات كبيرة, أولها عامل الوقت اللازم لتدشين مثل هكذا مشروع، فإنه قد يتحقق مع ما تعيشه قطر منذ صبيحة الاثنين 5 حزيران/يونيو على وقع صدمة العزلة البرية والبحرية والجوية، إثر قرار السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها الدبلوماسية بشكل قاس مفاجيء مع الدوحة.
ورافقت القطيعة قرارات أخرى شملت إغلاق المنافذ البحرية والجوية وعبور المواطنين، لتتحول من دولة حيوية تعمل على مشروعات كبيرة على أمل تنظيم جيد لكأس العالم 2022، إلى جزيرة معزولة.
إغلاق الحدود والموانيء والأجواء لم يترك لقطر غير إيران سبيلاً..
إغلاق الحدود والموانئ والأجواء، لم يترك لقطر سوى منفذ وحيد مع إيران شرقاً تسعى إليه الآن طهران وربما يُغذي طموحات الرئيس التركي “رجب أردوغان” بالتوسع في المنطقة وفتح أسواق جديدة لرجال أعماله في استغلال اقتصادي جيد للأزمة !
وهو ما لم يخفه وزير الاقتصاد التركى “نهاد زيبكجي” في السادس من آب/أغسطس 2017, من أن بلاده تسعى إلى إقامة طريق سريع بين قطر وتركيا عبر إيران، مؤكداً على وجود تفاهمات ورغبة حقيقية بين الدول الـ3 لنقل الصادرات التركية إلى قطر براً عبر الأراضى الإيرانية، وبالطبع ستستفيد إيران اقتصادياً من العبور مقابل رسوم ستفرض على كل شاحنة ستمر، لكن هل هذا فقط ما ستسعى إليه طهران من ثمة هكذا اتفاق ؟
“أردوغان” يثبت أركانه ويوسع نفوذه ولإيران أهداف أخرى..
بالتأكيد لإيران أهداف أخرى بعيدة المدى, قد لا تراها قطر الآن ولا تهم, كذلك “أردوغان” في الوقت الحالي، إذ إن كل ما يراه الرجل الذي يسعى بكل قوة إلى تثبيت أركان دولته بل ومد نفوذها لتأمين محيطه من أي محاولات قادمة لتضييق الخناق على بلاده من أجل حصارها اقتصادياً !
لقد أعلنها الوزير التركي صراحة، وفق ما نشرت وسائل إعلام تركية، “نعم جرت مناقشة الربط البري الثلاثي في إيران” خلال تواجده ووزير الاقتصاد القطري كذلك, أثناء مراسم أداء الرئيس الإيرانى “حسن روحاني” اليمين الدستوري.
فرصة لتسويق المنتجات التركية بعد الحصار الأوروبي..
نعم كشفت تركيا عن سر هرولتها لمساعدة قطر، إذ في مقدمة الأسباب يأتي تسويق المنتجات التركية وفتح أسواق جديدة لها في قطر بعد حصار أوروبي، فقد بين وزير الاقتصاد التركي أن بلاده تفكر ببدائل للتجارة البرية مع قطر لكن الطريقة الأسهل هي المرور عبر إيران !
ليكشف أكثر عن نية بلاده الحقيقية من الربط البري مع إيران بقوله: “نريد تلبية كل احتياجات قطر.. نريد من جميع التجار “الجيدين” في تركيا بيع جميع المنتجات بما فيها مواد تنظيف وأجهزة محلية وأنسجة، في قطر”، ولم يفت الوزير أن يثمن على ما تحقق من طفرة في المبيعات التركية بتلميحه إلى أن التجارة بين تركيا وقطر زادت خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2017, بشكل كبير وأن عليهم أن يجعلوا من هذه الزيادة دائمة !
ربط بري مع إنشاء جدار عازل على مسافة كبيرة من الحدود مع إيران..
اللافت في الأمر أن الإعلان عن الربط البري بين إيران وتركيا وقطر، يتزامن مع بدء حكومة “أردوغان” إنشاء جدار بكتل خرسانية بعرض مترين وارتفاع 3 أمتار، وزن الكتلة الواحدة منها 7 أطنان، ولكن هذه المرة على مسافة 70 كيلو متراً فقط ضمن حدود تقدر بـ500 كيلو متر بين البلدين، وبالتأكيد فإن المبررات التركية لهذا الجدار تتمثل في تعزيز الأمن ووقف عمليات تسلل المسلحين الأكراد والمهربين إلى أراضيها.
قطر لا تجد بديلاً.. الشحن الجوي لا يغطي كافة الاحتياجات..
في المقابل، لجأت الدوحة إلى هذا المقترح لعدة أسباب، أهمها هو ارتفاع تكلفة الشحن الجوي من تركيا إلى قطر، فضلاً عن أنه لا يغطي كافة الاحتياجات التي يلبيها الشحن البري والبحري.
والهدف الآخر أن لا تقع في دائرة الاتهام الموجهة لها باستمرار من دول المقاطعة بأنها حليف لإيران, التي تخشى الدول الخليجية من توسعها وتمددها في المنطقة، فهل بهذا الحصار سيقف التمدد الإيراني في الشرق الأوسط.
إيران تتمدد والسعودية تُطوق من جميع الاتجاهات..
لقد نجحت إيران وللمرة الأولى منذ الدولة الفارسية قبل قرون من الزمان في إيجاد منفذ بري لها عبر العراق إلى سوريا وحتى البحر المتوسط.
فضلاً عن مشروعها الذي أعُلن عنه في عام 2014 من إنشاء جسر بري مع سلطنة عمان عبر مضيق هرمز، وهو ما يعد تهديداً غير مباشر لمُلك “آل سلمان” في السعودية، خاصة بعد تدشين طريق بري بين السلطنة والمملكة.
إن السعودية الآن في مرمى الأهداف الإيرانية بشكل مباشر وغير مباشر، إذ إنها من الحدود الشرقية مع العراق أصبحت مهددة بعد توسع النفوذ الإيراني هناك، ومن الحدود الجنوبية لم تعد مهددة فقط من اليمن بل من سلطنة عمان – الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي – والذي أصبح يرتبط بإيران بشكل اساسي.
فضلاً عن التمدد الإيراني شمال السعودية أيضاً عبر التواجد في سوريا، والآن تفتح جبهة جديدة بالسعي لربط بري مع قطر.
مملكة “آل سلمان” أغلقت ممراً لقطر وفتحت على نفسها ممرات !
تقول مملكة “آل سلمان” إن مقاطعة قطر هدفه إعادتها إلى الحاضنة الخليجية، لكن ربما ما لا يراه المسؤولون هناك أن بلادهم قد حاصرت نفسها ولم تحاصر قطر، وأن الطريق أصبح ممهداً لتمدد النفوذ الإيراني الذي طالما قالت الرياض إنها تخشى تمدده !
لقد أغلقت مملكة “آل سلمان” معبر أبو سمرة الحدودي البري بين قطر والسعودية, والذي طالما شهد مرور ما بين 600 إلى 800 شاحنة يومياً، لكنها لم تدرك أنها فتحت على نفسها ممرات شر كثيرة وإن بدا لولي العهد الشاب “محمد بن سلمان” عكس ذلك !