14 يوليو، 2025 10:16 م

“دولة أناضول الاتحادية” .. هل يؤسس أدروغان جمهورية جديدة أم يقضي على نفسه بنفسه ؟

“دولة أناضول الاتحادية” .. هل يؤسس أدروغان جمهورية جديدة أم يقضي على نفسه بنفسه ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في إطار الإجراءات الجديدة التي تحدث على المستوى التركي، وما يقوم به الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”, منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عليه في منتصف تموز/يوليو 2016،  أعلن عضو مجلس إدارة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ورئيس منصة القضاء المدني “أيهان أوغان” عن أن “أردوغان” هو الزعيم المؤسس للدولة التركية الحديثة سواء شاءت المعارضة أم أبت.

جاء ذلك خلال مشاركة “أوغان” في أحدى البرامج المتلفزة أذيع ليلة الخميس 3  آب/أغسطس 2017، على قناة “سي. إن. إن. ترك”.

وانتقد نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض “أيتوغ أتيجي” تصريحات “أوغان”, التي أدلى بها في البرنامج خلال مناقشة إجراءات الطوارئ وما تلا الخامس عشر من تموز/يوليو 2016 من احداث.

القضاء على نظام الوصاية..

خلال إجابته عن سؤال “أتيجي”, حول مضمون مصطلح “الدولة الجديدة” وما إن كان الحزب الحاكم قد قضى على الدولة القائمة التي أسسها “كمال أتاتورك” حالياً, أوضح “أوغان” أن اجتماع مجلس الشورى العسكري الأعلى, الذي تم عقده الأسبوع الماضي والذي أقالت الحكومة خلاله قادة القوات البرية والبحرية والجوية, هو تأسيس لقوات مسلحة تركية جديدة مشيراً إلى قضائهم على نظام الوصاية في البلاد على حد تعبيره.

تأسيس نظام جديد..

مضيفاً “أوغان” أنه تم القضاء على كل آليات الوصاية التي تم الارتكاز عليها داخل الدولة في ليلة الخامس عشر من تموز/يوليو 2016, وإنهاء نظام الدولة الذي تسيطر خلاله الأقلية البيروقراطية معلناً تأسيس نظام جديد في تركيا يحدده الشعب بصورة مباشرة بقيادة “أردوغان” الزعيم المؤسس له.

وكان كبير مستشاري أردوغان “محمد أوشوم” قد أعلن في تصريحات, قبل استفتاء السادس عشر من نيسان/إبريل الماضي الذي وسّع من نطاق صلاحيات “أردوغان”, أن الشعب التركي يتخذ من خلال هذا الاستفتاء خطوة لتأسيس دولته الجديدة.

وتجدر الإشارة إلى أن النائب التركي المستقيل من حزب الحركة القومية التركي “أوميت أوزداغ” قد أعلن, قبيل الاستفتاء الشعبي في نيسان/أبريل الماضي, أن الحكومة تخطط لتأسيس دولة جديدة تحت اسم “دولة أناضول الاتحادية”.

جريمة منافية للنظام الدستوري..

أثارت تصريحات “أوغان” جدلاً واسعاً في تركيا، وانتقد العديد من السياسيين عبر حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي تصريحاته هذه، حيث دعا نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إزمير “تونجاي أوزكان”, مدعي العموم إلى أداء مهامهم تجاه “أوغان” الذي ارتكب جريمة منافية للنظام الدستوري, مؤكداً على ضرورة محاسبة الطامحين لهدم الدولة.

مؤامرة ضد الدولة..

من جانبه أكد نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إزمير “مصطفى ألباي” على أن العقلية التي يمثلها “أوغان” لن تؤسس دولة حديثة بل تحيك مؤامرة ضد الدولة.

تأسست بقيادة “أتاتورك”..

بينما دعا نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة مرسين “أيطوغ أتيجي”, حزب العدالة والتنمية إلى عدم السعي خلف أحلام فارغة مثل تأسيس دولة جديدة, مؤكداً على أن الجمهورية التركية تأسست في عام 1923 بقيادة “أتاتورك”.

تصريحات غير مسؤولة..

قال أمين عام حزب الحركة القومية “عصمت بويوك أتامان” أن كيفية تأسيس الدولة التركية ومعايير تأسيسها واضحة وصريحة, وأنه لا يحق لأحد مناقشة هذا الأمر مجدداً. وشدد “أتامان” على أنه ليس من الصائب شغل الرأي العام التركي بأمور كهذه نظراً لأن تركيا ليست في موضع يسمح لها بإضاعة الوقت في نقاشات غير ضرورية, مؤكداً على أنه لا يهتم بهذه “التصريحات غير المسؤولة التي ستضر بالبلاد في هذه المرحلة التي نحتاج خلالها إلى توحيد الصف والتعاون أكثر من أي وقت مضى”. وطالب “أتامان” الجميع بالاهتمام بأعمالهم, مشيراً إلى أن تركيا تخطت هذه النقاشات منذ زمن.

تأسست نتيجة لحرب الاستقلال..

ايهان دوغان

أما النائب المستقل عن مدينة غازي عنتاب “أوموت أوزداغ”, فقد أفاد أن الشعب التركي أسس الجمهورية التركية نتيجة لحرب الاستقلال, قائلاً: “نذكر المجنون السياسي الذي يتحدث عن تأسيس دولة تركية جديدة أن الشعب التركي أسس الجمهورية التركية بالفعل عقب حرب الاستقلال التي قادها مصطفى كمال أتاتورك وزملاؤه”.

ليس هناك تأسيس لدولة جديدة في تركيا بل الدولة تصفّي “أردوغان“..

من جانبه علق الصحافي التركي الشهير “فهمي كورو” على تصريحات “دوغان”، متسائلاً ما إن كان يتم تأسيس دولة جديدة أم أن الدولة الحالية تصفّي “حزب العدالة والتنمية” الحاكم بقيادة الرئيس “أردوغان” و”حركة الخدمة”, مفيداً أن بعض التوقعات المقاربة لهذه النظرية بلغت مسامعه.

معرباً “كورو” عن آماله في أن “حزب العدالة والتنمية” على علم بالحديث الدائر عن هذه الاحتمالية, وبدأ التفكير في الأمر.

“أردوغان” لا يشعر بما يحدث حوله..

يشير “كورو” إلى مقال الكاتب الصحافي “أرسلان بولوت” الذي نشرته صحيفة يني شاغ بعنوان: “هل كانت محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا الخامس عشر من تموز/يوليو من أجل تأسيس دولة جديدة ؟”، حيث زعم الكاتب “أرسلان”, خلال مقاله, أن الأحداث تشير إلى تصفية الدولة لكوادر محبي “حركة الخدمة” المتمركزة داخل الدولة, والآن بدأت الدولة التي استخدمت “حزب أردوغان” في تصفية أنصار “غولن”, بتصفية أنصار “أردوغان” من الدولة, ولكن الرئيس “أردوغان” لا يشعر بذلك.

الدولة أجبرت حزب “أردوغان” بعمليات التصفية..

تناول “كورو” أيضاً نظرية “بولوت”, التي أوردها في مقاله, بشأن اتخاذ الدولة قراراً بتصفية “حركة الخدمة” خلال اجتماع مجلس الأمن القومي في عام 2003, وعند تجاهل “حزب العدالة والتنمية” للقرار أجبرت الدولة “حزب أردوغان” بعمليات التصفية على نطاق واسع, عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

ولفت “كورو” الانتباه بذكره في مقاله أن “حزب العدالة والتنمية” يقضي على نفسه بنفسه ولا يعي هذا.

مؤامرة حقيقية..

كورو

الجدير بالذكر أن الكاتب والمفكر المتخصص في الفكر الإسلامي والحركات الإصلاحية, “علي بولاج”, المعتقل حالياً في إطار تحقيقات الانقلاب الفاشل، كان قد قال بعد نشوب خلاف بين حركة الخدمة وأردوغان, “إن مرحلة إنهاء الوصاية والدولة العميقة التي بدأت سنة 2002 انطلقت اليوم في الاتجاه المعاكس. وإن “البؤرة البيرقراطية العميقة” أو الدولة العميقة التي تدّعي ترتيب الكيان الموازي مؤامرة ضدها عبر قضايا “أرجينيكون وباليوز وجيتام”، تحيك اليوم “مؤامرة حقيقية” لكل الجماعات والحركات الإسلامية وبمهارة فذة، الهدف الأول هو “حركة الخدمة” باعتبارها لقمة صعبة، ثم يليها “حزب العدالة والتنمية” نفسه، ثم يعقبه الجماعات الإسلامية الأخرى واحدة تلوى الأخرى، باعتبارها لقمة سهلة. صدقوني، ولا يساورنَّكم أدنى شك في ذلك، فإنه سيتم أكل الثور الأصفر أولاً، ثم الثور الأبيض، ثم الثور الأسود”.

جمهورية جديدة..

المتخصص في الشأن التركي “د. بشير عبد الفتاح”, يقول لـ(كتابات), أنه بالفعل توجد جمهورية جديدة في تركيا الآن، حيث أن نظام الحكم قد تغير من برلماني إلي رئاسي وعاد “حزب أردوغان” متصدراً المشهد السياسي، وأصبح مسيطراً على مقاليد الحكم في تركيا، بالإضافة إلى ما يفعله “أردوغان” من عمليات تصفية لمعارضيه سواء بالسجن أو الإقالة وغيرها من طرق الإقصاء، وهذا كله في علم النظم السياسية يطلق عليه الجمهورية الجديدة.

المرحلة الأردوغانية..

أما “د. مصطفي زهران” المتخصص في الشأن التركي, فقد أوضح لـ(كتابات), أنه بعد انقلاب تموز/يوليو الفاشل، ظهرت مرحلة جديدة تسمى بالمرحلة “الأردوغانية”، واصفاً إياها بالأكثر نمواً وازدهاراً، مضيفاً أن “أردوغان” لن يترك الحياة السياسة دون ترك بصمة قوية.

داعياً “زهران” أردوغان إلي التقدم نحو عمل مصالحة سياسية حقيقية لاستقرار الأمن، وتجنب امتداد المعارضة، وهو ما يوجب إعادة النظر في الحياة السياسية التركية من جانب “أردوغان”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة