منذ قرابة العاميين وحركة التغيير في العالم العربي تتواصل , فالنار التي أوقدها محمد البوعزيزي في تونس مازالت مشتعلة, ومابرحت الجماهير تتحرك هنا وهناك من أجل نيل أدنى حقوقها . اللافت في هذا الهيجان الجماهيري أنه بدء يأخذ أبعادا متعددة الجوانب فمنها ماهو يتصل بدعم أقليمي ودولي ذو أجندات ومصالح لاتخفى على أحد وهو في نهاية الامر يصب في مصالح الاخرين وليس من أجل سواد عيون الثوار, ناهيك عن تفجر وتشظي المجتمع وبروز الهويات المناطقية والطائفية والعرقية , وفوق كل ذلك ظهور السلفية المتشددة التي ركبت الموجة وحصلت على مواقع مهمة في مفاصل تلك الدول , وهي الطامة الكبرى والخطر المتعدد الزوايا, فلا نزيد شيئا من القول أذا قلنا أنها أي ( السلفية المنغلقة) تحاول ألغاء الاخر بما تمتلكه من دوغمائية وحجج جاهزة وفتاوي نافذة الصلاحية للتغييب والقتل وكسر روح المواطنة عند المواطن البسيط, ومحاولة السطو والسيطرة على الفنون والشعر وسائرالاعمال الانسانية التي تحتضن الانسان على أساس العمق الحضاري والوجداني . المحزن في الامر أن المثقف العربي بقي بعيدا عن هذه الجدلية ولاذ بعزلته مبينا بذلك رفضه السلبي لكل مايجري من حوله, وهي سلبية بأمتياز حولت المثقف من عامل ديناميكي وحركي في محيطه الى حاوية معلومات صامتة لاتعبأ بما كان أو يكون , وهكذا غطت العتمة مساحة كبيرة من( الربيع العربي) والانكى أن بعض المثقفين تحولوا بين ليلة وضحاها الى وعاظ يملئون المنابر وهم يشمرون عن سواعدهم للدفاع عن المشاريع الظلامية التي تريد من أبناء الوطن الواحد التمترس الواحد ضد الاخر , وظهرت على جباههم سيماء الايمان وقفزت على السنتهم كلمات غطاها التراب منذ زمن بعيد وهم يحاولون بذلك نيل الرضا من أولياء الامر. السؤال الذي نطرحه على كل من له الاهتمام بمستقل الثقافة العربية , لماذا تترسب بعقول وقلوب هؤلاء المثقفين رواسب البداوة والطائفية والمناطقية رغم كل ماقراؤه طيلة عملهم الثقافي , ولماذا لاتستطيع مؤسساتنا بقضها وقضيضها أن تصنع مثقفا خالي من هذه الامراض , وهل نحن عاجزون عن أنتاج جيل ثقافي يحترم الانسان وينحاز لقيم العدالة والمساواة , أتمنى أن لا نكون كذلك.