خبير إيراني : “تيار الحكيم” الجديد خطوة هامة على طريق ظهور العراق الحديث

خبير إيراني : “تيار الحكيم” الجديد خطوة هامة على طريق ظهور العراق الحديث

خاص : ترجمة – محمد بناية :

تركز وسائل الإعلام الإيرانية على القضايا الداخلية مثل, الاتفاق النووي والعقوبات الجديدة وغيرها، في حين تتغاضى عن متابعة خبر انفصال “عمار الحكيم” عن المجلس الأعلى وتشكيل “تيار الحكمة الوطنية”, وهو ما يعد تحولاً استراتيجياً ومؤثراً على السياسة الخارجية الإيرانية وربما يكون خطوة على طريق العراق الحديث, بحسب مقال الخبير والمحلل السياسي الإيراني البارز “صادق ملكي پور” عبر موقع صحيفة “الدبلوماسية” الإيرانية المقربة من وزارة الخارجية.

الهوية العراقية المفتقدة..

لقد فشل العراق في مراحل ما بعد الاستقلال و”صدام”, عن تجاوز الهوية القومية والدينية والوصول إلى هوية وطنية واحدة. كما فشلت السيادة السنية الطويلة والسلطة الشيعية قصيرة المدى في خلق عراق قوي. فالعراق الذي يعرفه العالم والمنطقة, عبارة عن صراع على الهوية الشيعية والسنية والكردية، ويعاني مشكلة في الحصول على هوية عراقية.

وتمثل خطوة “الحكيم”, باعبتاره أحد ممثلي السلطة الأقوياء في العراق، بتشكيل “تيار الحكمة الوطنية” والانفصال عن المجلس الأعلى, طليعة تجاوز العراق للانتماءات القومية والمذهبية. والواقع أن العراق في حاجة إلى التمرن على الديمقراطية وتجاوز الانتماءات القومية والمذهبية.

فالعراق يعدم وجود قائد صاحب كاريزما، وقد يمثل هذا الأمر للوهلة الأولى خطراً على العراق، لكن التحرر من كاريزما القادة والزعماء بالنسبة للعراق, والشرق الأوسط بصفة عامة, يمثل خطوة أولى على مسار التنمية السياسية.

“الحكيم” رجل القرارات الصعبة..

“الحكيم”, كما يقول “صادق ملكي پور”, ليس بنفس مستوى القيادات العراقية القوية وهو لا يدعي ذلك، لكن قرار الانفصال عن المجلس الأعلى قد يجعله رجل القرارات الصعبة والاستراتيجية.

إن خطوة “الحكيم”, وما سيترتب عليها من تطورات, يؤشر إلى أن أيام العراق بعد فتح الموصل ستكون حبلى بالكثير من التطورات العميقة. ولن يؤدي إحياء سيادة بغداد على الموصل إلى ضعف أو هزيمة “داعش”، ولكن يبدو أن العراق سوف يشهد تطوراً كبيراً بخطوة “الحكيم”.

عوامل نجاح..

لقد كان للمنهج والرؤية الخاصة والمختلفة لآية الله “السيستاني” للمشهد السياسي والإداري دوراً أسياسياً في ظهور العراق الجديد وحركة “الحكيم”.

وقد يؤدي النجاح العسكري في الموصل, بالتوازي مع خطوة “الحكيم” السياسية, إلى تقوية الهوية الوطنية في العراق وضعف وتراجع الدور المذهبي. صحيح أن تقديم تعريف للهوية العراقية الموحدة مازال يواجه تحدياً عربياً – كردياً, لكن التدبير والعقلانية والوعي الجمعي قد ينجح في الوصول إلى حل وسط. وبلاد ما بين النهرين تحتاج قبل أي شيء آخر إلى التخلي عن العصبية والانتماءات العرقية والمذهبية. ولن ينجح العراق والعراقيون, طالما يصنفون أنفسهم بالشيعة والسنة والأكراد, في الوصول إلى هوية واحدة, التي هي شرط أساسي في تحقيق الوحدة.

من هذا المنطلق ربما تكون خطوة السيد “عمار الحكيم”, بالانفصال عن المجلس الأعلى وتشكيل تيار الحكمة, مقدمة للتخلي عن الانتماءات المذهبية ودخول العراق مرحلة الهوية الوطنية.

ووجود عناصر قومية ومذهبية مختلفة في “تيار الحكيم”, كما أكد “صادق ملكي پور”, لن يحرر العراق فقط من خطر الانقسام, وإنما قد يعمل على بلورة الديمقرطية في الشرق الأوسط على المدى البعيد. وهذه التطور الذي ابتدأه “الحكيم” سيكون له تبعات داخلية وخارجية مختلفة تحث على مناقشة في حد ذاتها. لكن أهم تداعيات انفصال “الحكيم” عن المجلس الأعلى وتشكيل تيار الحكمة الوطنية, هو تغير علاقات “الحكيم” ورفقاه مع إيران.

دیدار اعضای شورایعالی حوزه‌‌های علمیه

وسيكون الانفصال عن إيران أو إعادة تعريف العلاقات في قالب جديد, وكذلك التقارب مع المملكة العربية السعودية, من جملة تبعات تشكيل “تيار الحكمة الوطنية” في العراق. وحال تكللت الخطوة التي بدأها الحكيم (الأقوى من أي تيار شيعي قوي في العراق) بالنجاح فقد تؤثر على الشيعة اللبنانية. ويتعين على مسؤولي السياسة الخارجية الإيرانية التفكير في تداعيات التطورات العراقية وآثارها ووضع الخطط لمواجهتها.

والجدير بالذكر أنه لم يكن يخفى على أحد قدرات التأثير الإيجابية والسلبية الإيرانية في العراق بعد العصر الصفوي. لكن لطالما كان هذا التأثير متذبذاً ومصحوباً بملاحظات مختلفة. لقد كان العراق بالأمس عدواً واليوم صديق استراتيجي لإيران. ونحن لم نكن نفكر في عداوة الأمس أو صداقة اليوم، وإنما كنا نتابع بنظرة متعددة الأوجه للحقائق السائدة في المشهد السياسي العراقي وضرورات التغيير وكيفية إداراتها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة