ما تدور اليوم من فوضى عارمة على جزء مهم من الوطن العربي , ومن تداعيات غاية في الاهمية والخطورة .تعود لسببين رئيسين معروفين للجميع يكرران نفسيهما وبصيغ مختلفة اشبه بالنبات الغير مرغوب فيه المغروس في الارض يخرج عنوة ويتكرر باستمرار رغم اجتثاثه . السبب الاول الحالة الاستعمارية , التي منذ ان خلقها الشيطان الى اليوم وستبقى مبنية على الطمع في خيرات الآخرين , الذي نتائجه الاحتلال والسلب والنهب وسرقة خيراتهم , مترافقة بالقتل والتدمير والاجرام . وهذا الحال سياسة وفهم فكري وثقافة مقبولة ومشروعة معمول به كنهج مشرعن لهذه الدول ” الاستعمارية ” .
بعد الحرب العالمية الاولى وسقوط الدولة العثمانية ” كدولة اسلامية ” تنتشر على رقعة جغرافية كبيرة وواسعة تمتد على ثلاث قارات آسيا وافريقيا واوربا . قامت الدول الاستعمارية المتآلفة والمتحالفة المعتدية والمتفقة فيما بينها قامت بتقسيم هذه الدولة وتشضيتها الى دول صغيرة متعددة بغية ادامة السطرة عليها لأطول فترة زمنية ممكنة . فأستعانت بمن ساندهم وعصى الدولة ” العثمانية الاسلامية ” وثار عليها متذرعاً بأقامة الدولة العربية فأختار الاصطفاف مع العدو المستعمر بدل الوقوف الى جانب الدولة الاسلامية , أملا في غايات شتى منها ذاتية فردية خاصة ومنها موضوعية معلنة وسرية . فكانت الغلبة لهذه الدول ” الاستعمارية ” وبالتالي تم تنصيبهم كملوك وحكّام وامراء , لكن شرط قيامهم بدور الوسيط بين الحاكم الفعلي المستعمر والمحكوم ” الشعوب ” فأصبح الحكام الذين نصبتهم الدول الاستعمارية المحتلة في وضع حرج لا يحسدون عليه . اذ عليهم الموازنة بين رغبات هذا ومصالح ذاك مجبرين لا مخييرين على ارضاء من نصبهم وساعدهم في الوصول الى مراكزهم التي هم فيها . ومن يجرأ ويعارض او يناقض من اتى به ” الدول الاستعمارية ” يكون مصيره الهلاك وهذا ما شاهدناه ونشاهده عبر التاريخ والى الآن . ضلت وستضل هذه ” المعزوفة والانشودة ” معمول بها الى اجل لايعلمه الا الله سبحانه . انبثقت تيارات وزعامات مختلفة حاولت الخروج على هذا السياق والتمرد عليه , لكن في النهاية كان مصيرها الفشل ونهاية قادتها الهلاك على يد الدول الاستعمارية المجرمة . والذي يزيد من الطين بلّه ان العالم يصبح جحيماً لا
يطاق عندما يسوده القطب الواحد , وخاصة القطب الاستعماري الارهابي المتطرف مثل ما نراه اليوم . تسوده الولايات المتحدة الامركية وريثة زعامة الاستعمار العالمي القديم .
دولة باغية بكل ما تعنيه هذه الكلمة أشد بغائاً وجرماً من سابقيها , فارضة سيطرتها وسياستها وخبثها على كل العالم شعوباً ودول . لم يسلم منها احد حتى من يحالفها ويسير بركابها . مستغلة الجميع لخدمة مصالحها الغير مشروعة , فلسفة مبنية على الخبث والحيلة والدهاء ضاربة عرض الحائط بكل القيم الانسانية شاهرة استعمال القوة المفرطة كوسيلة لاخافة وارهاب وارغام ولجم الجميع . حتى بات الشعب المُستعمَر لا يدري كيف يعيش , ” واذا اراد ان يثور لا يدري على من يثور” عليهم ام على نفسه ام على من يحكموه .والمذهل والمدهش اكثر الذي جعل الشعوب تعيش مشلولة لا تدرك ماهو الصح وما هوالخطئ . يُنصّبونَ ويمكّنون أحزاب وجماعات وحركات واشخاص تعاديهم ” الدول الاستعمارية ” في العلن وتتوافق معهم في السر وتسير بركابهم وتخدمهم وتخدم مصالحهم , وهؤلاء ” الحكام العرب ” يدينون وينتقمون من كل من يحاول من شعوبهم الخروج او فضح نوايا هذه الدول الباغية انها فعلا ” الكارثة ” جندوا قسم كبير لا يستهان به من السياسين والمفكرين والمثقفين ورجال الدين ووسائل اعلام وبيوت مال وشركات . لتكون في خدمتهم وتعمل بأمرهم وتنوب عنهم في مواجهة من يعارضهم ويعاديهم . الدول الاستعمارية تعمل على ادخال شعوب العالم في متاهات ليس لها طريق معلوم وواضح للخروج منها . مثل بسيط من هذه ” الملهاة التراجيديا “يعجز العقل البسيط الغير فطن
ادراكها . العراق مثلاً منذ احتلاله عام 2003 ولحد ظهور داعش وتواجدها فيه عام 2014 الاموال التي تبعثرت وتبخّرت بين هذين التاريخين لو استخدمت بشكل آمن ونزهيه وصحيح كان بأمكانها ان تبني دول وتغني شعوب , والاموال التي صرفت وبذخت على محاربة ” صناعتهم داعش ”
كان بالامكان ان ترتقي بالعراق الى مصافي الدول الكبرى من ناحية البناء والاعمار وتوفير فرص العمل ورفع دخل الفرد الى مثيلاتها في الدول المتقدمة وان تجعله يعيش في بحبوحة يحسده عليها الجميع لكننا نرى ان كل ذاك كان ” هواء في شبك ” حال مرسوم له يبقى الفرد العراقي يلهث وراء توفير الماء والكهرباء وفرصة العمل وتوفير لقمة العيش بصعوبة لا بل حتى فقد داره ومسكنه الذي كان يئويه واجبر على النزوح من منطقة سكناه ماسحاً يديه في الجدار ومن رفض ذلك فهو ” ارهابي ” وعليه مناطحة الصخور . هذا هو الاستعمار وهذه هي اميركا وقبلها كانت بريطانيا وفرنسا وايطاليا ودول الاستعمار الاوربي الغربي واليابان وغيرهم . هذه هي شواهدهم وهذا هو ما يفعلونه . الانسان في نظرهم حيوان ناطق مختلف الاجنساس والالوان والسلالات اشبه بالكلاب . وهم الافضل كبشر. لذا على الجميع خدمتهم وتسخيرهم لذلك . على شعوب العالم وخاصة العربية والاسلامية معاملتهم بالمثل لأنهم لا يفهمون مبدئاً غيره علينا ضربهم بمثل ما يضربوننا من يقتلنا جزائه القتل والمعتدي يعتدى عليه ومن يخرّب ديارنا علينا تخريب دياره غير هذا المنطق لا يفهمون ولا يحترمون , عاملوهم بمثل ما يعاملونكم والعكس وارد وصحيح . من يتكلم بهذا المنطق سيدّعون عليه ويوسمونه بالإرهابي . لأن الارهاب شماعة لتعليق مجازرهم الارهابية وعدوانهم عليها . على الحكام العرب إن كانوا ” صادقين
وشجعان واصحاب مبادئ ” ان يتفقوا على تحديد مصالح الامة العربية والشعب العربي والعمل على حمايتها وصيانتها والذود عنها . وان تكون من الثوابت والمشتركات التي تجمع الجميع , عند ذلك سينكسر حاجز الخوف والتردي ويعززون مكانتهم بين الامم . ومن لا يستجيب من الحكام عليهم
فضحه .