19 ديسمبر، 2024 12:47 ص

السعودية تتلاعب بعدادات الشيعة…!

السعودية تتلاعب بعدادات الشيعة…!

لست ممن يعتاش على إحداثيات مواقع البحث والتواصل الإلكترونية، أو على عواجل الفضائيات، وشريط أخبارها، بقدر ما أتخذ لي زاوية بعيدة عن الحدث..! ليتسنى لي وضوح معالم المشهد، ما يحدث في السعودية اليوم وبالأحرى ما يقوم به ولي العهد (محمد بن سلمان)، يشبه الى حد كبير، ما قام به “معاوية إبن ابي سفيان” في صفين، حيث تسلل في حبكة وعتمة الليل وتسارع الأحداث، ما بين معسكره ومعسكر “إبن ابي طالب” الى خيام قادة وأقطاب الشيعة، فعلق فوق رأس كل واحد منهم كيس ملؤه الذهب والدنانير، ليخرجه الى جنبه ويتخلى عن ثوابته وبيعته لعلي…!

يرى “محمد بن سلمان” بأن السياسة والمكر بإستطاعتها تغيير ثوابت الشيعة في العراق، عكس ما كان يتصوره والده “الملك سلمان” فعمد على إستقطاب رؤوس الشيعة..! بدل أن يتركهم ليلقوا أنفسهم في أحضان إيران، سياسة مبطنة مفادها خلق خلاف وانشقاق (شيعي عربي – شيعي فارسي)، أما ظاهرها فيعده المتابعون بأنه انفتاح عربي سعودي، ومن حسن حظ “ولي العهد”، ودهاء سياسته ودقته في الاختيار، كان السيد “مقتدى الصدر” صاحب القاعدة الجماهيرية المتحركة،أول ضحية تحيطها شباك تلك السياسة..؟! فهل “الصدر” ضحية إستغفلها واستدرجها السعوديين لشباكهم..؟ أم إنه وجد في خيمته ثمن الالتحاق بالجانب السعودي..؟

لست ممن ينكر الدور الإيراني الفعال والمؤثر في العراق، وبالمقابل ليس هنالك من ينكر الدور السعودي والخليجي والتركي والأميركي في العراق أيضا..! العراق اليوم ساحة للتصارع، ويدفع الشعب ضريبة ذاك التصارع والتناحر، ولكن المسألة التي يجب الوقوف عندها، هي يجب ان نحدد تلك الأدوار، من منها إيجابي..؟ ومن منها سلبي..؟ ومن منها سلبي بنسبة..؟ ومن منها إيجابي بنسبة..؟.

إقتصر الدور السعودي على محاور رئيسية، أولها رفض الحكم الشيعي في العراق، فبدأت بتحريك ممثلي المكون السني بعصي الإنتماء، وعندما فشلت بذلك، راحت تلعب على وتر الطائفية والإقتتال، بفحوى ابراز الهوية السنية وإشاعة مظلوميتهم في العراق، ومن ثم التأسيس الى خلق معارضة سنية سياسية ومنصة جماهيرية..! تأخذ على عاتقها اسقاط الحكومة الشيعية في العراق..! مع استمرار تجند ألاف المرتزقة ومئات الانتحاريين والسيارات والأحزمة الناسفة ومليارات الدولارات..! من اجل احداث الفوضى وزعزعة الامن في المناطق والمحافظات الوسطى والجنوبية، بغية تحريك وتذمر الجماهير الشيعية من اجل الضغط على الحكومة والتظاهر ضدها، بحجة عدم توفر الامن في محافظاتهم، وبالتالي الرضوخ والقبول بالحكم السني من جديد، ثمنا لإنهاء مسلسل الدم والقتل..!

إقتصر الدور الإيراني في العراق، من خلال الاحزاب والكتل والتيارات المرتبطة بها، والمشاركة بالحكومة من جهة أخرى، وكان الدور الايراني يطمح الى ترسيخ الحكم الشيعي في العراق..! والعمل على إنهاء وتقليص النفوذ الخليجي والتركي في المنطقة، وبذلك يعتبر العراق هو جوهر الخلاف..! لما يحمله من جماهير يشطرها المذهب الرسمي للدولتين ( الايرانية والسعودية).

كان ولازال الدور الايراني يتجسد في مساندة حكومة العراق، في التخلص من عصابات داعش، وذلك بتوريد الاسلحة والمستشارين العسكريين للمساعدة في الحرب، ويرى بعضهم بأن محاربة ايران لعصابات داعش على أرض العراق غير مشروعة وغير مبررة، ولكن يرى الإيرانيون، بأن مصلحة بلادهم وامن دولتهم، وضمان حكومة شيعية في العراق، يقتضي تلك الحرب، كما تفعل روسيا مع سوريا، أو السعودية في اليمن، مع الاخذ بالاعتبار إنها تعمل على وقف التمدد الخليجي نحوها…!

السيد “مقتدى الصدر” ومن خلال زيارته الأخيرة للسعودية، أقحم الحكومة العراقية في مأزق كبير، “الصدر” ما كان بالدهاء الذي يكنه السعوديين، التغريدة التي نشرها وزير الدولة للشؤون الخارجية “ثامر السبهان” في تويتر، اظهرت معالم سياسة الجانب السعودي، وبينت بأن “الصدر” كان طعم ولقمة سائغة، تعمل الحكومة السعودية على تحقيق مآربها من خلاله…!.

التغريدة التي تقول:(أؤمن بأننا يجب أن نفرق بين المذهب الشيعي الأصيل ومذهب الخميني المتطرف الجديد(..! أراد أن يبين من خلالها، بأنهم استطاعوا استمالة شيعة العراق، وعزلهم عن إيران..! وبذلك هم يؤمنون بأن إيران باتت دولة منعزلة حتى من الجانب العراقي، القريب منها مذهبيا وجغرافياً..! أضف الى ذلك بأنها كانت رسالة مستعجلة الى الدول الكبرى الداعمة والمتحالفة مع السعودية، بأنها نجحت في مهمتها بتفريق وحدة الصف الشيعي بغية تحجيم الدور الإيراني في المنطقة..! وإن لها ذلك متى وكيفما أرادت ذلك..!

وأخيراً أقول: بعدما فشلت السعودية، في إسقاط الحكم الشيعي، من خلال تجنيد الانتحاريين وإرسالهم للعراق، بدأت بتجنيد أقطاب وقادة الشيعة..! أرادت من “عمار الحكيم” بأن يكون بوابتها بذلك، ولكن الاخير اشترط ما يمكنه من رفض الدعوة..! فكان يرى في إستمالته ضربا للعلاقة وتمزيق للنسيج الايراني العراقي، ولأنها لم تجد الفرصة مناسبة ومجدية مع السيد ” المالكي” لعبت على وتر السيد “الصدر” الذي يرى إيران وجود غير مرحب به، ولسبب واحد فقط، ألا وهو دعم إيران لوحدة التحالف الوطني المعنى بالبيت الشيعي عامة..! وحزب الدعوة والسيد “المالكي” بصورة خاصة، خصوصا وأن السيد “الصدر” يرى بالسيد “المالكي” العدو الذي لا تغفر خطياه، ودعوة السيد “الصدر” لمظاهرات حاشدة..! عشية رجوعه من السعودية، لربما تعبر عن اول الغيث، لما يحمله من أملاءات يراد منه تطبيقها على آرض الواقع السياسي…!