لايختلف اثنان على ان خروج المهندس محمد علاوي وزير الاتصالات من الحكومة العراقية يعني بان اخر كفاءة وطنية متميزة قد خرجت من الحكومة العراقية وبذلك تكون السلطة التنفيذية قد افرغت تماما من الكفاءات الوطنية والمثقفين وذوي الاختصاصات بعد ان ابعد العديد منهم من مناصبهم بشكل منهجي خلال السنوات التي تلت سقوط النظام السابق . ويعد هذا انتصارا لقوى الجهل والتخلف التي تقود الحكومة العراقية مما انعكس على الاداء الحكومي, ولاشك ان الخاسر الاول والاخير هو الشعب العراقي الذي يقف في حيرة من امره ويعبر عن الندم في انتخاب مرشحيه الذين اصبحوا اما وزراء او اعضاء برلمان وتبين بانهم لايمثلون تطلعاته وانما يمثلون مصالحهم الشخصية .
ان ابعاد الكفاءات الوطنية واحلال الجهلة والمتخلفين محلهم يعتبر اجندة اقليمية ودولية تنفذها الحكومة بشكل دقيق ومنهجي حرصا منها على المناصب التي استولت عليها بترحيب اقليمي ودولي لتنفيذ الاجندة المارة الذكر .
لناخذ اولا الامانة العامة لمجلس الوزراء , ونبدا من امين عام مجلس الوزراء علي محسن اسماعيل العلاق , خبراته وكفاءاته تنحصر في بيع لعب الاطفال والطائرات الورقية في شوارع مونتريال لمد ثمانية عشر عاما وقبل ذلك كان كاتب حسابات في شركة اهلية في الكويت , بهذه الخلفية هل نتوقع منه ان يساند الكفاءات الوطنية او ان يعرف كيف يعمل في الامانة العامة لمجلس الوزراء او ان يعرف القواعد والقوانين ؟ يقول ان المستشارة هيام الياسري عينت بقرار من مجلس الوزراء وعليه فلا يحق للوزير مطالبة نقلها الى اية جهة اخرى !! تصورا هذا مايقوله من يطلق عليه امين عام مجلس الوزراء . علما بان المعروف ان الوزير المختص هو من يرشح المستشار للوزارة ويطرح على مجلس الوزراء وبعد موافقة مجلس الوزراء يرفع الى مجلس النواب لاستحصال موافقة مجلس النواب وبذلك يتعين المستشار لانه من الدرجات الخاصة وهذه الدرجات مرهونة بموافقة مجلس النواب. والملاحظة المهمة هنا ان المستشارة هيام الياسري لم يصوت عليها البرلمان وبذلك فان الوزير يستطيع ان يطلب من مجلس الوزراء سحب ترشيح السيدة هيام من منصب مستشار , هذا ما لايدركه امين عام مجلس الوزراء الذي رفض مجلس النواب ان يصوت عليه بالموافقة كأمين عام المجلس لعدم كفاءته لذلك فهو لحد الان امين عام بالوكالة لذلك فان تصريحاته مجرد كلام لايستند على موضوعية او قانون لانه لايفقه من امر الامانة العامة شيئا, كما ان علي العلاق استخدم كبيدق بيد رئيس الوزراء لضرب اية كفاءة قد تحصل على ثناء الشعب العراقي او انها ستحقق انجازا مهما لان ليس هناك خيار امام الامين العام لمجلس الوزراء وذلك لان من مصلحته ان لا يكون هناك من هو كفوء يفضح امكاناته وعدم كفاءته وهذا ما يفسر ترحيبه باستقالة وزير الاتصالات وتصريحاته الهزيلة التي اشرنا اليها , وهذه ليست اول مرة في التشهير ومحاربة الكفاءات الوطنية , وهذا ما يفسر ايضا لعبته القذرة مع حسين الازري مدير المصرف التجاري العراقي والذي يعد من المصرفيين المعدودين في العالم وكان رجال الاعمال سواء في الداخل او الخارج لايثقون الا بالمصرف التجاري العراقي نتيجة سياساته المصرفية وفق السياقات العالمية مما دفع الحكومة باستخدام بيدقها العلاق لمحاربته وتلفيق امور لاتمت الى الواقع بصلة , وقبل ذلك حارب ايضا احمد البراك مدير الاراضي لانه وقف بوجه بيع وتصرف الامين العام بالاراضي الحكومية وخاصة تمليك اراضي وشقق ودور في المنطقة الخضراء لاشخاص معينين ومرشحين من رئيس الوزراء وحزب الدعوة .
وناتي ثانيا الى رئيس مجلس الوزراء , الذي اشترط بان تقدم كل كتلة اسماء ثلاثة مرشحين للمنصب الوزاري الواحد ليختار هو الوزير الذي يجده مناسبا للوزارة , ولو تفحصنا الوزراء المختارين من قبل رئيس الوزراء لوجدناهم اقل كفاءة من الاثنين الاخرين المرشحين لنفس المنصب , وهنا يتحمل رئيس الوزراء عمل الحكومة كاملة بفشلها او ايجابياتها لانه هو الذي اختارهم , وعليه فان الوزارات الامنية لم يقبل رئيس الوزراء باي واحد منهم لان ما رشحته القائمة العراقية كانوا كلهم اكفاء مما حدا برئيس الوزراء برفضهم تماما حتى عندما تم ترشيح جواد البولاني لم يقبل به رئيس الوزراء لانه من الوزراء الكفوئين وذو شخصية مقبولة , وتصورا مثلا هو يرشح عن حزب الدعوة علي الاديب لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لانه يعرف امكانياته المتواضعة حيث كان معلم مدرسة متوسطة في كربلاء و لايعرف كلمة واحدة باللغة الانجليزية وبذلك لايمثل كفاءة معينة ولا خبرة اكثر من التدريس في متوسطة متواضعة , بينما يزخر العراق وحزب الدعوة بالذات بكفاءات عالية الا انه كما ذكرنا لابد من ابعاد الكفاءات الوطنية وهو منهج يطبقه رئيس الوزراء وبائع لعب الاطفال بدقة متناهية , وما ابعاد المهندس محمد علاوي الا اخر كفاءة تغادر العمل التنفيذي المهم في الحكومة العراقية , وسؤالنا هو لرئيس الوزراء اين الكفاءات الوطنية التي ابعدت من يوم تسنمك رئاسة الوزراء كلها اجبرت على مغادرة العراق لانه لم يكتف باخراجه من منصبه وانما الايعاز الى بيدقه العلاق لخلق مشكلة او قضية تؤدي الى التحقيق والقضاء ولا يهم بعد ذلك ان تظهر القضية صحيحة ام لا الا ان المهم ان هناك قضية والسبب هو اجباره للخروج من العراق . واذا كان الامين العام يقول بان التحقيق في قضية الوزير المستقيل ستستمر فلماذا ملف الفساد بالوثائق والاثباتات التي رفعتها النائبة السابقة شذى الموسوي ضد امين عام مجلس الوزراء والامانة العامة لم تفتح بل اغلقت بمجرد رفعها الى رئيس الوزراء ؟ انه الملف الذي يشهره رئيس الوزراء بوجه الامين العام كلما تقاعس عن تنفيذ الاوامر .
ثالثا مجلس النواب , هذا المجلس الذي خيب امال العراقيين جميعهم بمختلف طوائفهم واتجاهاتهم , فهو يهتم بقانون منع التدخين في الاماكن العامة ويتجاهل ضرب الكفاءات الوطنية التي هي عماد الدولة وتطويرها , كان الاجدر بهذا المجلس ان يخصص جلسة لمناقشة كتاب الاستقالة لوزير الاتصالات ويوبخ الجكومة ورئيسها وامينها العام , ويطلب من الوزير العدول عن الاستقالة وينتصر للحق والعدل وهكذا كان على المجلس ان يعقد جلسات استثنائية عندما يتعرض العراقيون الاكفاء او الوزراء المخلصون الى اهانات من السلطة التنفيذية وبيادقها لان البرلمان يمثل كل عراقي على الاطلاق , وان ضعفه ادى الى التمادي في اتخاذ قرارات مجحفة سيحاسب التاريخ عليها , وادى ضعف البرلمان الى فقدان هيبته ومصداقيته امام الشعب وترى يستدعي وزير التعليم العالي ويرفض الوزير الاستدعاء ويسكت الجميع لانه من حزب السلطة وعندما يمتنع وزير الخارجية من الحضور لجلسة الاستضافة يقال بان البرلمان سيقيل الوزير , اية ازدواجية نحن فيها , ان نفسي ان ارى العراق دولة ودولة مؤسسات لا شرذمة متملقة وقرارات ارتجالية وبرلمان خائب وشخصيات لاتملك خبرات واختصاصات تتربع على مناصب حساسة وكأن العراق يقوده باعة متجولون, ان الشعب العراقي ينتظر اليوم الذي يرى فيه هؤلاء الاقزام وراء القضبان يحاكمون على اهانتهم لابناء العراق الغيارى وتنفيذهم لاجندات خارجية لابقاء العراق متخلفا عن ركب العالم المتطور .