حرص التشريع الإسلامي على اعطاء العقل مساحة واسعة من حرية التفكير من أجل الوصول للحقيقة وكبح جماح العاطفة التي كان من نتائج الانقياد لها والتسليم لدعوتها هو اتخاذ آلهة من دون الله وادعاء الربوبية. باضفاء صفة القداسة على المخلوق حتى وإن كان عجلا جسدا له خوار.
كانت دعوة الأنبياء عليهم السلام غير مستندة على الإكراه والجبر. إنما اتخذت الحث على التفكر والتدبر وإعمال العقل وتوظيف طاقاته سمة جلية نصل من خلالها لخفايا الامور.
ومن يتابع دعوتهم يلمس ذلك من خلال النصح والإرشاد وتوعية اقوامهم بالتوجيه الهادئ بلا ملل ولا كلل فكانت النتيجة إيجاد الجماعة الصالحة الحاملة لمشعل الهداية الربانية في كل عصر.
لا ينحصر ذلك بوجود النبي المسدد من قبل الله بل تعداه إلى الازمان المتأخرة عن زمن التشريع وغياب القيادة المعصومة.
إلا أن تلك الجماعة الصالحة التي بذلت جهود وتضحيات من أجل إيجادها وأريقت دماء زكية بغية ديمومتها من الطبيعي ان تتأثر بأوضاع ومعطيات وردود فعل هي حصيلة عوامل غير متأثرة بأيام محن وارهاصات عاشتها تلك الجماعة.
تبدو بنظر الأجيال اللاحقة انها جماعة تقليدية نفعية وغير مواكبة للحداثة.بل تتهم أحيانا بأنها غير صالحة.
هذا بحد ذاته غبن يقع على شخوصها من قبل المتأخرين حيث يتم تناسي الجهود والتضحيات والخبرة والأدهى من ذلك هو الاتهام بالانحراف العقائدي.
خصوصاً عندما تكون تلك التقييمات الغير منصفة ممن كانوا في اصلاب اباءهم ولم يواكبوا ولن يعايشوا ايام المحن والتحديات التي مرت على الجيل السابق. والذي كان البعض بالأمس القريب يتفاخر بتلك الأسماء ويروج لمواقفهم المشرفه عندما يساء لهم من قبل مسميات منافسة.
من دلائل احترام الإنسان لعقله هو أن لا يكون متناقضا.ومن أبرز تجليات هذا التناقض هو النقد اللاذع والتجريح والإساءة واتهام بالخيانة لمن كنت انا وانت بالامس من أشد المدافعين عنه ومن المتفاخرين بنزاهته وانجازاته .
لذا يجب علينا تلقي ماحصل برحابة صدر .ولكل خياره في اتباع الوليد الجديد او البقاء على ايمانه بالطريقة التقليدية.
لكن علينا الأخذ بنظر الاعتبار متغيرات الزمن واحتمال خلو الساحة من رموز شارفت على توديع الحياة مكللة بالعطاء الذي كان محط فخر المنصفين سيما وانه من الحكمة إعطاء الأجيال الفتية دورها في أخذ زمام المبادرة لان (اولادكم ولدوا لزمان غير زمانكم)وهذا يجب ان لا يكون خافيا على الفريق التقليدي. والنظر اليه على انه حالة طبيعية لكم جزء من الأثر النبيل والتأثير الإيجابي في صناعة وصياغة الشخصية الفتية كونكم كنتم رموزا يقتدى بها.واسماء طالما أعطيت الوقت الكثير سجالا وتاملا واعجابا بحركتكم ومواقفكم .
فما عليكم سوى مباركة وليدنا الجديد وتهنئتنا بحكمتنا التي تأخرت ولم نسمعها منكم رغم مباركة الكثيرين لنا ممن نختلف معهم انتماءا وقومية.
وحري بالفريقين كبح جماح ردة الفعل الانفعالية التي لا تليق بهذا العطاء المشرف والابتعاد عن لغة التخوين والاتهام. والنظر إلى المصلحة العامة التي افنيتم سنوات طوال من اجل إرساء اسسها ولا اراكم الا أهل لذلك. …….