خاص : ترجمة – محمد بناية :
أعلن “عمار الحكيم” الخروج رسمياً من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بتاريخ 24 تموز/يوليو 2017, معلناً تأسيس منظمة سياسية جديدة باسم “تيار الحكمة الوطني”. هذا التيار الجديد الذي خلا من “الإسلامي” قد يعتبر نوعاً من البلوغ والخروج من العباءة والقوامة الشيعية والأبوية الإيرانية. كما يرى أحدث التقارير الصحافية التي نشرها موقع “راديو زمان” التابع للمعارضة الإيرانية في هولندا.
المجلس الأعلى الإسلامي لأسرة “الحكيم”..
تأسس في إيران “المجلس الأعلى العراقي” عام 1982, بهدف الاطاحة بنظام “صدام حسين”. ولطالما ارتبط اسم هذه المنظمة بأسرة “الحكيم” التي لعبت دوراً أساسياً في إنشاء المجلس الأعلى.
وبخلاف “هاشمي شاهرودي” الذي ترأس المجلس الأعلى مدة ثلاثين عاماً، ترأس المجلس من أسرة الحكيم “محمد باقر” ثم شقيقه وأخيراً “عمار الحكيم”.
و”محمد باقر” هو نجل المرجع الشيعي السيد “محسن الطباطبائي الحكيم”, رئيس الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، وحفيد السيد “مهدي الحكيم” المرجع الشيعي التقليدي اللبناني. وقد حظى “محمد باقر” بمكانة متميزة عند الشيعة العراقية بخلاف علاقته القوية مع آية الله “الخميني”. عاش “محمد باقر” مدة 23 عاماً في إيران.
بعدها تم نقل أعضاء المجلس الأعلى للعراق, بعد الهجوم الأميركي وسقوط “صدام حسين”، ليتحول المجلس رغم الخلافات الداخلية إلى أكبر كتلة شيعية في مجلس النواب العراقي. وباغتيال “محمد باقر” في آب/أغسطس 2003 بالنجف، تولى شقيقه “عبد العزيز الحكيم” رئاسة المجلس قبل أن تنتقل الرئاسة إلى نجله السيد “عمار الحكيم” عام 2009 طبقاً للتقليد المتبع داخل المنظمة.
هذا الشباب اليافع الطموح..
خلقت وفاة “عبد العزيز الحكيم” تحدي كبير في هيكل “المجلس الأعلى العراقي”. وكانت أول مشكلة هي حداثة “عمار الحكيم”. فقد كان شاباً على قيادة هذه المنظمة القديمة التي يكثر كبار السن في هيئتها الرئاسية.
وبانتقال الزعامة إلى “عمار الحكيم”، ترك بعض الأصدقاء القدماء في المنظمة مواقعهم للشباب بشكل تدريجي. وبالخروج من المشهد السياسي انتقدوا توجهات القائد الجديد للمجلس الأعلى العراقي.
وفي هذا الصدد يمكن تقييم زيارة عدد من أبرز أعضاء المجلس, ومنهم “جلال الدين الصغير، باقر الزبيدي، عادل عبد المهدي وحامد الخضري”, إلى طهران تحت بند المنافسات بين الأجيال. وكانت الزيارة تهدف إلى فرض المزيد من الضغوط على “عمار الحكيم” عبر إيران. مع هذا لا يمكن تجاهل الشق الاقتصادي لتلكم المنافسات وتقسيم المصادر والفرص المالية التي انتقلت إلى أعضاء المجلس بعد سقوط “صدام”، حيث يسيطر المجلس على عدد من الوزارات المهمة كـ”النفط والداخلية والاقتصاد والإسكان”، ناهيك عن خضوع كثير من القيادات المحلية في المحافظات الجنوبية لنفوذ المجلس. وتتجه معظم التكهنات إلى مشاركة عدد من الأعضاء القدماء في انتخابات 2018 بشكل مستقل.
لكن “عمار الحكيم” استبق الأحداث وأعلن عن تشكيل تيار سياسي جديد بعد الخروج من “المجلس الأعلى العراقي”. وهذه الخطوة تعكس فشل الجهود الإيرانية لحل الخلافات داخل الهيئة العليا للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي. ويُقال إن المسؤولين في إيران ساخطين على “عمار الحكيم” ويعتقدون انه لم يتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً في المنازعات الإيرانية السعودية. وتفيد الأخبار اشتراط السعودية لإعمار الموصل فك الارتباط العراقي مع إيران. وقد تمثل هذه المساعدات فرصة ذهبية بالنسبة للحكيم. حسب ما أفاد تقرير الموقع الإيراني.
من ذهب ؟.. ومن بقى ؟.. وماذا بقى ؟..
أعلن “عمار الحكيم” خبر الانفصال عن “المجلس الأعلى العراقي”, وفي خلفية المشهد 8 أعلام عراقية وصور الأب والعم والجد، مستخدماً اللون الأزرق بدلاً من الأصفر (الذي يرمز للمجلس الأعلى).
وقد أعلن عدد كبير, حتى الآن, من التيارات والفصائل السياسية بينهم الكتلة البرلمانية “الموطن” وتجمع الأمل والحركة التركمانية, عزمهم الانضمام إلى “تيار الحكمة”. وقد خلا عنوان التيار الجديد من الرابطة “الإسلامية”. وهو ما يمكن اعتباره تحولاً من الأيديولوجية إلى البراجماتية، أو البلوغ والخروج من العباءة والقوامة الشيعية والأبوية الإيرانية كما تصفه صحيفة “الشرق الأوسط”.
ولا شك أن تركيز هذا التيار الجديد سوف ينصب على المشهد العراقي الداخلي. ويحمل التيار الجديد شعار “التعاون بدل الحرب” وكلمات رئيسة مثل “الوسطية” و”البناء”.
فهل يخرج “هاشمي رفسنجاني” المجلس الأعلى العراقي ؟.. أغلب الظن أن الكثير من ممتلكات المجلس الأعلى من مكاتب وقنوات تليفزيونية وأماكن الإقامة (التي كانت تخص يوماً ما صدام حسين) سوف تنتقل مع “الحكيم” إلى التيار الجديد. لكن هذا لا يعني نهاية “المجلس الأعلى العراقي”، وسوف يشارك بعض أعضاء المجلس بينهم “حامد الخضري وهمام حمودي والسيد صدر الدين قپانچي” في الانتخابات العراقية المقبلة تحت لواء “المجلس الأعلى العراقي الإسلامي”.