ما أجمل الامثال الشعبية في الموروث اﻷفريقي المستقاة من صراع الانسان مع الطبيعة من حوله ولعل من أروع امثالهم التي تصدق على الفرقاء السياسيين والهائمين في ركابهم عراقيا عن قصد وسوء طوية او من دون قصد ، قولهم ” إذا اتحد أفراد القطيع، نام الأسد جائعًا ..واعلم ان زئير الاسد ﻻيقتل فريسة “،وقولهم ” فى الغابة، تتخاصم الأشجار بأغصانها، لكنها تتعانق بجذورها “، فيما يصدق على التصريحات النارية غير المحسوبة التي تأبى معانقة الجذور والمشتركات ، قولهم ” لو تحول فمك إلى سكين فسوف يقطع شفتيك”.
قبل ايام إنتقدت رئيس كتلة ارادة ، النائبة حنان الفتلاوي ، – بصرف النظر عن رأيي الشخصي بموقفها من رئيس الوزراء الحالي ، حيدر العبادي ، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي ، فضلا عن آرائها وتصريحاتها التي تدونها على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أو التي تغرد بها على تويتر أو التي تدلي بها في لقاءات متلفزة أوتحت قبة البرلمان بين الحين والاخر والتي تثير جدلا ﻻيهدأ بين مؤيد لها ومعارض ، فهذا ليس موضوعنا البتة في هذه العجالة ولكل مقام مقال – أقول لقد وجهت الفتلاوي نقدا ﻻذعا الى مايسمى بسفيرة النوايا الحسنة، الإيزيدية العراقية ، نادية مراد، بعد زيارتها الى الكيان الصهيوني وﻻ أقول اسرائيل ، مؤخرا بالتزامن مع اغلاق بوابات المسجد الاقصى المبارك ، أولى القبلتين وثالث الحرمين ، ومنع المصلين من دخوله ورفع الاذان والصلاة فيه ﻷول مرة منذ هزيمة حزيران 1967 التي اعقبت جعجعات – وهنبلات – عبد الناصر وبوقه الاعلامي الكذاب اﻷشر – احمد سعيد – في اذاعة صوت العرب من القاهرة التي تتطابق مع – هنبلات شبيهه الصحاف – في فندق الميليا منصور ، مغردة : “نادية مراد في الكنيست الإسرائيلي!.. هل يُعقل أن تبحثي يا نادية عن حقوق الإنسان في إسرائيل؟”،
الحقيقة وعندما قرأت التغريدة قلت في نفسي وباللهجة الدارجة ” يعني هذي يرادلها روحة للقاضي ..اكيد كل عراقي مستغرب ومستهجن ذهاب مراد العراقية الى – بيت الشر – الصهيوني بالتزامن مع اغلاق الاقصى وقتل وجرح المصلين بالرصاص الحي والمطاطي وغاز الفلفل المسيل للدموع وان لم يفصح عن ذلك ..فهذا من المعلوم بالدين والعرف والقانون بالضرورة على مستوى العراق والامة العربية ، وارض فلسطين الحبيبة تحتضن رفات مئات الشهداء العراقيين في مقابر جنين وحيفا ويافا ممن سالت دماؤهم الزكية لتروي ارضها الطاهرة التي مشى فوق ثراها الانبياء ” إﻻ انني غيرت رأيي حين صعقت بـ – 6000 أمبير – وسط مغطس مياه موحل دفعة واحدة وأنا أقرأ رد مايسمى بالناطق الرسمي لعشائر نينوى ، مزاحم الحويت، في صفحته على مواقع التواصل الإجتماعي، حين قال وبالحرف (نحن كعشائر عربية في نينوى نرحب بزيارة الناجية الازيدية نادية مراد الى اسرائيل …. نحن ليست لدينا أية خصومة مع اسرائيل، بالعكس نحن نشيد بزيارة مراد الى اسرائيل… نحن نحب ان تكون لنا علاقات طيبة مع اسرائيل وليس من مصلحتنا معاداتها !!) كلمات لم اسمع بها على لسان عراقي قط ماحييت ولو كان من اسفل السافلين ، ليظهر بعدها ” كلب من كلاب بني صهيون وما اكثر كلابهم واعني به الباحث الإسرائيلي أيدي كوهين، ليقول ” لا استغرب ان تجهل الفتلاوي وامثالها ان اسرائيل بلد حقوق الانسان – هلووو ياب ..دك عيني دك – ﻷنهم ببساطة فقدوا انسانيتهم منذ الولادة فنحن عندما نسعف ونعالج – الارهابيين الفلسطينين – وهم في نفس اللحظة قاموا بقتل مواطنينا المدنيين فنحن بلد حقوق الانسان…اذا كان بيتك ارق من الزجاج فلا ترمي البيوت الفولاذية بالحجارة!!”.
ما جعلني استدرك فما بعد الادراك سوى الاستدراك ، واحدث نفسي ثانية ” ﻻﻻﻻﻻ اخوية، المسألة فعلا يرادلها روحة للقاضي والى ابي جد جد القاضي ﻷن ماينلبس عليها عكال وﻻ عمامة وﻻ سدارة وﻻ طربوش وﻻقبعة فرنجي !” .
كل ما قيل وماجرى صعقني ، رد الحويت ، تعليق كوهين، ذهاب مراد الى الكيان الصهيوني وفي هذا التوقيت الكارثي وكأنها تريد ان تقول بلسان الحال ﻻ مقالها هي والمنظمة الدولية التي تمثلها – طز بالعرب والمسلمين وبمقدساتهم ومعاناتهم وبحقوق الشعب الفلسطيني وأراضيه المسلوبة حاشاهم – وكأنها تريد هي ومن ارسلها محو 70 عاما من عمر الصراع العربي الاسرائيلي والانتهاكات الصهيونية النكراء التي يشهد عليها القاصي والداني – صوت وصورة – في الارض التي باركها الله تعالى وماحولها ، مسرى الحبيب الطبيب ومعراجه ، صلى الله عليه وسلم .
ولطالما وانا المتابع للبرامج والافلام الوثائقية الى حد الوله عموما ولما يتعلق منها بالحربين العظميين الاولى والثانية والحروب الكورية والكمبودية والفيتنامية والحروب الاهلية اللبنانية والاسبانية واليونانية والرواندية والسودانية والصومالية والافغانية وحاليا اليمنية والسورية والليبية ومجازر الاستعمار البريطاني والبرتغالي والفرنسي والهولندي ، والفصل العنصري في جنوب افريقيا ومجازر البوسنة والهرسك وغيرها العشرات تحديدا خلصت الى نتيجة مفادها ان كل فيلم وثائقي او صور توثق جرائم ضد الانسانية ومن اية نوع ستظل عالقة في الذهن والارشيف لتلاحق مرتكبيها والدوافع الايدولوجية والاثنية والعنصرية التي تقف خلفها أيا كانت وفي اي – زمكان – حتى ان الكيان الصهيوني يبتز المانيا الى يومنا هذا من جراء صور ومقاطع لما يسمى بمحارق النازيين ضد اليهود – ، الصراع بين الصين واليابان مازال محتدما بسبب افلام كهذه وثقت مجازر الثانية بحق الاولى في منشوريا ، جرائم اميركا بحق اليابان بذريتي هيروشيما وناجازاكي الموثقة ، والحديث يصدق على بقية المستعمرات في الهند الصينية وشمال افريقيا وحول العالم ، وكذلك افلام وصور الحرب الفيتنامية ومجازر الكيان الصهيوني وجرائم اميركا في العراق ، واضيف ان تصريحات كوهين في بقية رده حين اشار الى معتقلين يقضون خمسة اعوام من غير محاكمة في العراق ، والى مقاطع فيديوية تظهر جرائم بشعة تسرب بأستمرار الى الفضاء السبراني ، لمح اليها بـعبارة ( انظري الى ..انظري الى ) ، ناهيك بطبيعة الحال عن جثث القتلى المتناثرة التي تستعرضها الفضائيات وقوافل النازحين وخيامهم البائسة ومناظر المدن المدمرة كلية ، كلها ومن دون استثناء تهروول خلفها دول ومنظمات ، محبة للعراق وكارهة له – اما لإخفائها عن الوجود ونهائيا وان كانت تخفى على الخلق فأنها ﻻ تخفى على الخالق وﻻشك ، ﻷنها بمثابة ادانة اخلاقية وتأريخية ﻻقبل لهم بها ، واما لترويجها بهدف الابتزاز او الادانة او احقاق الحق – وان كنت اشك في الاخيرة – فلو كان الحق مقدما على الباطل لما جرى لنا ماجرى اساسا ولعاش الشعب في بحبوحة كسائر الشعوب حول العالم …والحل هنا كما من قبل ليس بالاخفاء نهائيا وانما بقطع دابر الشر وانتهاكات حقوق الانسان ابتداء وارساء دعائم العدل والمساواة والحرية وهذا هو الحل الامثل الصائب المتخذ من ميزان العدالة الالهية الابدية منطلقا له والحكمة تقول ” العدل لو دام عمر ، الظلم لو دام دمر ” ..فكوهين وان تحدث اليوم بلسانه ردا على تغريدة اﻻ انه في حقيقة الامر عكس رأي حكومته ومواطنيه مايعني ان يوما ما واظنه قريب جدا ستشهد ذات المقاطع الفيديوية مشاهدة على نطاق اوسع في اروقة الامم المتحدة ومجلس الامن وهيومن رايتس ووتش والعفو الدولية والمنظمات المعنية بحقوق الانسان عندما توضع على طاولتها ﻷدانة اطراف ما ومحاكمتها دوليا وتأليب الرأي العام ضدها بآلة اعلامية ضخمة لا قبل لها بها ﻻ حبا بحقوق الانسان ولا بالضحايا بطبيعة الحال وانما طمعا بنهب ماتبقى من بلادنا وثرواتنا وتفتيت المفتت وللتعتيم على جرائم – بيت الشر – الصهيوني الذي لو قتلت بغلة في الصومال فأبحث عن – اسرائيل – فانها قد زرعت لغما ارضيا في طريقها بأياد محلية ﻷغراض دولية …انها تشجع على اقتتال الشعوب وارتكاب المجازر التي يشيب لهولها الولدان بحق بعضها بعضا وتصويرها بكاميرات المتحاربين انفسهم وبثها على صفحاتهم ومواقعهم بمثابة اقرار والاقرار بعرف القانون سيد الادلة لتظهر للرأي العام العالمي ، انها – ماما حنينة ..اﻷم تيريزا ..بابا نويل ..القديس بطرس – وان كل ماقامت به من مجازر بدءا من دير ياسين والطنطورة مرورا بقانا وصبرا وشاتيلا وجنين وغزة وقنابل النابالم والفسفور الابيض والعنقودي والسجون والمعتقلات وافساد البشرية اخلاقيا وتمزيقها اجتماعيا والحادها دينيا وسرقة قوتها ونهب ثرواتها وتدمير اثارها مجرد لعبة اطفال ازاء مايرتكب بمخططاتها المسبقة من مجازر وانتهاكات شنيعة بفعل مقاطع الفيديو والصور الصادمة التي توثق ما ارادته هي من جرائم ترتكب في عموم المنطقة وخططت له من خلف الكواليس لعقود على يد شعوب وزعماء المنطقة على حد سواء وبالتناوب !
وختاما وكما بدأنا بالمثل الافريقي فسننهي حديثنا بواحد مستل من وحي الطبيعة وتحديدا من السنغال “من يثر عش الدبابير فعليه أن يجيد الركض”، اذ ان افريقيا في اذهان ابنائها و شعوب العالم تعني الغابة ..والغابة اليوم تعني الواقع العراقي والعربي المعتم واشد ما ينفعنا لفهم واقعنا والتعامل معه اليوم هو حكم مقتبسة من فقه الغابات اذا جاز التعبير وصراع المخلوقات من اجل البقاء فحين ضرب الله تعالى في محكم التنزيل لنا الامثال بالمخلوقات من حولنا ” النمل ، النحل ، البقر ، العنكبوت ، الكلب ، الحمار ، الهدهد ، الحوت ، الفيل ، البعوض ، القمل ، الضفادع ..مضيفا لعلهم يتفكرون ، لعلكم تعقلون ، افلا يتدبرون ، لو كانوا يعلمون ” انما اراد سبحانه ان نعود الى الطبيعة العذراء لفهم مايدور من حولنا جيدا حين يشكل علينا فهم واقعنا انطلاقا من ” وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ” واعلم ان البر ﻻيبلى والذنب لاينسى ، والديان ﻻيموت ، افعل ماشئت ، كما تدين تدان ، فهل من معتبر؟ . اودعناكم اغاتي