تمرُ منطقتنا هذه الايام في مخاض عسير قد يكون سببا لولادة العديد من المتغيرات التي ربما تاتي مشوهة ان لم تكن هناك مناخات مناسبة لها ، والمسؤول عن ايجاد هذه المناخات هو الاطراف الفاعلة في المنطقة (ايران ، السعودية ، تركيا) بالاضافة الى اللاعبين المؤثرين في الواقع الدولي (امريكا ، روسيا)
وبما ان العراق ساحة صراع وتأثر وتأثير، فمن الضروري جدا ان يكون واعيا لمايحدث وفاعلا فيه من اجل حماية مصالحه ومكتسباته السياسية والعسكرية ولايتم ذلك بمعزل عن الاطراف المذكورة فثنائية الصراع الايراني السعودي تنعكس بقوة على الواقع العراقي وتحتم عليه ان يكون نقطة إلتقاء وتخفيف للصدمات ومحطة تفاهم بين الاطراف لاحداث مرونة في مواقفهم المتصلبة .
وتاتي زيارة كبار المسؤولين العراقيين لطهران والرياض في هذا الاطار ، فقد مثلت زيارة السيد العبادي للسعودية حدثا سياسيا مهما وتطورا ايجابيا في العلاقات الثنائية بين البلدين اعقبتها زيارة السيد وزير الداخلية للرياض وتوقيعه لعدد من الاتفاقيات الامنية بين البلدين وكذلك زيارة رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزير الدفاع لطهران والتباحث بشان التطورات السياسية ومستقبل المنطقة بشكل عام .
ومن الملاحظ منذ تحقيق الانتصارات العسكرية على ارض الميدان وتطور العلاقات بين السعودية والعراق انعكس بصورة ايجابية على الواقع الامني في العراق بحيث انخفضت نسبة السيارات المفخخة والانتحاريين نوعا ما خلال هذه الايام ، ثم جاءت زيارة السيد مقتدى الصدر للسعودية وبدعوة رسمية منها بنفس السياق والتي تعتبر اول زيارة لرجل دين (شيعي) بهذا الحجم مابعد تحرير الموصل .
هذه الزيارة لها اهمية كبيرة لما ستناقش من ملفات مهمة اهما الصراع الطائفي في المنطقة سيما ان هناك شحنا طائفيا تغذيه اجندات تعتاش على الصراعات بشتى انواعها ومنها بل اخطرها هو الصراعات الطائفية ، فالمنطقة تشهد تناميا كبيرا للصراع في سوريا واليمن والبحرين وحتى داخل السعودية في المناطق التي يسكنها المكون الشيعي
ولذلك من المتوقع ان تكون هذه الزيارة نافذة امل لتخفيف حدة الصراع وحماية ارواح الابرياء.
ان بعض المواقف الجريئة والتي تعتبر من المحذورات الاجتماعية تحتاج الى شجاعة واستقلالية في القرار خصوصا اذا كان الهدف منها تحقيق المصلحة الوطنية بشرط وجود النوايا الصادقة والحراك الجدي والانفتاح على الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة من اجل تجنب الصراعات وويلات الحروب وحفظ دماء العراقيين واعادة العراق الى مكانه الطبيعي في المنطقة وتحقيق الاستقرار السياسي والامني والاجتماعي .