فِعلاً، إنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، على عكس صاحب الشيء، الذي هو دائماً على مستوىً عالٍ من البذخ في شيئه. ولربما نرى وبوضوح تام تجسداً في الشكل والمضمون لهذا المثل في قرار السيد عمار الحكيم (حفظه الله) عندما أسس وشكل تياره الجديد والذي أسماه (تيـار الحكمـة الوطنـي).
كيـفَ ذلك؟
أولاً، ما معنى أن يكون الشخصُ حكيماً؟ وكيف يكون ذلك؟ وهل الحكمة تُكتسب أم توهَب؟
كمـا هو متفقٌ عليه، أن يكون شخصٌ ما حكيماً تعني أن يكون قادراً على وضع الشيء في مكانه الصحيح، أو قول القول في آنه الصحيح. وهذا مستنبط من تعريف الحكمة (كصفـة) والذي هو “وضع الشيء مكانه”. وهي شيء موهوب لا مكسوب.
وبناءاً على هذا المنطق،الذي نُراهن أيَّما رهان على أنه لم يغب عن فكر السيد الحكيم حتى طُرفةَ عين، وضع السيد الحكيم كلاً في مكانه وإختصاصه الذي يجب أن يعمل فيه. حتـى إن جاءَ ذلك متأخراً فهذا يُعزى لأسباب كان أولها الإعاقات التي تَصدُر من داخل وخارج التيار و من (حيث يعلم الله) أيضاً.
يُمكننا القول أيضاً وبكل صراحة أن السيد عمار الحكيم (رعاه الله) قد ظفر بما لم يكن في الحُسبان عندما انفصل وشكل تيار الحكمة الوطني، فقد (عرف من يتفق أو لا يتفق معه في رؤياه) وهذا إتضح أمام أنظار الجميع بشكل واضح وغير قابل لأي تفسير آخر.
كَـي لا نبتعد عن موضوعنا، يُقال “الأشياء تستمد صفاتها من الذي أوجدها”. بناءاً على هذا، فقد إكتسب (تيار الحكمة الوطني) الحكمة بكل معانيها لأن الذي أوجده يتحلى بهذه الصفة قبل أن يوجِدَه. فقد وضع السيد الحكيم (حفظه الله) كل شيءٍ وشخصٍ في مكانه عندما شكل تيار الحكمة الوطني، وقد انظم الكثير لا مُجبراً ولا مغصوباً، لأن (حديقـة الزهور تُعرَف من رائحتها) وأتصور أنَّ هذا يوضح كل شيء.
و مما لا يخفى عن أنظاركم إنكشاف كل النوايا على المستوى العلني الواضح، حيث بعد أن أعلن السيد عمار الحكيم تأسيس تيار الحكمة تهافت أتباعه ومحبوه للإنضمام اليه وتسابقوا في أن يُعلنوا إنضمامهم قبل غيرهم. وبهذه الحركة الذكية قام سماحته بوضع جميع أتباعه أمام خيارين لا ثالث لهما، و بشكلٍ أوضح (يَ أبيض يَ أسود مفيش رمادي) كما يقول النجم الكوميدي المصري عادل امام.