منذ تنصيب ترامب ودخوله البيت الابيض، اصبح العالم يتدث عن حرب باردة جديدة وصراع اقليمي في منطقة الشرق الاوسط، يخمنون الهوية التي سوف يعرف بها النظام الإقليمي الجديد. يرشحون دولة عربية، أو مجاورة للعرب لتقود، دولة تزيد الأمور تعقيداً، او ترفع عن كاهل شعوبه المتاعب وإرهاصات الخوف من المستقبل. يراهنون على حروب أهلية ناشبة سوف تستمر، وأخرى يتعب متقاتلوها، أو تأمر دولة عظمى فتهدأ، أو تتوقف، يطلقون الأوصاف الجريئة على دول جريحة، وعلى دول بحكومات جارحة، هذه دول «فاشلة»، وهذه أشباه دول، وهذه دول «صناعية»، يعني اصطنعها ورسم حدودها الغرب كأن معايير وستفاليا توافرت لمعظم دول العالم ولم تتوافر لدول الشرق الأوسط، وتارة اخرى يتحدثون عن «سايكس – بيكو» جديدة تلك التي «اصطنعها» الدبلوماسيان البريطاني والفرنسي في عام 1916 والدريعة الجديدة للتقسيم (الارهاب— حيث يقولون اننا ابتدعناه و تسببنا بصنعه رغماً عن خطورته وتبعاته المدمرة، لا يزال لا يحظى بتوافق عام على ما يعنيه في الحقيقة
، ورغم ان المنطقة العربية مرت بحروب كبيرة ورياح الربيع العربي الا اننا الان نشهد موجة عاتية لا ترحم، داعش في سوريا والعراق، واحداث فلسطبن والتوسع الصهيوني نحو القدس، ونظام الاقاليم ورغبة الاكراد بالاستقلال ، والتدخلات الاقليمبة في العراق وسوريا واليمن، والشعب يرفض الاستبداد والطائفية، صعوبات عدة تنتظر القادم من مشروعات بناء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، أو تحديث النظام القائم. الصعوبة الأولى في مقدمة الصعوبات الأهم هي «فقر» القيادة، أو عجزها. لا شك أيضاً في أن العقبات التي تمنع التوافق الإقليمي على هوية جامعة تشكل الصعوبة الثانية. نذكر الآن أياماً ضاعت من فرص التقدم والانطلاق نحو المستقبل، أضعناها نجادل في أيهما تكون الهوية الرئيسية لنظامنا «العربي» العروبة، أم الإسلام. لم تكن الانتماءات الطائفية والعرفية تمثل عقبات، فهذه انضمت حديثاً لتزيد المصير غموضاً وتعقيداً
ونعاني ايضا من مشكلة كانت ولا تزال قائمة ولكن كامنة، هي ترسيم أو تصحيح الحدود، سواء تلك التي خلفها سقوط الإمبراطورية العثمانية، أو التي أهملها وتغافل عنها حكام عهد ما بعد الاستعمار. أظن أن هذه الصعوبة لم تتفاقم في العقود الماضية إلى الحد الذي يهدد استمرار النظام الإقليمي، أو إحدى منظماته الفرعية لأسباب مفهومة. من هذه الأسباب الدور الذي كانت تلعبه الهوية الكلية للمنطقة كأيديولوجية حيناً، وتبريراً حيناً آخر
النظام الدولي، دخل منذ فترة مرحلة انتقالية ولم يخرج منها بعد. غير واضح تماماً إن كانت ستكون لأمريكا القيادة في النظام الدولي والنفوذ الأقوى في الشرق الأوسط. ففي ظل الوضع القائم قد تتمكن دولة إقليمية منفردة، أو متواطئة مع دولة أجنبية لتفرض وضعاً إقليمياً جديداً، أو قد تدعو دولة إقليمية أخرى لمشاركتها قيادة الإقليم. يجب أن نخشى أيضاً من تداعيات الوضع القائم الذي يمكن أن يسمح لروسيا وأمريكا بالتعاون في إقامة نظام إقليمي ينفذ رؤية مشتركة لمصير الشرق الأوسط، رؤية لا تراعي هويتنا، بسبب موت جامعة الدول العربيةإوقادة العرب لم تتعاملوا بكفاءة، ومهنية مع «الربيع العربي». أقول أيضاً إن قليلاً من الكوارث التي أصابت الشرق الأوسط خلال العقد الأخير وقعت بسبب ثورة «الربيع العربي»، بينما الكثير من الكوارث وقعت، وما زالت تقع، بسبب الأعمال غير الرشيدة التي قامت، وتقوم بها حكومات كثيرة في المنطقة لوقف ثورة تكاد تكون مستمرة، لم تعد تستهوينا الثورات البيضاء والحمراء، والروح الوطنية —نقولها بمرارة—اصبحت كالضباب وعلينا ان ندرك أن نجاحنا أو فشلنا في إقامة نظام إقليمي يعتنق الهوية المناسبة، ويضمن أمن الشعوب وحقوقها ورخاءها، هو الإجابة عن سؤال قديم جديد طالما ردده أبناء هذه الأمة، نكون أو لا نكون؟