الأمواج هذه لا علاقة لها بالطقس ولا بأمواج وافواج النازحين , ولا ايضاً بأمواج بحريّةٍ او نهرية تصعد من شط العرب بأتجاه الشمال .! , كما لا ترتبط بالموجات الأذاعيةِ بالطبع .
الموجة الأولى هي تحرّك تجري هندسته بالعناية المركّزة الفائقة لإستثمار مصائب العراقيين وتجييرها وتوظيفها , واستمالتها للتمهيد الى عملية تطبيع مع اسرائيل , وقد بدأت بالفعل بعض مواقع السوشيال ميديا وادوات بشريّة – سياسية في الإفصاح عن ذلك جهاراً , ليلاً ونهاراً , ولا يُختصرُ او يَقتصرُ ذلك على المدعو ” مزاحم حويت ” الذي يزعم انه الناطق بأسم العشائر العربية ! ويدعو لإقامة علاقات وتبادل زيارات مع اسرائيل , بالرغم من عدم وجود منصب متحدث بأسم العشائر اصلاً , كما أنّ الأمر لا يتعلق بالناشطة الايزيدية ناديا مراد التي سبق واختطفوها الدواعش وقامت مؤخرا بزيارة تل ابيب بالتنسيق مع منظمتين حقوقيتين اسرائيليتين , فالتركيز هنا على القوى الخفية التي تتحرك وتُحرّك من خلف الستار , وبهذا الصدد فمن الصعب استبعاد دَورٍ ما للسفارة الأمريكية في بغداد في ذلك , وأنّ هذه السفارة الأكبر في العالم تضمّ 5000 موظف دبلوماسي واداري وأمني , اي ما يعادل نصف فرقة مشاة عسكرية , وبالطبع مجهولة المكاتب والملحقيات غير التقليدية بداخلها , كما لا يمكن استبعاد دور السفارة البريطانية في بغداد وسواها ايضاً في هذه العملية الجراحية – السياسية او التجميلية , ولربما الترقيعية . الأسابيع والشهور القليلة المقبلة ستشهد وسنشهد معها مشاهداً بذلك الأتجاه الصهيوني , وبشكلٍ سيكولوجيٍّ – سوسيولوجي مبرمج وومنهج , ولعلّ اولى طلائع ذلك ومن احدى زواياه قيام أحد ضباط قوات البيشمركة الرائد اسلام جلي ” جيم بثلاث نقط ” بأنتحال وارتداء زيّ قوات مكافحة الأرهاب وتصوير نفسه فيديويّاً وهو يشيد بالصهاينة ويدعو للتطبيع مع اسرائيل , وتمّ بث ذك التسجيل في تويتر ووسائل اخرى من السوشيال ميديا , وما لبث الناطق بأسم الجيش الأسرائيلي بنشر صورة وحديث ذلك الضابط الكردي المزيف ! , انما بعد ساعاتٍ من ذلك التسجيل المنشور , فقد تمكّن ناشطون محترفون ومتخصصون في تحليل المضامين الأعلامية لوسائل التواصل الأجتماعي وتمكنوا من كشف هوية وحقيقة الضابط الكردي , ومن الملاحظ أنّ قيادة البيشمركة التزمت الصمت تجاه هذا الحدث , وكأنها لم تسمع به .!
وبعيداً عن التوجهات بأتجاه التطبيع مع الصهاينة , فمن خلال المتابعة والرصد الإعلامي , نلحظ تحرّكاتٍ سياسيةٍ مستجدة وبأتجاهاتٍ متباينة , فهنالك حضور اعلاميٌّ مفاجئ للمؤتمر الوطني الذي يترأسه السيد آراس حبيب , بعد أن كان نشاط المؤتمر الوطني شبه مشلولٍ او مجمّد على الصعيد الأعلامي من قبل وفاة رئيسه السابق احمد الجلبي , ويبدو أنّ تحرك هذا ” المؤتمر ” يفوق او ابعد من التهيئة لخوض الأنتخابات المقبلة , بالرغم من أنّ هذا النشاط اقرب ليكون استعراضياً على صعيد الإعلام وتسليط الأضواء , فالساحة السياسية مقبلة على تطوراتٍ ما على صعيد العراق والمنطقة ايضاً , وقد لا يغدو لمس نتائجها قريباً .
والى ذلك , فما شهدناه مؤخراً من خطف وقتل عدد من الأطباء في توقيتٍ زمنيٍ متقارب للغاية , يوحي بأنّ الأمر مخطّطٌ له عبر مخطّطْ مدروس , ولربما ينتقل الى شريحة اجتماعية اخرى لا سمح الله .
وحتى الأنشقاقات الحزبية الأخيرة , وتأسيس احزاب جديدة بأسماءٍ جديدة من قِبلِ شخوصٍ قديمة ! هي جزء من تلك الأمواج التي لم ترتفع بعد على السطح .