تعرض صاحب مصنع صابون لمشكلة كبيرة، أصابت سمعة مصنعه وهددته بخسارة كبيرة، والمشكلة عبارة عن أن بعض علب الصابون الذى ينتجه، تكون فارغة بسبب سرعة الماكنة أثناء التغليف، مما أثر على سمعة مصنعه، وجاء صاحب بخبراء لكى يجدوا له حلاً، فقال له الخبراء: الحل الوحيد أن تأتى بماكنة ليزر، توضع فوق خط سير الإنتاج وتكشف كل علبة تمر، وهل بداخلها صابون أو لا؟ وتكلفة هذه الماكنة (200 ألف دولار)!
غضب صاحب المصنع عندما سمع تكلفة وضخامة المبلغ للماكنة، وبعد تفكير قرر شراءها ليحافظ على مصنعه، وفجأة دخل عليه عامل صغير يعمل لديه وقال له: سيدى أنت لست بحاجه لدفع ( 200 ألف دولار) لشراء هذه الماكنة، فقط أعطنى (100 دولار) وسأجد لك الحل! فتعجب صاحب المصنع من كلام العامل، وفي الصباح آتى العامل بمروحة، ووضعها أمام خط سير الإنتاج، وقامت بتطيير أى علبة فارغة ليس بداخلها صابون، والعبوات الممتلئة تمرعلى خط الإنتاج لايحدث لها شئ.
الحكمة من هذه القصة الجميلة، هو أنك يجب ألا تستهين بأي شخص مهما كان بسيطاً، فربما لديه أفكار ليست لدى خبراء، وتغير مجرى حياتك ومجتمعك، الذي يعاني من محن ومصاعب شتى، وتحديداً بعد عام (2014)، التي حملت الآماً عجاف في قلوب المحررِين والمحررَين، عقب مرحلة داعش المؤلمة وما رافقها من دماء ودموع، فهاهو العراق يختلف كلياً عما كان في (2003)، ونحن اليوم في (2017) وتلك الأيام ندوالها بين الناس، فما أحوجنا للحكمة من هذه السنوات؟!
الحكمة من تيار الحكمة الوطني، هو أن التيارات والحركات السياسية، عندما تتعرض قياداتها الى معوقات تكبل مسيرتها، فإنها تجد من الحكمة الإنطلاق نحو رؤية ومنهج، يعد رابطاً قوياً منفتحاً على كل أبناء الشعب، بدلاً من فسح المجال للإحباط ليدب فينا، والتعكز على مبررات متقزمة، فكان إختيار الحكمة لهذا التيار الذي لايتقيد بردات الفعل السياسي، إنما يصنع مروحة جديدة للحفاظ على الإرث الجهادي، وإستكمالاً للمشروع الرسالي، الذي قاده شهيد المحراب وعزيز العراق(قدس سرهما)،حيث يتماشى وتطلعات شعبنا.
العمل بحكمة في تيار الحكمة، أمر تطلبه العمل السياسي في المرحلة الراهنة، خاصة بعد أن فقد الإسلام السياسي كثيراً من مصداقيته عند الجماهير، فلماذا حصل ذلك؟والجواب أن طيلة الأعوام الأربع عشرة، من عمر التجربة الديمقراطية، فإن المرجعية الدينية أوضحت، وشخصت، وطالبت، وناشدت بضرورة تقديم الخدمة، وبناء دولة المواطنة، وحماية حقوق جميع أبناء الشعب العراقي بكافة مكوناته وأطيافه، ولكن ما من مجيب، فبات وضع العراق يسير من سيئ الى أسوأ، فأين الحكمة من بقاء وضع كهذا؟
الحكمة من تشكيل مصنع حكمة وطني متجدد ومجدد للمشروع، أن يكون الوعاء الأكبر للإنصهار، بين مكونات الشعب وهوالوطن، فهذا التيار السياسي الجديد يفتح ذراعيه لكافة المواطنين، بإختلاف مشاربهم ومعتقداتهم للإنضمام إليه، كما أننا قد تشاركنا الألم والأمل معاً، بدمائنا وآمالنا وطموحاتنا، فسنعمل سوية في بيتنا الأكبر، وساحتنا الأشمل لتحقيق المستقبل الأجمل، فالمبدئية والإخلاص هي قياسنا ومقياسنا بهذه المرحلة، ولكن بأفكار وأطر جديدة تنطلق من الواقع السياسي، وكسر أطواق السلبية والإحباط، وإحتواء كل تضاريس الوطن الحنون.
ليست هناك مشكلة ولكن هناك تحديات، فواقعنا اليوم تآكلت فيه المفاهيم الكبيرة، وتقزمت المشاريع العظيمة، وتشخصنت المواقف، وفقدت الكلمات معانيها، عليه كان لابد من خلق روح سياسية جديدة، ومفهوم واسع وإطار واضح يحتضن شباب العراق، دون الإلتفات للعناوين المكبلة الصغيرة، فالعراق هو العنوان الأكبر للعمل الرسالي الصادق، لتحويل الألم العراقي الى أمل عراقي، لذا(أدعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).