إتفاقية التعاون العسكري بين العراق وإيران .. هل لتقوية بغداد أم لتميكن طهران ؟

إتفاقية التعاون العسكري بين العراق وإيران .. هل لتقوية بغداد أم لتميكن طهران ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة من شأنها زيادة التقارب الإيراني العراقي، وإثارة المخاوف الأميركية، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن العراق وإيران وقعا اتفاقاً, الأحد 23 تموز/يوليو 2017، لزيادة التعاون العسكري ومحاربة الإرهاب والتطرف.

“وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء” قالت إن وزير الدفاع الإيراني “حسين دهقان” ونظيره العراقي “عرفان الحيالي” وقعا مذكرة تفاهم, تشمل أيضاً أمن الحدود والدعم اللوجيستي والتدريبي.

مضيفة أنه بعد توقيع الاتفاق في طهران تم التفاهم على جملة المحاور التي من شأنها تطوير التعاون وتبادل التجارب في محاربة الإرهاب والتطرف وأمن الحدود والدعم التدريبي واللوجيستي والتقني والعسكري.

تحسن العلاقة بعد “صدام”..

تحسنت العلاقات الإيرانية العراقية منذ الإطاحة بالرئيس الراحل “صدام حسين”, عدو طهران اللدود في 2003, وتولي حكومة عراقية يقودها الشيعة.

“ترامب” قلق من تنامي النفوذ الإيراني..

سبق أن عبر الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” عن قلقه لما يعتبره تنامياً للنفوذ الإيراني في الصراعات بسوريا واليمن والعراق, إذ تتحالف طهران مع مقاتلين شيعة.

وتصاعدت التوترات بين إيران والولايات المتحدة منذ انتخاب “ترامب”, الذي كثيراً ما اتهم طهران بدعم جماعات متشددة وزعزعة استقرار المنطقة، قائلاً “ترامب”, هذا الشهر, إن تهديدات جديدة ظهرت بسبب “دول مارقة مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا والحكومات التي تمولها وتدعمها”.

اتهام إيران بتأجيج العنف في العراق..

كما اتهم الجيش الأميركي إيران بتأجيج العنف في العراق, من خلال تمويل وتدريب فصائل مسلحة وتزويدها بالعتاد. وتنفي طهران تلك الاتهامات وتلقي باللوم في العنف على وجود قوات أميركية في العراق.

ويأتي التوقيع على اتفاقية التعاون الأمني والعسكري بعد اعلان رئيس الوزراء العراقي عن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل, بعد أشهر طويلة من بداية أكبر حملة عسكرية تشارك فيها القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وميليشيات عراقية شيعية موالية لإيران إلى جانب قوات “البشمركة” الكردية.

وتقاتل قوات “الحشد الشعبي”, التي تضم في معظمها فصائل شيعية تحت إشراف إيراني, وترفض بشدة أي تواجد عسكري أميركي في العراق.

تغلغل إيراني في مفاصل الدولة العراقية..

من شأن الاتفاقية الجديدة أن تعزز النفوذ الإيراني في العراق, بينما يقول ساسة عراقيون إن طهران متغلغلة أصلاً في مفاصل الدولة العراقية.

وتتسابق طهران وواشنطن لتأمين مواقع نفوذ في كل من سوريا والعراق.

فشل أميركي في العراق..

كما يشير الخبراء إلى إخفاق الولايات المتحدة في غزوها العراق عام 2003, من أجل الإطاحة بنظام الرئيس العراقي “صدام حسين”، حين رأى المحافظون الجدد الذين كانوا يديرون إدارة الرئيس “جورج بوش” الابن أن العراق بمثابة “حجر زاوية محتمل لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط وجعل المنطقة موالية للغرب، مما أدى بالولايات المتحدة إلى صرف قرابة 1000 مليار دولار، وخسارة حوالي 4500 جندي أميركي، إلى جانب تدمير العراق ومقتل أكثر من مليون ونصف المليون عراقي منذ ذلك الوقت وحتى الآن، فضلاً عن إطلاق العنان للحروب الدائرة منذ ذلك الوقت”.

إيران نجحت في تحويل العراق لـ”بلد عميل”..

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “إن إيران رأت منذ الوهلة الأولى وجود فرصة لتحويل العراق، عدوها السابق الذي خاضت ضده حرباً وحشية للغاية تضمنت استخدام الأسلحة الكيميائية في ثمانينيات القرن الماضي، إلى بلد عميل، وأنها إذا نجحت في ذلك، فلن يشكل العراق تهديداً لها في المستقبل، بل يمكن أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لنشر النفوذ الإيراني في المنطقة. ويبدو أن إيران قد فازت في هذا السباق بينما تكبدت الولايات المتحدة خسارة واضحة، حيث ركز الأميركيون على مدى السنوات الثلاث الماضية، على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وأعادوا أكثر من 5 آلاف جندي إلى البلاد، وساعدوا في إجبار المسلحين على الخروج من مدينة الموصل”.

ظريف: إيران لا تطمح في السيطرة على العراق..

تدعي الصحيفة الأميركية أن إيران لم تنسَ مهمتها الرئيسة المتمثلة في السيطرة على جارتها, بحيث لا يمكن للعراق أن يهددها عسكرياً مجدداً، واستغلال هذا البلد للسيطرة بصورة فعالة على ممر يربط طهران بالبحر الأبيض المتوسط، مستشهدة بما قاله وزير الخارجية العراقي السابق “هوشيار زيباري”، (الذي أُطيح به في العام الماضي من منصب وزير المالية, لأن إيران شككت في صلاته بالولايات المتحدة بحسب الصحيفة)، والذي قال: أن “النفوذ الإيراني مهيمن وبالغ الأهمية”، وهو الأمر الذي فنده وزير الخارجية الإيرانى “جواد ظريف” بقوة في مقابلة مع شبكة “سي. إن. أن” الإخبارية، رافضاً فكرة أن تكون هناك هيمنة أو أن تكون “أدت إلى زيادة التوترات الطائفية في المنطقة، مع سعي الدول السنية والحلفاء الأميركيين، مثل المملكة العربية السعودية، لمعارضة التوسع الإيراني، أو أن يكون العراق جزء من مشروع إيراني توسعي، تستخدم فيه طهران القوة الناعمة والعسكرية لتوسيع نفوذها في لبنان وسوريا واليمن وأفغانستان، وفي جميع أنحاء المنطقة”.

الجعفري: العراق يرفض سياسة واشنطن المعادية لطهران..

سبق وأن قال وزير الخارجية  العراقي “إبراهيم الجعفري”, خلال مشاركته في المؤتمر الدولي حول ضحايا العنف العرقي والدّيني في منطقة الشرق الأوسط الذي احتضنته العاصمة مدريد في أيار/مايو الماضي، إن العراق لن ينضم إلى السياسة التي تتبناها واشنطن ضد إيران، مؤكداً على أن “العراق يرفض السياسات المعادية لطهران”.

مد الجسور مع دول الجوار..

رئيس مؤسسة “مدارك للبحوث والدراسات”, الدكتور “مزهر الساعدي”, معلقاً علي الاتفاق يقول: “إن الحكومة العراقية تحاول جاهدة خلال هذه الفترة أن تنأى بنفسها عن التخندقات وعن الاتجاهات والميولات لدولة دون دولة أخرى، فلذلك حاولت الحكومة خلال هذه الفترة مد الجسور مع دول الجوار، بغض النظر عن تقاطعات تلك الدول والأجندات المتصارعة داخل العراق، من هنا رأينا وزير الداخلية العراقي قد ذهب إلى السعودية، بينما وزير الدفاع ذهب باتجاه إيران، وهذا جزء من سياسة الحكومة العراقية التي يمكن تصنيفها على أنها طريقة في التوازن التي يحاول السيد “العبادي” اتباعها في الفترة المقبلة”.

خطوات خارجية موفقة..

معتقداً “الساعدي”، أن خطوات “العبادي” الخارجية موفقة، فما يؤجج الوضع السياسي الداخلي كله مرهون بالخارج، لذلك في حال عقدت بعض الاتفاقيات والتفاهمات في الخارج العراقي، فإن الوضع الداخلي العراقي سوف يهدأ.

مضيفاً أنه سبق وأن أكد رئيس التحالف الوطني السيد “عمار الحكيم”، على أن منطقة الشرق الأوسط على حافة حريق كبير سيلتهم الأخضر واليابس إذا لم يتدارك العقلاء الأمور، فيما دعا السعودية وإيران إلى اتخاذ قرار شجاع والتحرك نحو بعضهما البعض لإنهاء الخلاف. وأضاف أن إشعال الجبهات لن يؤدي إلا للمزيد من القتل والدمار في المنطقة وحرق مليارات الدولارات على شراء الأسلحة والآلات العسكرية بدل استثمارها بالتنمية والإعمار والازدهار والرخاء لشعوب المنطقة.

تعاون مفيد للعراق..

مدير مركز الرافدين للحوار “د. طالب محمد كريم”, يقول لـ(كتابات), أن الاتفاق تم بدعوة رسمية من الجمهورية الإسلامية لوزير الدفاع العراقي، وأن ما يربط إيران والعراق حدود مشتركة أكثر من 1450 كم، وبالتالي اليوم هذه المنطقة تكون حاضنة كبيرة للإرهاب وعناصر “داعش” يمارسون نشاطاتهم لفترة طويلة بكل أريحية, ومعسكرات التدريب كما كشفتها قوات تحرير الموصل، فالمعركة كبيرة جداً وهي استهداف لكل المدنية في العالم وبالتالي الكل أمام مرأى ونيران وأهداف هذا الأرهاب.

مضيفا “د. طالب”, أن العراق أصبح لديه الآن خبرة كبيرة في محاربة الإرهاب, فقد أصبحت الحروب اليوم غير تقليدية والعدو يختفي ويظهر بطريقة مفاجئة ويتصيد التجمعات المدنية بالإضافة الي قدرته علي التسويق لما يفعله، وهذا التعاون مفيد جداً للعراق في هذا التوقيت لأنه بحاجة إلي الإعمار فيحتاج إلي صفحة جديدة، فالارهاب لن ينتهي في هذه المرحلة إلا أن العراق أنهى حلمهم الكرتوني، فلا يمكن لداعش أن يعود مرة أخرى، لكن ربما هناك جيوب وخلايا نائمة.

واشنطن تعمل في نفس الاتجاه..

بالنسبة لتأثير هذا الاتفاق على واشنطن, يقول “طالب”, أن العراق أصبح اليوم مختلف عما كان عليه قبل الموصل، فلديه الآن إمكانيات عالية وإرادة وعزيمة وقوات عسكرية وأمنية تمتلك قدرات عالية، وربما يمكنه التعاون مع الدول المعرضة للحروب والارهاب، فالعراق يمتلك قراره، ولديه مع إيران حدود مشتركة, وهي مسؤولية الطرفين, وإذا كانت هذه الاتفاقيات في سبيل قوة العراق وإعادته لأخذ دوره الحقيقي ومحاربة الإرهاب فهذا لا يزعج أي دولة على العكس، فربما هم أيضاً يعملون في هذا الاتجاه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة