بعيداً عن الكلمات التي تشحذ الهمم، وترفع المعنويات، وترسم للشباب خطواته الى الأمام وترتقي به الى المعالي، وتصبره على واقعه المرير بجرعات التطبيع ” لن يكل أو يمل”، الواقع يشهد أن حالة الإنكسار، والبؤس، والبطالة، تلقي عتمة على تلك الكلمات، فيما تفرض رؤية ضبابية على المستقبل الموعود، بل تصطدم في أحيان كثيرة، بطروحات شبابية لاتجد فيها مكاناً للغد، ” عيشني اليوم وموتني باجر”، أو ” آني إبن اليوم”، وهذا ناتج عن الظرف الإقتصادي الذي يتحكم فيه، ونحن نتحدث هنا عن حالة عامة، بعيداً عن الإستثناءات، والطبقات المترفة بشقيها المتوارثة، أو المستحدثة، والدرجات الخاصة.
كثيرة هي الشعارات التي تعظم من شأن الشباب، فهم عمود الوطن، وضمان المستقبل، ولهم الغد، فيما نحن قادمون على شعارات ووعود تدغدغ مشاعر هذه الشريحة العريضة، لضمان أصواتها في صناديق الإقتراع، ” ليظل البيت لأم طيرة “.
الشباب، هو الطاقة الكامنة التي من خلالها تنهض الأوطان، هو الدولة، والتنمية، والحضارة، والقوة، والمستقبل، لكن ” فلا يغرك ما منّت وما وعدت إن الأمانيّ والأحلام تضليل”، وبالتالي، من يبحث عن حاضره، بين أكوام النفايات، أو على البسطيات، أو قرب تقاطعات المرور، أوفي تعاطي المخدرات، لايمكن أن يكون له في المستقبل نصيب.
شباب اليوم، لايطلبون سوى إستحقاقات طبيعية، تعليم، وفرص عمل، توفر لهم مصادر رزق، تلائم إحتصاصهم أولاتلائمه، فقد تروضوا على أن لايختاروا، وسكن يحافظ على إنسانيتهم، من دون شروط، المهم أن يمنحهم حق تكوين الأسر، هذا في الجانب الإقتصادي.
أما في المحور السياسي، فينبغي أن يحترم وجودهم، فكرهم، معتقدهم، طريقتهم في الحياة، والتعبير بحرية عن المنهج الذي يتبنوه، ضمن مبدأ إحترام الرأي والرأي الآخر، وقبل ذلك كله أن تصان دماءهم، كيانهم، كرامتهم، وحقهم في الحياة، وهذا كله منصوص عليه بالدستور، لكن مع وقف التنفيذ.