الصراع بشكل عام هو ظاهرة اجتماعية تعكس حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الناتج عن عدم التوافق بين رغبتين أو أكثر أو تعارض إرادتين أو أكثر.
تلك الظاهرة لم تغب يوما عن حياة الإنسان فتاريخ البشرية زاخر بالصراعات التي أزهقت فيها الأرواح وسُفكت الدماء وسُلبت الأموال وانتُهكت الأعراض ودُمرت البلدان ولعل أخطرها وأشدها فتكا تلك التي كانت تحدث باسم الدين وترفع من اجلها شعارات برّاقة لاستقطاب الناس نحوها وزجهم فيها بيْدَ أن حقيقتها هي صراعات من اجل الملك والمصالح والمناصب والمال والجاه وغيرها من أهداف لا تقارن مع قطرة دم تسفك فضلا عن انهار من الدماء….
فقد ذكر احد المحققين المعاصرين أن تاريخ أئمة المارقة عبارة عن صراعات وتقاتل بين الأخوة من اجل المناصب والأموال والسمعة والواجهة والسلطة !! كما ذكر ذلك ابن الأثير في كتابه (الكامل) والفت المحقق إلى: ان الصراع وسفك الدماء بين الأخوة من اجل أن يوسع الملك من اجل المنصب والأرض والمال والمكاسب الشخصية !!! ((الأخ يقاتل الأخ، الأخ يصارع الأخ، لم يكتفِ بمصر، فيريد أن يستحوذ على الشام، يحارب ويتقاتل مع الأخ ويسفك الدماء من أجل أن يوسع الملك، ويقولون: تحرير وتحرير وقتال وقتال، الأخ يقاتل الأخ من أجل المنصب والأرض والمال والمكاسب، الأخ يقاتل الأخ والأب يقاتل الأبناء، والأخ يقاتل العم، وهكذا صراعات من أجل المناصب والأموال والسمعة والواجهة والسلطة، ويقول: يزيد قاتل وحارب وشارك في غزوة ضد الفرنج أو الصليبيين أو ضد المشركين أو ضد الملحدين أو ضد الإسماعيليين أو ضد الخوارج أو ضد الروافض أو ضد السبئية، الكل يطلب المنصب والواجهة والمال والسلطة، وهذه الصراعات بينهم، كثرة القتال وكثرة الغزو، وكثرة التحرير أو الاحتلال والسيطرة على البلدان !!! ))،
وهذا المشهد يتكرر اليوم وخصوصا العراق وغيره من البلدان العربية والإسلامية وبصور أبشع وأكثر دجلا ونفاقا لأن من يشعل فتيل الصراعات ويديرها ويعمقها ويسعى لإدامتها لتحقيق مصالح شخصية وأجندات خارجية متلبس بلباس الدين كالسابقين إضافة إلى انه يتظاهر بأنه من الناقمين على أولئك الذين سبقوه بافتعال الصراعات من اجل المصالح الشخصية، ويرفع شعار السلام ورفض العنف والعدوان، والخاسر الوحيد هو الشعوب…!!!.
الصراعات وافتعالها والعمل على تكريسها وسفك الدماء فيها وتخريب الأوطان، منهج يتعارض مع كل الديانات بما فيها الإسلام الذي يعتبر الدم الإنساني خط احمر، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، وعن نبي الرحمة:«من أعان على دم حرام بشطر كلمة لقي الله تعالى يوم القيامة مكتوبًا على جبينه آيس من رحمة الله»، وقوله: «لَزَوالُ الدنيا وأهلها أهون عند الله من دم إنسان يسفك من دون حق».