تفخر شعوب العالم بامجادها وتاريخها وماانجزته خلال عمرها في الوجود وتعمل جاهدة لتوثيق مافعلته طيلة حياتها ,وعادة ماتكون الشواهد والاثار حاضرة وبشكل متميز غير خافي للعيان .
وعندما تواجه الامم والشعوب مشاكل ومعضلات تلجا للنهل من تاريخها لتحلل المشاكل وتجد لها الحلول الناجحة والتي عادة ماتكون صائبة لانها مبنية على اساس متين غير قابل للفصم والاختراق ,ولنا في دول العالم الكثير من الامثلة والشواهد فكم من امة اودولة اوشكت وبسبب مشاكلها ان تسقط وتذوب ولكنها انتفضت ونهضت وعادت اقوى من السابق لانها استفادت من الدرس الذي وقع لها وعملت بجد وصدق لتجاوز ازمتها الانية .
اسوق هذه المقدمة لاذكر القارى اللبيب بتداعيات ازمتنا العراقية الطويلة الامد والتي يحاول اغلب الموجودين من السياسيين حلها والوصول بالعراق الى بر الامان ,ان الازمة العراقية الحالية هي ازمة للظاهر بسيطة وحلها في متناول اليد وبجهد بسيط ولكن في باطنها هي صعبة الحل وتحتاج الى جهود مضنية وكبيرة لاجل الوصول الى جزء من حلها فسبب صعوبتها هو غياب النية الحقيقية في الاصلاح لدى البعض كذلك غياب ومع الاسف الثقة بين اغلب مكونات الشعب هذه الثقة التي من المفروض ان وجودها يعطي الدافع الكبير لتجاوز الخلافات وبالتالي الوصول الى الحل النهائي ,ان مبررات الواقع الحالي هي غير واضحة والسبب ان كل مشاكلنا تبدأ من مسائل بسيطة تستغل من ضعاف النفوس فتكبر وتتصدر الواجهة وهي لاتستحق ذلك ,اذن عدم توفر النية في التغيير والاصلاح والقناعة بالوضع الحالي هو الدافع لكل مايجري فهنا يجب معالجة هذا السبب لاجل الوصول الى النتيجة المرجوة .
ان حل كل هذه الاشكالات يبدا من الذات العراقية التي يجب ان تستحضر باصالتها وطيبتها وعزمها على مواجهة الباطل واظهار الحق كما هي ,وهذا لاياتي مصادفة بل بالتعاون ومد جسور الثقة بين الجميع بلا استثناء وتمييز حتى تتوفر الثقة المطلوبة وبالتالي يصبح العمل الجاد والصحيح ممكنا .
لقد سبقتنا شعوب كثيرة وامم عديدة في بناء نفسها وبالشكل الذي تريده والسبب هو اعتمادها على نفسها وعدم السماح للغير في التدخل بمقدراتها وشؤونها ,وهذ النجاح جاء وحصدت الشعوب نتائجه كل خير وعزة وتقدم ,ونحن في العراق غير قاصرين عن تحقيق هذا التقدم اذا ماتوفرت لنا النية الحقيقية في البناء وتجاوز اخطاء الماضي واخفاقاته وهو لعمري مقدور عليه وببساطة ولكن كيف ؟هذه مسؤولية الجميع من شعب وقادة وسياسيين وجهات دينية .
ان العمل الجاد والصادق بعد تحقق الشروط اعلاه هو الكفيل الوحيد للخروج من الازمة وان نجعل العراق مسؤولية في رقبة الجميع بلا استثناء وان نحرك الكل للعمل على حمايته وتقدمه فكم من مشكلة تبدأبسيطة اذا ما تركت تكبر ويصبح لها تاثير على المجتمع واذا ما وأدت في مهدها تجاوزنا اشكالاتنا واصبحنا قادرين على المضي في الطريق الصحيح .
لقد سبقتنا دول صغيرة وكثيرة وهي لاتملك من مقومات الحياة مانملكه نحن من خيرات وتاريخ كبير يشفع لنا اذا نجحنا وهو حافز لنا في ذلك ,والسبب هو اعتماد هذه الدول على نفسها في بناء ذاتها وعدم فسح المجال للغير للتدخل وتغيير مسار حياتها ونحن مع الاسف يتدخل بنا الغرب والشرق كل حسب هواه ومصالحه ولاقرار لنا بل نتبع اهواء الغير ونحن صاغرون ,اين هي الوقفة الوثابة التي تعودها الناس من العراق ؟اين هي الروح الوطنية الصادقة التي ميزت العراقي عن غيره ؟ثم اين هو الاخلاص الذي يمتلكه تاريخنا المجيد ؟لماذا لانستحضر كل هذا وذاك وننهض ونعلن ان العراق قادم وبقوة لممارسة دوره الانساني في المحيط العالمي ؟
ان هذه المشكلة هي فينا وبداخلنا فالتخلص منها لايحتاج الى جهد كبير بل الى تواضع وايثار واخلاص وستكون النتيجة حتما لصالحنا ولصالح هذا الشعب المبتلى والذي يستحق كل خير .