خاص – كتابات :
استفتاء كردستان ماض في طريقه لا شئ سيعوقه.. هي إرادة الأكراد لا أحد يتحكم بهم، هكذا بات الأمر إذاً واضح للجميع وأنه لا تراجع عن تقرير مصير “إقليم كردستان” بنفسه.. لكن كيف ستكون التداعيات وردود الأفعال بعد حسم المعركة في مواجهة “داعش” بالموصل ؟
أميركا تلاعب الجميع.. مع الاستفتاء ولكن !
أول تلك التداعيات ما صرح به في الثالث عشر من تموز/يوليو 2017، “برت ماكغورك” المبعوث الرئاسي الأميركي للتحالف ضد تنظيم “داعش”، بإعرابه عن معارضة الولايات المتحدة لإجراء استفتاء على استقلال اقليم كردستان العراق والمزمع اجراؤه في أيلول/سبتمبر القادم.
وقال “ماكغورك”, في ختام اجتماعات التحالف في العاصمة واشنطن, أن تنظيم “داعش” لم ينته بعد وأن اجراء الاستفتاء سوف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وهو تصريح ليس حاسماً إذ يسمح بتنظيم الاستفتاء لكن يتحجج بوجود “داعش”.. فهل لأميركا أغراض من إيجاد تلك الحالة “معكم.. وليس معكم” !
تطاول قائد “عصائب أهل الحق” على من يحكمون كردستان !
للصدفة فإنه في اليوم نفسه يقول “قيس الخزعلي” قائد الفصيل المسلح للعصائب الشيعية “عصائب أهل الحق” صاحب الـ43 عاماً، إن: “عائلة البارزاني تسعى لتقسيم العراق من أجل مصالح عائلية” !
نار تحت الرماد هي إذاً من سيحرك الأمور في قادم الأيام بالعراق، وكأنه خرج من القضاء على “داعش” ليلتقي أهدافاً سياسية وأطماع في مناصب ونفوذ !
لقد استغل “الخزعلي” إعلان الانتصار على الدواعش وتحرير الموصل، للحديث عن استفتاء كردستان والقول بأن الانتصار السياسي الذي تحقق لابد أن يكتمل بالحفاظ على العراق واحداً.. مؤكداً بنبرة حادة على رفضه لما وصفها بـ”كل محاولات تقسيمه وتجزئته”.
من عشائر الفرات إلى الأكراد.. خيركم وصلاحكم واستقراركم في عدم الاستفتاء..
ثم قال إنه يبعث برسالة من الفرات إلى كردستان.. من عشائر الفرات إلى أبناء شعبناً من المكون الكردي.. خيركم وصلاحكم أن تكونوا جزءاً من هذا الوطن.. خيركم وصلاحكم وضمان مستقبلكم أن تكونوا جزءاً من هذا البلد.. هكذا كررها الرجل وكأنه يرسل برسائل تهديد وليس نصحاً !
وتابع بقوله لا تذهبوا بعيداً مع من يريد أن يحقق مصالحه العائلية ومصالحه الشخصية على حسابكم وعلى حساب هذا البلد.. بالتأكيد هنا المقصود “مسعود بارزاني” رئيس إقليم كردستان !
رسائل شديدة اللهجة بعدم السماح بالتقسيم..
إن الرسائل هذه المرة كانت شديدة اللهجة، فقد أكد “الخزعلي” على أن “البلد بلد واحد لا يقبل التقسيم.. وكل محاولات ومؤامرات التقسيم ستفشل”, هكذا توعد الرجل.
وهي رسالة تحمل تهديدات مبطنة أرسلها “الخزعلي” من بين أنصاره.. وتأتي مشابهة لتهديدات أطلقها آخرون وصل بها الأمر إلى التلويح بعمل عسكري بقولهم إن فصيل واحد من “الحشد الشعبي” قادر على إنهاء فكرة الاستقلال عن العراق وتهديد “البرزاني” !
أجندة إيرانية لن تتحكم في تقرير مصير أبناء كردستان !
يقول المعارضون لحديث “الخزعلي” إنه ينفذ أجندة إيرانية ويتحدث بلسان إيران ورغباتها التي تريد عراقاً واحداً ليس من أجل العراقيين وإنما من أجل السيطرة والتحكم في كامل موارده الاقتصادية.
كما يرون أنه لا ينبغي تهديد الكرد الذين كان لهم الدور الأكبر في تخليص العراق من تنظيم “داعش” ودحره من مناطق كثيرة في العراق.
كل هذه التصريحات تأتي كرد فعل لما ذكره رئيس إقليم كردستان “مسعود بارزاني” أمام البرلمان الأوروبي في اليوم ذاته، إذ قال الرجل إن قرار الاستفتاء لا تراجع عنه.
الحدود والمياه والموارد.. حان وقت حسمها مع بغداد..
“بارزاني” أكد على أن سلطات إقليم كردستان ستبحث مع بغداد بشأن الحدود والمياه والموارد بعد الاستفتاء المقرر في أيلول/سبتمبر القادم.
“بارزاني” قال من بروكسل إن الأكراد لا يرغبون بالحرب أو الاستقلال بالقوة، لكن الإقليم ليس بحاجة إلى برلمان بغداد لتقرير مصيره.. وأن الشعب الكردي هو مصدر شرعية قرار الاستفتاء.
“بارزاني” طالب الأوروبيين بعدم الوقوف ضد الاستفتاء إذا كانوا لا يدعمونه، وأما بشأن الموقف التركي الرافض لعملية إجراء الاستفتاء، قال “بارزاني” إن الأكراد أثبتوا للجميع أنهم عامل استقرار في المنطقة، وإذا كانت تركيا تعتقد أن قرار الأكراد خاطئ فإننا نرى عكس ذلك تماماً.
نتيجة الاستفتاء الانفصال وتغيير العملة..
ما بات مؤكداً أن إقليم كردستان, الذي يتماس حدودياً مع إيران وتركيا وسوريا, ويقيم به نحو 9 ملايين كردستاني، ماض في طريقه ولن يتراجع عن تقرير مصيره بنفسه، وجميع المؤشرات تؤكد على أن نتيجة الاستفتاء ستكون لصالح الانفصال.
وسيترتب على ذلك تداعيات اقتصادية وسياسية، أولها مصير العملة المستخدمة، إذ سيسعى الإقليم في حال الانفصال إلى طرح عملة جديدة مستقلة مختلفة عن الدينار العراقي، فضلاً عن عقد اتفاقات وممارسة السيادة كاملة بعيداً عن بغداد !