22 نوفمبر، 2024 10:37 م
Search
Close this search box.

انا لست من انصار الزعيم

انا لست من انصار الزعيم

انا لست من انصار الزعيم عبد الكريم قاسم ولا اؤيد سياسته لكني مؤمن ايمانا راسخا بان الزعيم قاسم كن ضحية مؤامرة خططت لها قوى خارجية لاسقطه بعد ن احست ان ميوله الوطنية تتعارض مع توجهاتها القومية ورغم اني لست من انصار قاسم لكني اؤمن ان الكتابة عن هذا الزعيم الخالد تحتم علينا كشف حقيقة هذه الشخصية فرغم الفاجعة التي حلت بالعائلة الملكية وما تبع حركته العسكرية من تداعيات فقد عاش الزعيم قاسم خلال فترة حكمه العراق نظيفا ومات عفيفا .
فقد ساهم الزعيم قاسم مع قادة تنظيم الضباط الاحرار بالتخطيط لثورة 14 تموز 1958 التي قام بتنفيذها مع زميله في التنظيم عبد السلام محمد عارف والتي أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العراقية وقد عرف الزعيم قاسم بوطنيته وحبه للطبقات الفقيرة التي كان ينتمي إليها. وهو من أكثر الشخصيات التي حكمت العراق واثارت جدلا داخل الاوساط المثقفة حيث اتهم من قبل اعدائه ومناوئيه وغلبيتهم من القوميين بعدم فسحه المجال للاخرين بالإسهام معه بالحكم واتهم بالتفرد بالحكم فيما اعتبره البعض من الموالين له بزعيم الفقراء حيث كان يسميه اغلب المواطنين آنذاك ب”الزعيم الأوحد” لتفرده في محبة الفقراء دون كافة السابقين في حكم العراق.. ورغم الاختلاف في تقييم اداء الزعيم الا ان واقع الحال يثبت ان عبد الكريم قاسم كان وفيا لابناء شعبه وخاصة الفقراء ومن الاحداث التي مازالت عالقة في ذهني عندما كنت صبيا لم اتجاوز السابعة من العمر ماحدث يوم وزع الزعيم الاراضي للموظفين في منطقة شارع فلسطين او ماكان يطلق عليه حي 14 تموز حيث استلم والدي قطعة ارض اسوة بغيره من ابناء الشعب فشرع والدي ببنائها بعد ان استلم قرض من المصرف الحكومي وما ان تم اكمال عمليات البناء انتقلت اسرتي الى بيتنا الجديد وهي فرحة مستبشرة خيرا بهذا الانجاز وكان بيتنا مزروع وسط غابة من البيوت قيد الانجاز وكانت العوائل التي سكنت المنطقة لاتتجاوز عدد اصابع اليد لكن هذا الانجاز الذي حققه والدي كان يفتقر الى وجود الماء الصافي الذي لايمكن توفيره الا عن طريق الشراء من سيارات نقل المياه ” تنكرات ” ويامكثرها في ذلك الوقت وكنا نمتلك ستة اوعية لشراء المياه اثنان منها لشراء الماء المخصص للشرب واربعة لشراء الماء المخصص لعمليات الغسل والتنظيف والاستخدامات المنزلية الاخرى وهي غالبا لاترتقي الى مستوى مياه الشرب وكان هذا الامر يقلق عائلتي .. كان الزعيم عبد الكريم قاسم كثيرا ما يمر بسيارته الخاصه في الشارع المقابل لدارنا بعد تفقده عمليات شق جدول سمي بعدها بقناة الجيش كان موكب الزعيم لايشبه المواكب الاخرى للمسؤولين في الدول الاخرى والمسؤولين الحاليين فهو موكب بسيارة منفردة يجلس فيها الزعيم في المقعد الخلفي للسيارة يقودها جندي ومرافق يجلس بجواره تتعقبه سيارة تاركة مسافة تقدر ب 100 متر يجلس في حوضها الخلفي اربعة جنود .. طلب والدي من شقيقتي الكبرى وكان عمرها لايتجاوز الثانية عشر عاما ان توقف سيارة الزعيم بايماءة من يدها وتطلب منه توفير مياه الشرب للعوائل الساكنة الحي .. وقفت شقيقتي بانتظار سيارة الزعيم وما ان وصلت السيارة رفعت يدها تشير لسائقها بالتوقف وكنت انا الى جانبها وفعلا توقفت السيارة واطل الزعيم عبد الكريم قاسم براسه من النافذه وهو يبتسم فقالت له شقيقتي ببراءة ” عمو انريد مي تره كاعد نشرب مي بيه سمج اصغار ” ضحك الزعيم وقال لها ” بسيطة ان شاء الله يجيكم المي ” وانطلقت سيارته وفي اليوم التالي لفت نظرنا تواجد افواج من العمال مع اليات ومعدات حفر بدات بتنفيذ اكبر حملة لتوفير مياه الشرب للعوائل الساكنة في الحي والملفت ان افواج العمال كانت تعمل الليل والنهار بلا انقطاع حتى اكملت عملية وصول المياه الصالحة للشرب للعوائل الساكنة في الحي .. لم تنتهي حكاية توفير المياه لهذا الحد بل اخبرتنا جارتنا حكاية طريفة حيث قالت انها شاهدت الزعيم عبد الكريم قاسم الساعة الثانية ليلا اثناء محاولتها ايقاف بكاء طفلها ليلا حيث العوئل كانت تستهوي النوم فوق سطوح المنازل شاهدت الزعيم امام منزلنا وهو يقول لشخص كان مرافقا له ان المياه اصبحت متوفرة في الحي فقال له ذلك الشخص الذي كان برفقته “وكيف تعلم سيادة الزعيم ” قال بعد ان اخذ حفنة من التراب من امام منزلنا ” التراب رطب وهو دليل على ان سكان المنزل قاموا برش باب الدار بالمياه ” فضحك المرافق وانسحبا من امام الدار بعتمة الليل
هذه الحادثة هي واحدة من مئات الحوادث التي تؤشر عظمة القائد وحبه لابناء شعبه وتىلاحمه مع معاناتهم فلم يكن الزعيم يوما قابعا في قمقمه في مناطق محصنة ولم يكن يتنقل في شوارع بغداد بسيارات مصفحة ترافقه افواج من الحمايات الخاصة ولم يكن يوما ناهبا لاموال الشعب فقد لقي حتفه ولم يمتلك من متاع الدنيا غير بيتا صغيرا من ممتلكات الدولة ومبلغا زهيدا لايقارن بم يملكه رجال السياسة اليوم وفي ضوء ذلك الا يستحق هذا الزعيم ان نكتب عن سيرته الوضاءه ودوره في رعاية الفقراء .

أحدث المقالات