خاص : كتب – محمد بناية :
توجه الرئيس العراقي السابق “جلال الطالباني” أمين عام “الاتحاد الوطني الكردستاني” إلى إيران قبل أسابيع من الاستفتاء على انفصال كردستان. ورغم ما قيل عن الماهية الترفيهية للزيارة لكن أجواء وتوقيت الزيارة يقوي من التكهنات المتعلقة بالاستفتاء على “استقلال كردستان العراق”، لا سيما بوجود ممثل أساسي عن إقليم كردستان وصاحب علاقات جيدة مع المسؤولين الإيرانية.
وقد ازدادت التصريحات حول استقلال “إقليم كردستان العراق” عقب تطهير المناطق الكردية من تنظيم “داعش” الإرهابي. ومعروف أن كردستان تتبنى نظاماً فيدرالياً لإدارة شؤون المناطق الكردية منذ سقوط نظام “صدام” البعثي، لكن الأكراد الآن يفكرون في خطوة أكبر بحثاً عن الاستقلال والانفصال.
إيران: وحدة العراق موضوع غير قابل للتفاوض..
احتدمت مناقشات استقلال كردستان العراق قبل أشهر، ومن المقرر طبقاً للمخططات إجراء الاستفتاء على الاستقلال في الـ25 أيلول/سبتمبر القادم. هذا الاستفتاء الذي أثار انتقادات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”, وكذلك ردود فعل المسؤولين الإيرانيين.

وبالأمس شدد “بهرام قاسمي”, المتحدث باسم الخارجية الإيرانية, على وحدة العراق وسلامة أراضيه, بالتزامن مع زيارة “الطالباني” إلى إيران للتفاوض, وقال: “موقف إيران في هذا الموضوع ثابت لم يتغير، ووحدة العراق موضوع غير قابل للتفاوض”.
بدوره قال خبير شؤون الشرق الأوسط “علي خرم”, في حوار مع صحيفة “تفاصيل الحدث” الإيرنية: “استقلال إقليم كردستان العراق هي مسألة أمن قومي إيراني، مع هذا لن تدخل إيران في مواجهات أو صدمات مع الأكراد”.
تخوفات إقليمية على سلامة أراضي العراق..
في الوقت نفسه, توجه “البارزاني” إلى بروكسل للاستفادة من الدعم الأوربي. وكان “البارزاني” قد طرح مراراً مسألة استقلال “إقليم كردستاني العراق” باعبتارها حق طبيعي للأكراد، تلك التصريحات التي أثارت بشدة قلق دول الجوار العراقي.
ويتعين على العراق, الذي لم يتخطى الكثير من الأزمات, القلق بشأن أزمة وحدة وسلامة أراضيه. وبالطبع تتخوف “تركيا وسوريا وإيران” – ذات المناطق الكردية الواسعة – من احتمالات اشتعال الأوضاع جراء مناقشات استقلال كردستان العراق.
مبعوث إقليم كردستان العراق إلى إيران: أميركا وفرنسا يدعمون إستقلال الإقليم..
يعتقد “ناظم دباغ”, مبعوث إقليم كردستان العراق إلى إيران، أن الموضوع يقتصر على كردستان العراق فقط، وإن استقلال الإقليم لا يتعارض مع وحدة أراضي كل دول الجوار. وقال في حواره مع الصحيفة الإيرانية: “اصرار أكراد العراق سببه سخطهم على الحكومة المركزية. فقد وقع الجانبان خلال السنوات الماضية الكثير من الاتفاقيات التي لم تدخل حيز التنفيذ.. كذلك لم يتم تفعيل بنود الدستور المتعلقة بالأكراد، ولم تلتزم الحكومة المركزية بتعهداتها حتى الآن”. لكن الحل الأفضل من وجهة نظره هو التفاوض مع الحكومة المركزية التي قد تغير الأوضاع بالتزامها.
وأضاف: “نحن نريد وحدة العراق لكن لابد من تهيئة الظروف والأجواء.. لكن لا مفر من الصراع ما لم نصل إلى نتيجة مع العراق”.
ورغم صعوبة استقلال أي دولة الأمر الذي يحتاج إلى ظروف خاصة, لكن يبدو أن الدول الأوربية وأميركا لا تعارض بقوة “استقلال كردستان العراق”. وأكد “دباغ” على ضرورة التحاور مع “إيران” وكل دول الجوار والعالم بشأن الاستقلال، وتهيئة الأجواء المناسبة لكسب تعاطفهم.
وحول زيارة “الطالباني” إلى إيران, قال: “لن يلتقي رسمياً المسؤولين الإيرانيين، لكن تفيد الأخبار المتعلقة بالزيارة أن هذه اللقاءات ستتم بشكل ودي”. وأستطرد: “لا توجد مناقشات حول استقلال كردستان، والإقليم يسعى لإجراء الاستفتاء لتوعية الأكراد بمسألة الانفصال. بالتوازي مع ذلك توجه رئيس الإقليم “مسعود البارازني” على رأس وفد رفيع المستوى إلى بروكسل على أمل أن ينجح في كسب تعاطف الدول الأوروبية مع الاستفتاء. في غضون ذلك أعلن مسؤولون من دول مثل “فرنسا والولايات المتحدة الأميركية” دعم استفتاء كردستان العراق”.
مع هذا وطبقاً لتصريحات “دباغ” لم تعلن أي من هذه الدول الدعم الرسمي للاستفتاء. ورغم فشل مخططات تقسيم دول الشرق الأوسط, لكن تزيد الحروب والصراعات خلال السنوات الماضية من صعوبة الأوضاع بالنسبة للجماعات والقوميات.
لكن الأهم من كل ذلك هو أن تقسيم الدول من شأنه توجيه ضربة قاصمة لكل المطالبين بالاستقلال، لأنهم سوف يخسرون كل مطالبهم بسبب موقفهم الضعيف. إن فكرة الانفصال والاستقلال بحد ذاتها مخيفة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط لأن نيران الصراعات والحروب القديم لم تهدأ حتى الآن.