يمكن القول، دون تردد، أن مسيحيي العراق لم يتمكنوا من إختيار من يمثلهم سياسيا، منذ قيام دولة العراق الحديث عام 1921 وحتى يومنا هذا. فهذه المجموعات المسيحية أو الطوائف الدينية، أو الكنائس التاريخية تعاني من إنقساماتها المذهبية وعدم إتفاقها على من يمثلها سياسيا، على الرغم من إتفاقها الظاهري فيما بينها. كما إنها تفتقد للقوة التي توحدها بخلاف العرب الذين ظهر فيهم الإسلام كقوة موحدة لهم. وفي تاريخ الكنيسة الطويل فإن إتفاق الجماعات المسيحية وأتحادها كان يتم بإرادة الحاكم وقوة السلطة، كما هو الحال في معظم الأقليات والمجتمعات.
وينبغي بهذا الصدد، الإقرار بثلاثة حقائق مهمة عن هذه الجماعات، وهي: –
1. إنها من الشعوب الاصيلة في المنطقة.
2. إنها لعبت دوراً متميزاً في الحضارة العربية وبناء الدولة.
3. إن ايديولوجيتها المتسامحة كانت سبب بقاءها، وعامل خسرانها لمواقعها وتضاءل أعدادها.
وقد حافظت هذه الجماعات على تماسكها فترة طويلة، على الرغم من تقلبات الزمن، فقد وجدت في هذه المنطقة قبل الإسلام وعايشت كل العصور الإسلامية المختلفة، إبتداءا من حكم الخلافة الراشدة وحتى نهاية حكم الخلافة العثمانية عام 1924. أما بعد تأسيس الحكم الوطني في العراق سنة 1921 فقد تضمن الدستور تمثيلا يتناسب وعددهم ومن الاوائل الذين انتخبوا نواباً في مجلس النواب الدكتور سليمان غزالة ورؤوف شماس ألّوس والخوري يوسف خياط ثم تكللت مشاركتهم فيما بعد بتعيين البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني عضوا في مجلس الاعيان، وتبعه البطريرك يوسف غنيمة في نفس المنصب حتى وفاته قبل ثورة 14 تموز1958 بايام قليلة عندما عطلت اعمال المجلسين.
ومن الناحية المذهبية، فإنهم يتوزعون الى المذاهب الرئيسية الأربع التالية، والتي تقودها كنائس محددة، وهي: –
أولا. الكاثوليك: ويضم الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، الطائفة السريانية الكاثوليكية، الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، الروم الكاثوليك، طائفة اللاتين الكاثوليك.
ثانيا. الأرثوذكس: ويضم الطائفة السريانية الأرثوذكسية، الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية، الروم الأرثوذكس، طائفة الأقباط الأرثوذكس.
ثالثا. كنيسة المشرق: وتضم كنيسة المشرق القديمة، كنيسة المشرق الآشورية أو الكنيسة الآثورية.
رابعا. البروتستانت والطوائف الغربية: وتضم الطائفة البروتستانتية الإنجيلية الوطنية، الطائفة الإنجيلية البروتستانتية الآثورية، طائفة الأدفنتست السبتيين.
أما من الناحية القانونية، فإن القانون العراقي قد أعترف بأربعة عشر طائفة مسيحية في العراق وفقاً لنظام ملحق نظام رعاية الطوائف الدينية المعترف بها رسميا في العراق رقم 32 لسنة 1981.
إزاء هذا التعدد المذهبي، والاعتراف القانوني، أثيرت بعد عام 2003 مشكلة التمثيل السياسي لمسيحيي العراق، وتحولت شيئا فشيئا الى عقدة مستعصية، وقد برزت توجهات عديدة، عززت من روح الإنقسام لدى هذه الطوائف بدلا من توحيدها، وهي: –
(1)التمثيل وفقاً لمبدأ أسبقية التنظيم السياسي: ووفقا لهذا التوجه، فإن الأحزاب الآشورية هي التي تمثل مسيحيي العراق، نظراً لسبقها للتنظيم السياسي المتمثل بالحركة الديمقراطية الأشورية (زوعا)، الى جانب أحزاب أخرى صغيرة ظهرت فيما بعد، لتمثّل الأشوريين والكلدان والسريان وغيرها.
(2)التمثيل وفقاً لمبدأ الأغلبية العددية :ووفقا لهذا التوجه، فإن الكلدان الكاثوليك يعدون أكبر الطوائف المسيحية في العراق، وهم الأحق بتمثيل مسيحيي العراق قاطبة.
(3)التمثيل وفقاً للإعتراف الرسمي أو الحكومي: ووفقا لهذا التوجه، فإن من يسبق غيره في الحصول على الإعتراف الرسمي هو الأولى بتمثيل المسيحيين، ويقع تنظيم ريان الكلداني المسمى بالحركة المسيحية في العراق، ضمن هذا التمثيل، بالإضافة الى أحزاب وتنظيمات أخرى صغيرة نشأت في بغداد أو إقليم كردستان العراق، وحظيت بإعتراف رسمي.
إن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم قدرة هذه المجموعات على توحيد نفسها تحت أي مسمى كان. وهذا الأمر ذاته تعاني منه المجموعات السياسية المسيحية جميعها، فالكلدان والسريان في غالبيتهم، يجدون صعوبة في الانضمام الى الحركة الآشورية، لان التسمية تعيق ذلك. كما تعذر قيام أحزاب سياسية مسيحية، لتعارضها مع التعاليم المسيحية السمحاء، ولتلافي أثارة أي صراع ديني غير متكافئ مع الأغلبية المسلمة.
– التنظيمات السياسية المسيحية اليوم
بعد عام 2003 شهد العراق إنفتاحاً سياسياً كبيراً بعد زوال سلطة الحزب الواحد، إلا إن ذلك قاد الى الفوضى نتيجة عدم وجود قانون ينظم الحياة الحزبية في العراق، حتى تاريخ صدور قانون الاحزاب السياسية في 27 آب 2015.
كان الأشوريون سبّاقين في تنظيم أنفسهم سياسيا بعد العديد من النكبات التي ألمت بهم وأخرها مذبحة سميل عام 1933، كما كان خروج البطريرك الأشوري إيشاي مار شمعون منفيا من العراق بعد تلك المأساة الى قبرص، ثم نقل مقر البطريركية الى الولايات المتحدة الأمريكية منذ ذلك الحين والى عام 2015، حيث أعيد الى أربيل شمال العراق مؤخراً، قد ساعد في إنفتاح الاشوريين على العالم وأدى الى خلق تنظيماتهم السياسية، فأنشأت الحركة الديمقراطية الأشورية عام 1979. كأول تنظيم سياسي مسيحي عراقي.
وفي جانب أخر، كانت الكنيسة قد نقلت التراث الكلداني عبر القرون لكنها لم تكن في موقف يحث الشعب على استخدام الاسم الكلداني في فضاء التعامل السياسي فبقيت الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية تنأى بنفسها عن الجوانب السياسية للمسألة القومية لشعبنا الكلداني بعكس الكنيسة الآشورية التي لم تألوا جهداً للمساهمة الفعالة في تنمية الروح القومية لشعبها.
كانت البداية في انبثاق التنظيمات الكلدانية في تأسيس المركز الكلداني للثقافة والفنون في دهوك سنة 1996 وعمل على نشر الوعي والثقافة والتعريف بتاريخ الكلدانيين. وفي عام 1999 كانت هناك جهود حثيثة لتأسيس حزب سياسي قومي للشعب الكلداني وفي 1/ 10/ 2001 اثمرت تلك الجهود عن انعقاد اجتماع موسع ضم 35 شخصية كلدانية، وتم الأتفاق على وضع النظام الداخلي لحزب سياسي كلداني. وقد كانت ولادة حزب اتحاد الديمقراطي الكلداني المعروف.
ولم تظهر التنظيمات الكلدانية بشكل واضح إلاّ عام 2000، وقبل سقوط النظام في العراق، حيث ظهر حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، ثم في عام 2005 تشكل المجلس الشعبي الكلداني -السرياني-الاشوري، وغيره.
أما الطوائف الأخرى كالسريان والأرمن والروم واللاتين وغيرهم فقد إرتأوا النأي بأنفسهم عن معترك السياسة نظراً لقلة عددهم، وتجنيباً لأنفسهم من صدمات السياسة وهزاتها في العراق. وإسوة بأقرانهم الكلدان، فلم تظهر الأحزاب السياسية السريانية إلا بعد عام 2003.
أما التنظيمات المسيحية اليوم، فهي: –
1. الحركة الديمقراطية الآشورية، تأسس عام 1978، أمينه العام يونادم كنّا.
2. حزب بيث نهرين الديمقراطي، تأسس عام1976، أمينه العام روميو هكاري.
3. إتحاد بيث نهرين الوطني، تأسس عام1996، رئيسه يوسف يعقوب متي.
4. الحزب الوطني الآشوري، تأسس عام 2003، أمينه العام عمانوئيل خوشابا يوخنا.
5. حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، تأسس عام2000، أمينه العام أبلحد أفرام ساوا.
6. المجلس القومي الكلداني، تأسس عام2007، امينه العام سمير عزو داود.
7. المنبر الديمقراطي الكلداني، تأسس عام2007، أمينه العام سعيد شامايا.
8. المجلس الشعبي الكلداني-السرياني-الاشوري تأسس عام2005، أمينه العام شمزدين كوركيس زيا.
9. حركة تجمع السريان، تأسس عام 2005، رئيسها نجيب بنيامين.
10. مجلس أعيان بغديدا، تأسس عام2007، رئيسه أسطيفو جميل حبش.
11. كتلة الوركاء الديمقراطية، تأسست عام 2013، رئيسها جوزيف صليوا سبي.
12. كيان أبناء النهرين، تأسس عام2013، رئيسته گلاويژ(كاليتا) شابا جيجو.
13. حركة المسيحيين الديمقراطية المستقلة، تأسس عام 2015، أمينه العام بولص جرجيس بولص.
14. الرابطة الكلدانية، تأسست عام2015، رئيسها صفاء هندي.
– الفصائل المسيحية المسلحة
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وما تبعه من حل للأجهزة الأمنية والجيش إتسعت دائرة التشكيلات المسلحة خارج سلطة الدولة في العراق ليكون لكل مكوّن ميليشيا خاصة توفر الحماية له وتنفذ أجندته، وفي هذا الصدد شكّل المسيحيون ميليشيا خاصة بهم لحماية بعض قراهم في الموصل.
وأعلنت الطوائف المسيحية في العراق عن تشكيل ميليشيا مسلحة في محاولة لاستعادة بلداتهم التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بسقوط الموصل في حزيران 2014، الذي استولى على مساحات واسعة من العراق في العام الماضي.
وجاء تشكيل ميليشيا مسيحية مشابهة لعمل ميليشيات الأحزاب الشيعية كقوات بدر أو سرايا السلام التابعة للتيار الصدري أو عصائب أهل الحق.
وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 4 آلاف مواطن عراقي مسيحي انضموا إلى ما يسمى “وحدات حماية سهل نينوي” التي قامت الحركة الديمقراطية الآشورية- زوعا- بتأسيسها، وهي الحزب السياسي الرئيسي للآشوريين في العراق، والمدعوم من قبل الحكومة العراقية والبيشمركة الكردية. ومن أبرز هذه التنظيمات المسلحة: –
1- كتائب “بابليون” الجناح العسكري للحركة المسيحية في العراق
وتعد الدراسة التي كتبتها ميرفت عوف بعنوان: «كتائب بابليون» أول فصيل مسيحي مسلح في الحشد الشعبي العراقي (33)، أول دراسة مفصلة عن هذا الفصيل المسلح، والذي دافعت عنه بشكل كبير، نقتطف منه ما يلي: –
” بالرغم من أن أطرافاً مسيحية لا تعتبره ممثلاً لكل المسيحيين إلا أن حركة «بابليون» وهي أول فصيل مسيحي في العراق، أصبحت خلال مشاركتها في عدة عمليات عسكرية منها معركة تحرير الفلوجة، رقماً فاعلاً في الحشد الشعبي وأيضاً في معادلة العملية السياسية المعقدة في العراق.
2- الحراسات التابعة للمجلس الشعبي
وهي مجاميع من أبناء المسيحيين أوجدهم تنظيم المجلس الشعبي لـ “نينوي” من أجل حماية القرى والقصبات التي يقطن فيها المسيحيون، وكان التنظيم يخصص لهم راتباً شهرياً عن جهودهم، هؤلاء الأشخاص لم يجر إدخالهم في معسكرات تدريب للحماية، كان يقدر عددهم بما يقارب 3000 عنصر.
3- وحدات حماية سهل نينوى (NPU)
عقب تهجير المسيحيين من الموصل على يد تنظيم “داعش” فتحَ بابٍ للتطوع لأبناء الطائفة المسيحية من فرع “زوعا” في عاصمة إقليم كردستان أربيل أمام الشباب والشيوخ؛ لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ومحاربة التنظيم وتحرير القرى التي سيطرت عليها.
وتشير التقارير الإعلامية المسيحية العراقية إلى أنها مرتبطة بقوات البيشمركة الكردية، وكان تواجدها بقرى المسيحية بالموصل مع مجيء قوات البيشمركة إلى نينوي في 2003 عقب سقوط نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية.
ولدى الحركة الديمقراطية الآشورية 500 مقاتل من المسيحيين الآشوريين يقومون بحماية البلدات الواقعة في سهل نينوي من المقاتلين المتطرفين، وهناك 500 آخرون يتلقون التدريبات اللازمة، إضافة إلى وجود 3000 شخص ينتظرون الدخول إلى معسكرات التدريب.
ويتزعم تنظيم “زوعا” الذي تأسس عام 1982 رئيس قائمة الرافدين النيابية والسكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية السيد “يونادم كنا”، وهو لديه علاقات وثيقة بحكومة إقليم كردستان العراق.
4- ” الـ دويخ نَوشا” كتائب الحزب الوطني الآشوري
سرايا أو “مفارز” هي كتائب تابعة للحزب الوطني الآشوري تشكلت، بعد سقوط نينوي على يد “داعش” في يونيو الماضي، وكان أهدافها حماية قرى وقصبات سهل نينوي، وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يقارب الـ 200 عنصر، وحسب بيان للحزب الوطني الآشوري ضد ما كان يعرف بتجمع التنظيمات السياسية.
5- قوات سهل نينوي
وهي كما تبدو قوات تم تشكليها من قبل حزب بيت نهرين، ويبلغ عددها 500 عنصر كدفعة أولى، متوقعا أن تكون أكثر من ذلك خلال الأيام القادمة.
وأكد السكرتير العام لحزب بيت نهرين الديمقراطي روميو هكاري، أن تشكيل قوة سهل نينوي تم بالتنسيق بين الحزب ووزارة البيشمركة، لافتا إلى أنها قوة وطنية ذات خصوصية قومية من حيث المهام والتركيبة وليست حزبية.
6- كتائب “أسود بابل” المشتركة
كتائب أسود بابل المشتركة، هي قوات حديثة التشكيل ضمن تجربة الحشد الشعبي، الأمين العام لهذه الكتائب هو”سرﮔون يلدا” مستشار المصالحة الوطنية، وحسب بيان التطوع لهذه القوات الرسمية فإن باب التطوع مفتوح للكلدان والسريان والآشوريّين بصورة خاصة، إلى جانب الشبك والتركمان والأكراد والأيزيديّين والصابئة وغيرهم.
ويبلغ عدد عناصر هذه الكتائب أو الفوج الـ 2500، وتشير بعض التقديرات أو المؤشرات إلى أن أعداد التطوع تجاوزت هذا العدد وتعمل تحت غطاء الدولة، مما يستوجب التدريب والتسليح إلى جانب شمولهم ببقية المخصصات والامتيازات حسب التشريعات من رواتب أو في حالة الجرح.
7- كتائب “عيسى ابن مريم”
سرايا أبناء السريان أو كتائب عيسى ابن مريم، وهي كتائب منطوية تحت لواء الميليشيات الشيعية أو “الحشد الشعبي” قائد هذه القوات هو السيد سلوان موميكا، وتتكون من أبناء “بغديدا” يتلقون تدريبهم في معسكر التاجي وهي سرايا تعمل تحت غطاء الدولة والجيش، تتلقى تدريباً عالي المستوى وستكون مسلحة بتسليح الجيش وتعمل ضمن السياقات العسكرية النظامية.
– الصراع على تمثيل المسيحيين
واليوم، ينقسم مسيحيو العراق الى 14 طائفة دينية، وهناك 14 حزباً سياسياً مسيحياً، و7 فصائل مسيحية مسلحة، و37 صحيفة ومجلة، وقناتين تلفزيونيتين، وخمس إذاعات، وأكثر من 20 موقعاً ألكترونياً. في الوقت الذي تدّعي جميعها تمثيل مسيحيي العراق، بينما تزداد أمور المسيحيين العراقيين سوءا ويتناقص أعدادهم بإضطراد. فمَن يمّثل مَن؟ وما الذي تحقق لمسيحيي العراق؟
وعلى الرغم من الإحصائيات المؤلمة عن الوجود المسيحي في العراق، وتناقص أعدادهم بشكل كبير، فإننا نشهد تهافت العديد من الطراف على الادعاء بتمثيل المسيحيين بدلا من التكاتف حول إيجاد حل لمأساة هذه الفئة من الشعب العراقي، التي انخفضت أعدادها وفقا لإحصائيات غير رسمية، على الشكل التالي: –
عدد المسيحيين في العراق عام 1987 كان 1,400,000 نسمة
عدد المسيحيين في العراق عام 2003 كان 1,500.000 نسمة
عدد المسيحيين في العراق عام 2013 كان 450,000 نسمة
وحالياً تبلغ نسبة المسيحيين الى سكان العراق زهاء 4%يتوزعون على النحو التالي 65% :كلدان كاثوليك)14% سريان (كاثوليك وأرثوذكس)16% أثوريون (من طوائف ثلاثة)4% أرمن (من طوائف عدة)1% مذاهب وطوائف بروتستانتية.
وفي آخر تصريح لبطريرك الكلدان لويس ساكو قال: لا توجد احصائية دقيقة لعدد المسيحيين في العراق وبتقديري فإن نسبة المسيحيين في البلد كانت 4% واصبحت الان 2%، بينما كانت نسبة المسيحيين في المنطقة 20%.
– الكنيسة تسد فراغ مرجعية سياسية حقيقية
في 10/05/2015، وعند ترأس البطريرك لويس ساكو لندوة تعريفية عن الرابطة الكلدانية في بغداد، “وأعتبر البطريرك الكلداني وجود خمسة فصائل مسلحة مسيحية، ثلاثة منها ضمن الحشد الشعبي وواحد تحت لواء حزب البارتي وأخر مع الاتحاد الوطني الكردستاني دليل على أنشطار الموقف المسيحي في العراق ولا وجود لمرجعية سياسية حقيقية تمثله مما دفع بالكنيسة لسد هذا الفراغ”.
ثم عاد ثالثة لتوضيح موقف الكنيسة من السياسة، من خلال مقال بعنوان (البطريرك ساكو يكتب: جدل الكنيسة والسياسة والموقف المبدئي)، نشر على موقع أبونا الألكتروني، جاء فيه:
” يكمن الفساد والخروج عن الموقف الانجيلي المبدئي، عندما تنتقل الكنيسة الى سدّة الحكم وتتحول الى قوّة سياسية وعسكرية تحكم باسم الدين كوحدة مشتركة كما الحال اليوم في بعض دول منطقتنا.
أجل قد تنتقد البطريركية أداء وتبعية البعض، لكنها أيضا لا تريد ان تكون قوة ومرجعية سياسية. والبطريرك لا يسعى ابدا ليكون زعيما قوميا للكلدان ولا قطبا سياسيا للمسيحيين. يكفيه ما له من مسؤوليات واعباء، لكن من واجبه كأب وراعٍ وفي ظل البيئة السياسية والاجتماعية والامنية الحالية على إثر الصراعات المتعددة وظهور داعش وتداعياته، ان يدافع مثل معلمه المسيح عن المظلومين والمقهورين والمهجرين والفقراء، وان يدعو الى تحقيق المصالحة الوطنية والشراكة الفعلية لبناء دولة قوانين عادلة ومؤسسات، ووطن شامل يحتضن الكل على حدّ سواء. من هذا المنطلق بعينه، وبغية ان “نبقى معًا” دعا الى تكوين مرجعية سياسية مسيحية من نخب وأحزاب وتنظيمات ذات اقتدار لتكون الصوت السياسي للدفاع عن حقوق المسيحيين الاجتماعية والسياسية الكاملة، وتقوم بدور وطني رائد بالتعاون مع المرجعيات السياسية الاخرى. وهذا المنطلق بحد ذاته، يبين ضحالة ما يشاع من آراء غير واقعية، والعقبة امام تشكيل كذا هيئة هو التشدد القومي والطائفي!
لا غرو ان للناس آراء وتطلعات مختلفة ومتباينة، وترضية الناس غاية تدرك، الا أننا نستطيع أن نخلص الى القول بأن المرجعية المسيحية ان تشكلت والرابطة الكلدانية ستخففان من وطأة عمل البطريركية لمتابعة تفاصيل شؤون المسيحيين اليومية!”.
– حالات الادعاء بتمثيل المسيحيين وإنكاره
1. كتائب بابليون – الحركة المسيحية في العراق لا تمثل المسيحيين
أصدرت البطريركية الكلدانية بياناً بالعدد 49 في 13 مارس 2016 تؤكد فيه ان لا علاقة لها بكتائب بابليون ولا بقائدها ريان الكلداني ولا تمثلها وان ممثليها الرسميين هم أعضاء مجلس النواب العراقي فقط. هذا نصه:-
“تؤكد البطريركية الكلدانية الا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بكتائب بابليون او غيرها من الفصائل المسيحية المسلحة ولا بالشيوخ الكلدان.
كان مثلث الرحمات البطريرك الكردينال مار عمانوئيل الثالث دلي قد منح كتبا رسمية لبعض الأشخاص استغلوا مرضه، يعلن فيها انهم شيوخ، لكن منذ تسنم غبطة البطريرك الحالي مار لويس روفائيل ساكو مهامه وجه كتاباً الى المراجع الحكومية يعلمها بانه لا يوجد للكنيسة الكلدانية شيوخ يمثلونها، انما مرجعيتها السياسية هي الحكومة العراقية وان ممثليها الرسميين هم أعضاء مجلس النواب.
ولم يستقبل غبطته أحدا من هؤلاء ولم يمنحهم أي كتاب أو تخويل”.
ولاحقاً ردّ إعلام البطريركية الكلدانية عبر بيان أو تصريح موجز في 15/2/2017 بعنوان: “البطريركية الكلدانية تستنكر تصريحات السيد ريان الكلداني حول الانتقامات من أهالي الموصل”، جاء فيه:
“تستنكر البطريركية الكلدانية بشدة تصريحات السيد ريان سالم الكلداني التي تناقلتها نشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تعلن الحرب على مسلمي الموصل واخذ الثأر من أحفاد “يزيد” زاعما انه ومن معه هم أحفاد “جوني ووهب”. هذا كلام غير مسؤول.
اننا نعلن للجميع ان السيد ريان لا صلة له بأخلاق المسيح رسول السلام والمحبة والغفران، ولا يمثل المسيحيين باي شكل من الاشكال، ولا هو مرجعية للمسيحيين، ولا نقبل ان يتكلم باسم المسيحيين. ان تصريحاته المؤسفة تهدف الى خلق الفتنة الطائفية المقيتة. على السيد ريان ان يحترم اخلاق الحرب ويحترم حياة الأبرياء ونعتقد ان الحشد الشعبي يرفض كذا تصريحات ومواقف”.
وبالمقابل، أصدر المتحدث باسم كتائب بابليون السيد ظافر لويس بيانا شديد اللهجة، نشرته قناة السومرية العراقية على موقعها الرسمي في اليوم التالي بتاريخ 16/2/ تحت عنوان 2017، “بابليون” تستغرب تصريحات “ساكو” وتصفه برجل الدين “المسيس” وتهدد بمقاضاته، جاء فيه:
أبدى متحدث باسم كتائب “بابليون” إحدى فصائل الحشد الشعبي، الخميس، استغرابه من تصريحات رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم “لويس روفائيل ساكو” والتي استنكر فيها تصريحاً لقائد الفصيل ريان الكلداني، مشيرا الى ان تصريحات الاخير كانت قبل نحو سنة ونصف، فيما وصف ساكو بأنه “رجل دين مسيس” وتصريحاته “مدفوعة الثمن”، وهدد بمقاضاته.
وقال المتحدث باسم “بابليون” ظافر لويس، في بيان تلقت السومرية نيوز، نسخة منه، “نستغرب بشدة أن ينساق لويس روفائيل ساكو وراء الاعيب الإعلام المغرض ويكون ضحية التضليل والتلاعب والتقطيع لكلام قاله الأمين العام لحركة بابليون قبل أكثر من سنة”.
وأوضح لويس أن امين عام بابليون ريان الكلداني “مازال يوكد بأن داعش هم أحفاد يزيد واتباع الخوارج”، لافتا الى أن “كلام الكلداني كان قبل سنة ونصف السنة، ونقلته الآن وسائل علام تحاول البحث عن مادة إعلامية للإثارة”.
واضاف لويس “نستغرب ان ينساق هذا رجل الدين المسيس وراء هذه الحملة المغرضة التي تستهدف النسيج الاجتماعي والديني في الموصل”، مشيرا الى أن “هذا التصريح المغرض للويس ساكو مدفوع الثمن ومن أطراف لا تريد الخير والسلام للعراق وأهله” على حد قوله.
وأبدى لويس أسفه أن “يتحول هذا الرجل إلى مستنقع وعاظ السلاطين وابواق الشياطين ليتخلى عن دوره اللاهوتي وزرع السلام والمحبة في ربوع الوطن ويقحم نفسه في أنفاق الطائفية المقيتة”، مؤكدا “سنقاضيه لكي يرعوي ويتعظ ويعرف حدوده ودوره ووظيفته دون أن يتحول إلى بوق للطائفية ومطية للأصوات السياسية النشاز”.
ورد البطريرك ساكو على البيان أعلاه بعبارة موجزة نشرتها الشرقية في 16/2/2017 بالنص: ساكو يرد على “بابليون”: أنا رجل دين عراقي ولست رجل سياسة ولا أحتاج للمال”.
وعلى غرار ذلك كان موقف الحركة الديمقراطية الاشورية من كتائب بابليون، حيث صرح سكرتير عام الحركة قائلا: “رئيس هذا الفصيل المسلّح لا يمثّل المسيحيّين، ومشاركته في الحشد والقتال ضدّ “داعش” تمثّله شخصيّاً. نحن نؤمن بأهميّة مشاركتنا في الحرب ضدّ الإرهاب، لكن هذا الشخص بعيد عنّا، ولديه بين 20 و30 مقاتلاً، لكنّ الإعلام يضخّم وجوده لغايات أخرى، خصوصاً أنّ الكنيسة اعترضت على تسمية ريان بـ “الشيخ” لأنّنا في الديانة المسيحيّة ليس لدينا مصطلح “شيخ”. إضافة إلى ذلك، بعثت الكنيسة التي ينتمي والده إليها ببيانين إلى الحكومة أكّدت فيهما تخلّيها عنه وأنّه لا يمثّلها، لكنّ الحكومة تجاهلت الأمر وبقي البعض يعتمده كمقاتل مسيحيّ يمثّل المسيحيّين… والحقيقة عكس ذلك”.
2. النواب ممثلي المسحيين الرسميين، ونائب كتلة الوركاء المسيحي لا يمثل المسيحيين
في عام 2016 أعلن البطريرك الكلداني “انما (الكنيسة) مرجعيتها السياسية هي الحكومة العراقية وان ممثليها الرسميين هم أعضاء مجلس النواب”.
ولكنه في عام 2017 صرح إعلام البطريركية الكلدانية إن أحد النواب لا يمثّل المسيحين بقوله: “السيد جوزيف ليس رئيسا للكنيسة الكلدانية ولا للمسيحيين ولا يمثلهم فهو يمثل رسميا كتلة الوركاء، لكنه لا يشرف كتلة الوركاء ولا مجلس النواب. فتصريحاته متهورة وتفتقر الى اللياقة والى المسؤولية. وهذه ليست المرّة الأولى التي فيها يتجاوز على غبطة البطريرك وشخصيات مسيحية وعراقية أخرى. ان هذا النائب (جوزيف صليوا) لا يمثل المكون المسيحي باي شكل من الاشكال ولا يمثل الكلدان ولا يشرفهم، ويبدو انه انسان غير مسؤول ولا يعرف حجمه وحدوده، او مدفوع من جهة معينة”.
3. الحركة الديمقراطية الأشورية تمثل المكون المسيحي، ولا تمثله
صرح سكرتير عام الحركة قائلا: “نحن كمسيحيّين وممثّلين عن المكوّن المسيحيّ في مجلس النوّاب العراقيّ، لم نطالب بإقامة إقليم، ولا بالانفصال عن العراق، ولا حتّى بأن نعزل في مناطق معيّنة بعيداً عن بقيّة العراقيّين. ما حدث أنّ هناك أحزاباً أوروبيّة وامريكية، وضمن إطار الدفاع عن مسيحيّي العراق، طالبت عبر تصريحات أو بيانات صحافيّة بتخصيص إقليم لمسيحيّي العراق. إذاً، من طالب بهذا هم أناس من خارج العراق، أمّا نحن الذين نناضل في البرلمان، فنعمل وفق مبادئ الدستور العراقيّ، ونؤكّد أهميّة العيش في وطن واحد يجمع العراقيّين بانتماءاتهم كافّة، ونجد في طلب إقامة إقليم، خطوة عنصريّة تعزلنا عن الآخر”.
أصدرت بطريركية بابل الكلدانية بتاريخ 15/1/2012 بياناً الى الشعب العراقي والمسؤولين في الدولة العراقية جاء فيه: ” ان بعض السياسيين المسيحيين ونخص منهم بالذكر سعادة النائب يونادم كنا سكرتير الحركة الديمقراطية الاشورية التي لها ثلاث مقاعد في مجلس النواب العراقي وحصلوا عليها عن طريق الكوتا المخصصة للمسيحيين، يقدم نفسه للشعب العراقي والعالم على انه ممثل المسيحيين وهذا لا يجوز فهو يمثل نفسه وحزبه فقط لا غير ولقد دأب في احاديثه على تهميش الكلدان والاقلال من شانهم وتبخيس تاريخهم والاصرار على حصرهم في اطار مذهبي كنسي فقط , وهذه افكار عنصرية مقيته لا يجوز ترويجها في العراق الجديد. ان نظرية الغاء الاخر قد ولى زمنها واصبحت من الماضي غير المشرف، وإذا كان له حق الاختيار للهوية والمعتقد والقومية فمن حق الاخرين ان يكون لهم نفس الفضاء من الحرية في الاختيار لا ان يفرض عليهم رغبات وخيارات لا يرتضونها لهم ومن حق الكلدان ان يفتخروا ويجاهروا بقوميتهم الكلدانية وخاصة انهم يمثلون ما نسبته (70-75) % من مجمل مسيحيي العراق”.
وبالمقابل اصدرت قائمة الرافدين النيابية ايضاحا ردا على البيان الصادر من قبل بطريركية بابل للكلدان حول موضوع رئاسة ديوان اوقاف المسيحيين والديانات الأخرى جاء فيه: ” جاء في فقرة (1) من بيان البطريركية بانه لا يجوز تقديم انفسنا ممثلين عن شعبنا وانما نمثل انفسنا وحزبنا، وهنا نود ان نقول بان ذلك يتناقض والسطر الذي قبله في البيان عندما يقول بفوزنا بثلاثة مقاعد من اصل (5) من الكوتة المخصصة للمسيحيين، اذ اننا اعضاء مجلس النواب منتخبين من ابناء شعبنا، ولدينا شرعية التمثيل على الصعيد الحكومي اكثر من غيرنا كما ونمثل كل الشعب العراقي في ذات الوقت”.
ومن جانب أخر، “ذكر القيادي في حركة بابليون ظافر لويس، اليوم الثلاثاء، أن النائب يونادم كنّا لا يمثل كل مسيحيي العراق، وبالتالي لا يحق له ان يقدم ورقة مطالب ضمن إطار التسوية، معتبرا ان المطالَب المذكورة مطالب حزبية خاصة وان على رئيس مجلس النواب ان لا يعتبرها انجازا او مكرمة تقدم للمكون المسيحي. وقال القيادي في حركة بابليون في بيان تلقته “الغد برس”، ان “كنا يحق له التحدث باسم الحزب الذي يرأسه، لكن لا يحق له التحدث باسم مسيحيي العراق كافة”. وأضاف أن “مطالب الشعب المسيحي يجب ان تحظى بإجماع مسيحي لم يتوفر بالنسبة لورقة كنا”.
أعلن النائب عن كتلة الوركاء الديمقراطية، جوزيف صليوة، اليوم الاحد، ان كتلته ستقاضي مقرر مجلس النواب، عماد يوخنا، على خلفية “كلمات بذيئة” تلفظ بها على كتلة الوركاء، منتقدا رئاسة مجلس النواب، لحصر تمثيل المسيحيين، بالنائب يونادم كنا.
ومن جهة أخرى، قال المطران السرياني أثناسيوس توما: يونادم كنا لا يمثل المسيحيين، ويفتح ملف فساد جديد بالوقف المسيحي.. الموظفة سامية بهنام حنو.. وتستر رعد كجه جي.
وفي مناسبة أخرى، أكد رئيس كتلة الرافدين النيابية يونادم كنا، الأربعاء، أن المؤتمرين في الولايات المتحدة الأمريكية والمطالبين بإنشاء إقليم في سهل نينوى لا يمثلون المكون المسيحي. وقال كنا في تصريح لوكالة /اشنونا الاخباري/ إن “عدداً من الذين يدعون انتمائهم للمكون المسيحي عقدوا مؤتمراً في الولايات المتحدة الأمريكية مطالبين بإنشاء إقليمٍ للمواطنين المسيحيين في مناطق سهل نينوى يتمتع بحكمٍ ذاتي بعيداً عن مشاكل الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان”. وأضاف أن “المطالب المذكورة لا تمثل المكون، لأن المسيحيين سيعرضون مطالبهم المتوافقة مع الدستور العراقي على الحكومة العراقية بعد التحرر من تنظيم داعش الإجرامي”.
ولم يَسْلم حتى الأموات من الإدعاء بعدم تمثيلهم للمكون المسيحي، رغم إنهم لم يدّعوا ذلك يوما. فقد قال رعد كجه جي رئيس ديوان الوقف المسيحي: إن نائب رئيس وزراء النظام السابق طارق عزيز لم يكن يمثّل مسيحيي العراق بأي شكل من الاشكال في زمن النظام السابق.
4. البطريرك لا يمثل جميع مسيحيي العراق، بل الكلدان فقط
كتب وسام موميكا قائلا: ” وقبل أيام جائت مطالبة البطريرك ساكو واضحة تماما بخلطه للأوراق ومتخبطا في ما دعا إليه في فتوته الأخيرة، متناسيا أنه يمثل الكنيسة الكلدانية فقط ولا يمثل السريان لا كنسيا ولا قوميا ولا يمثل عامة المسيحيين في العراق، رغم رفضنا لمقترحه السابق الذي دعا من خلاله إلى إعتماد التسمية المسيحية لوحدة شعبنا على حد تعبيره !!.. ومتناسيا أن الكلدان والاشوريين تم إدراج تسميتهم في الدستور العراقي وبمسمى (كلدو آشور) وأيضا في البطاقة الوطنية العراقية، أما السريان الآراميون في العراق ونتيجة تآمر الخونة والعملاء عليهم تم إقصائهم وتهميشهم وإلغائهم من الدستور العراقي والبطاقة الوطنية!!!.”
وفي وقت لاحق، “اعتبر رئيس كتلة الوركاء النيابية جوزيف صليوا، اليوم الثلاثاء، تصريحات رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق المعارض لاجتماع بروكسل لا تؤثر على المسيحيين والمؤتمر.
وقال صليوا في تصريح لوكالة “النبأ للاخبار”، ان “المؤتمر انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل بمشاركة الشخصيات والاحزاب المسيحية بالعراق، اضافة الى منظمات المجتمع المدني لمناقشة أوضاع المسيحيين بعد مرحلة القضاء على تنظيم داعش الارهابي”.
واضاف ان “البعض اعتبروا ان مؤتمر المسيحيين في بروكسل غير وطني، لكن الغريب في الامر هم كانوا من ازلام النظام السابق ويعملوا في المخابرات العراقية واحد دول الجوار ويعتبروا عميل مزدوج النظامين”.
واشار صليوا الى ان “تصريحات رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق لويس روفائيل ساكو لمعارض لاجتماع بروكسل لا يؤثر كثيراً باعتبار أن المسيحيين العراقيين لديهم مرجعيات بطريركية مختلفة منها الكلدانية والآشورية والسريانية”، مبينا ان “ساكو شارك في المئات من المؤتمرات خارج العراق في امريكا ودول الاوروبية والمنطقة”، متسائلا هل تذكر لويس ساكو اليوم الوطنية وانعقاد المؤتمرات داخل العراق بدلا عن الخارج؟”.
– الحاضر الغائب
أما الحاضر الغائب في هذا الصراع، فهم مسيحيو العراق، الذي يتحدث كل أطراف الصراع وأنصارهم بإسمه. فمن المعروف إن مسيحيي العراق يعشون الان أوضاعا صعبة بعد تهجيرهم من معقلهم التاريخي الثاني مدينة الموصل، بطريقة مشابهة لذات السيناريو الذي حدث عام 1915-1917 عندما أقتلعوا من معقلهم الحصين قوجانس في جبال حكاري التركية أيام الدولة العثمانية، بعد أن غادره قرابة 150 ألف مسيحي، ولم يصل الى العراق سوى ثلث هذا العدد.
ومنذ ذلك التاريخ فقد إتخذوا من تلك المدينة الأثرية حصناً لهم يعوضهم عن معقلهم السابق الذي فقدوه وللأبد، إلا إنه وبعد مرور مئة عام تقريبا، تكررت نفس الهجرة من محافظة نينوى التي إحتلها تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، والمعروف إختصاراً ب (داعش) في 10 حزيران 2014، وإمهلوا المسحيين فيها بإتباع قواعد الشريعة الإسلامية القديمة التي يرجع تاريخها الى ما قبل منذ 1437 سنة تماما، وهي إما دفع الجزية، أو إعتناق الدين الإسلامي، أو المغادرة، فغادرها جميع مسيحيي الموصل تقريبا بعد منحهم مهلة إسبوع واحد تنتهي في 18/7/ 2014، وفقا لبيان صادر من هذا التنظيم، الذي خيرهم بين: 1- الإسلام. 2- عهد الذمة (وهو أخذ الجزية منهم). 3- فإن هم أبوا ذلك فليس لهم سوى السيف، بحسب البيان.
وفرغت المدينة من وجودها المسيحي الذي إستمر طيلة 1800 سنة، فغادرها نحو 25 ألف شخص، وبذلك انخفض عدد المسيحيين من حوالي مليون و400 ألف في عام 2003 في أزهى عصورهم، الى قرابة نصف مليون حاليا، أو 400 ألف شخص، ما يعني هجرة أكثر من ثلثيهم، أي حوالي 71,5 %، ولم يبقى منهم سوى 28,5 % من المسيحيين سكان العراق. وبإستعادة المدينة تقريبا في هذه الأيام بعد مرور 3 سنوات على وقوعها بيد داعش، ونتيجة للدمار الكبير الذي لحق بها جراء الحرب، فإن السوأل المطروح الأن هو مدى قدرة الجماعات المسيحية الى العودة وترميم مدنها لتعزيز وجودها التاريخي منذ قرابة الفي سنة.
– خلاصة
يمكن القول إجمالا، أن وضع المسيحيين العراقيين تسوده الفوضى والإضطراب والإنقسام، وهو يمثل صورة مصغرة لوضع العراق عموما بعد عام 2003 وهو بلا شك وضع إستثنائي لا يصلح أن يكون قاعدة أو أساساً للحكم. وإن هذا الأمر نجده لدى الجماعات الأخرى كالأكراد والسنة أيضا، وحتى الشيعة الذين هم قادة السلطة الآن، لأن التقوقع الطائفي والمحاصصة القائمة على أساس المصالح الشخصية الضيقة وإلغاء المصلحة العامة للمجتمع ككل، كانت النهج والسلوك السياسي المتبع بعد سقوط النظام السابق. وإن هذا الوضع قد صيغ ليحقق للبعض مصالحهم الشخصية الضيقة، في ظل أوضاع الفوضى والتدهور على جميع المستويات والصعد، دون أدنى تفكير بالمصلحة العامة، وإن هذه المصالح الشخصية الضيقة هي التي جلبت وستجلب المزيد من الضعف والإنحطاط والتشرذم، وستدفع بآخرين الى سلوك نفس النهج، لأن الفساد ليس حكرا على شخص أو فئة بذاتها. وهذا ما يفسر تزايد أعداد الأحزاب المسيحية وتناقص أعداد المسيحيين في ذات الوقت، وكثرة القادة وبالمقابل غياب الشعب.
ويمكن لهذا المكون الأصيل من الشعب، أن يعلب دورا في مجال بناء الدولة وإعادة سلطة القانون، لأنها عماد المجتمع وضامن حماية أفراده وحفظ حقوقهم، والسعي لتمثيل عراقي بدل البحث والإجتهاد في تمثيل مسيحي ضعيف، دون الأنسياق وراء أجندات ضحلة ومشبوهة ليس بإمكانها تحقيق أي منفعة لتلك المجتمعات لا بل من المؤكد إنها ستكون سبباً في تدهوره وإنهياره، وباعثا للمزيد من إنقسامه. لا سيما وأن المسيحيون كانوا دوما قادة الوعي المجتمعي، وحاوية الفكر النيّر في العراق، وأن يقدموا مشروعا عراقيا أصيلا يليق بمكون أصيل وبحضارة العراق وتاريخه العريق، وإن المصالح الشخصية الى زوال، مهما تأخر زمنها. والإبتعاد عن الصراعات والمناكفات الضيقة، وبخلاف ذلك فإن هذه الجماعات ستكتب نهايتها بيدها، كما كتبته المكونات الأخرى، مثل المكون السُنّي، وستكون الخسارة جماعية لان المنافع كانت فردية.