أزمة الكهرباء في العراق بعد الإحتلال أجبر الناس على التوجه لشراء البدائل (الضوئية ! – إن صحَ التعبير كما يقولون !) مثل جهاز (لايت) يحتفظ بالقوة عن طريق الشحن ‘ عندما إشتريت واحد من هذا الجهاز بـ(12000) دينار ‘ لم استفيد منه إلا اسبوع واحد ‘ علماً أن صاحب المحل الذي اشتريت منه أكد لي إن الاهتمام بشحنه يطول استخدامه لمدة غير محددة ! وأشتريت غيره فكان نفس النتيجة ‘ فرجعت إلى صاحب المحل مستفسراً منه سبب هذه الظاهرة وهل هو على علم بأن هذا الجهاز لا يصلح للاستعمال إلا لفترة وجيزه ؟ فأخذ الرجل بيدي و دعاني للجلوس وقال : ( استاد اني حسبالي أنت صحفي و تكتب في الصحف ‘ وتعرف خفايا السوق ‘ اني على باب الله ‘ الله يغفر الذنوب اذا اشرح حقيقة بعض الاجهزة لازم اعزل ! لعد اني حسبالي تعرف تفاصيل السوق الحر وما جابنه من المصايب ! المستوردين مالتنه يروحون للبلد التي تصنع البضاعة الي يستوردها ويتفق وياهم على تفاصيل البضاعة بما فيها مدة الصلاحية ! ‘ بإختصار استاذ هذا الجهازوكثير من أشياء مستوردة حتى الغذائية ‘ نموذج و متفق على السعر وكمية ومدة الصلاحية والربح المقسم بين المنشاء والمستورد وابونا الله يرحمهما ….!!!) ولاأخفي القراء الكرام ليس لي أية رغبة في متابعة أي شيء متعلق بالأرقام و المخططات الإقتصادية وبالتالي مامتعلق بالسوق ومايجري في ظاهرها فما بالي بما يحدث بين جدران السوق ! ولكن مرة كتبت موضوع ونشر هنا في هذه الصفحة عن دور التاجر التخريبي عندما يجمع بين (جشع التاجر) والعمل السياسي وهو يستغل موقعه في المجال الثاني لخدمة مهنته الاول التجارة ‘ فإذا بنا الأن نعيش في الظرف ‘ نرى وبوضوح أن السياسية والوضع الدولي العام يفتح الطريق أمام التجار بشكل واسع ليتصرفوا في السوق كما يحلو لهم وليس أمامهم إلا رغبة في الربح وبطريقة سهلة امامهم ‘ ومن هنا عرفت أن ظاهرة ( السوق الحر ) التي خططت لتطبيقها قوى رأسمالية مؤثره في الدول الغربية عن طريق ادارات دولهم المتنفذه في العالم وأجبرو الدول التابعة على تبنيها ‘ أن أخطر ما فيها أنها تتميز بمنح كل شركة أو ( تاجر فرد ) حرية التصرف في ما يملكه من رأسمال أو وسائل لجني المال من قوة بدنية أو قدرة فكرية وعرضه على السوق ، وللسوق حرية تحديد السعر على أساس آلية مبنية على الكمية الممنوحة من السلع أو خدمات (العرض)، والكمية المراد شراؤها من السوق (الطلب)، والنقطة التي يلتقي فيها العرض والطلب تسمى نقطة توازن السوق (الثمن)…. وكلنا نعرف أن الحكومات في الأنظمة الرأسمالية في الغرب ما هي إلا أدوات لتنفيذ إرادة أصحاب الأملاك والمؤسسات الإنتاجية الكبرى، وهؤلاء هم الذين يقفون وراء تنصيب إلادارات المتنفذه في بلدانهم، و احياناً لايخجلون من الكشف عن هذه الحقيقة ونشر الإحصائيات عن نسب الدعم من قبل القطاعات التي أيدت المرشح الفائز، وهؤلاء ينظرون إلى أحوال السوق وكيفية توسيع مساحات الحركة فيها للربح وتضييق المساحة امام حدوث أية أزمة ممكن تؤدي إلى حدوث الخسارة ‘ فمثلاً ماكان دعم أصحاب الأملاك والمؤسسات الإنتاجية الكبرى لفوز رونالد ريغان إلا بعد تعهده بأنه يضمن لهم التوجه نحوه سياسات إقتصادية جديدة مغايره لسياسة كانت سائدة من قبل ‘‘ مستغلاَ المناخ السياسي الدولي لفتح الباب امام التحول إلى سياسة السوق الحر التي تحقق طموح الرأسماليين في الثراء الفاحش واللامحدود ‘ وما كانت العمليات التخريبية التي قامت بها تحالف الغرب تحت غطاء (محاربة الإرهاب ) إلا خطوات مدروسة للسيطرة على الاسواق العالمية والبحث عن الفاسدين ( تجار يبحثون عن السياسة خدمتاً لطموحهم التجاري ) فكان إنتشار سياسة حرية السوق الحالية والتي ترتكز إلى نظرية البروفيسور الأمريكي فريدمان ، تقضي بإنهاء تدخل الدولة في السوق أو محاولة التدخل في آلية سيره، وذلك بتقليص الضرائب على الشركات والمؤسسات الرأسمالية أو الأفراد كما تقضي برفض محاولة حماية الشركات والصناعات المحلية، وفتح الأسواق الداخلية بكافة قطاعاتها وخاصة الخدمات، والحد من تملك الدولة للقطاعات الإنتاجية الأساسية عن طريق خصخصتها، وإنهاء النظم والقوانين والضوابط الموضوعة على الأسواق المالية والاتصالات والمواصلات والشركات المملوكة للدولة، وفتح المجال أمام الاندماج، وإنهاء فكرة مركزية الدولة وتدخلاتها في حيثيات الرعاية، وإعطاء الولايات والمقاطعات والبلديات حق إنشاء سياسات خاصة ونظم وقوانين بما تتوافق واحتياجاتها، على أن لا يتعارض ذلك مع السياسة العامة للدولة، هذه الأمور في مجملها تدعو إلى منح السوق الحرية في تحديد الأسعار والكميات والجودة ومكان التصنيع والإنتاج وتحرير الأسواق المالية لترحيل رؤوس الأموال وقبول الإستثمار الأجنبي
في كافة القطاعات ‘ هذا بالإضافة إلى إطلاق يد صندوق النقد الدولي ليحدد كما يريد (حال السوق الحر…!!) مسار الحركة الاقتصادية في العالم ..! وان الكثير من الدول خاضعة لسياسة السوق الحر وبشهادة أكثر من مصدر من الجهات الدولية يمارس المسؤولين فيها و في مستويات مختلفة ، نهباً منظماً للدولة وثرواتها ومرافقها، لذلك ترى في بعض الدول رغم وجود ثروات يكفي ليكون مصدر الرفاه العادل للشعب ‘ ولكن الأرقام المعلنة من قبل المنظمات الدولية يؤشر على وجود اعداد مرعبة من الناس يعيشون تحت درجة الفقر .
أغرب ما في قراءة هذه الصورة يظهر في نقطتين ‘ الأول : عندما نسمع أو نقراء تقارير معلوماتية تصدر عن المنظمات الدولية للامم المتحدة التي تدعي مسؤوليتها عن الحفاظ على العدالة بين الناس وشعوب العالم لضمان الحقوق والواجبات بشكل متساوي في جميع أرجاء المعمورة ‘ مع ذلك تصطدم بالعجب عندما ترى وفي كل عام زيادة ارقام في الفساد (نهب قوت الشعوب) ولاترى او تسمع اي إجراء بحق الفاسدين ‘ ولكن عندما يتعلق الأمر بتحقيق طموحات (الجبابرة المسيطرين على تلك المنظمة) تصدر اكثر من قرار وفي فترة زمنية قياسية يحقق ماتريدها المهيمنين على تلك المنظمة (قرارات التدخل في الافغانستان والحصارالشامل على العراق تمهيداً للاحتلال و التدخل في ليبيا … ألخ) …فمثلاً عندما تعلن أحد الجهات الأممية بأنها على علم بأن سنوياً وفي هذه المنطقة (الخصبة !) التي نحن نعيش فيها ‘ يلتهم الفساد 300 بليون دولار ‘ ماهو التصرف العملي الملزم للحد من هذه الجريمة (أليس الفساد جريمة ؟) ‘ إذا لدى تلك المنظمة دلائل ملموسة ‘ لماذا لاتبادر إلى تحويل هذا الملف إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الفاسدين ؟ أوَليس القول : أن إنتشار الفساد الإداري والمالي يدعم مباشرتاً ظاهرة الإرهاب المنظم ‘ أحد أقوال تلك المنظمة ؟ فلماذا كما تطالب بتقديم إرهابيين لمحاكمة الجنايات الدولية ‘ لاتطالب بنفس التعامل مع من يسهل الطريق أمام الإرهاب ؟ والنقطة الثانية : تظهر في فارق مؤسف بين الفاسدين (بالأحرى مبدعي الفساد) في الدول الرأسمالية (الشمال – حسب تسمية الغربية ) والفاسدين في الدول الناميه ! (الجنوب – حسب تسمية الغربية أيضاً ) ‘ حيث الأول يشارك في النهب وإنتشار الفساد خدمتاً لمخطط يقوي سياج بلدانهم وإراداتهم (فكراً وتصرفاً) ولاشباع رغباتهم في الجشع والهيمنة ‘ في حين الثاني عندما يتوجة للفساد أن أول ما يفعله ينهب (عِرق ) الاصالة ويثقب كل جدران (ارادة الأرض ) التي من المفروض أن يعيش أهلها على خيرها ويقدمه للاول (وهو مرتاح اربعة وعشرين ………..!!) والله في خلقه شؤون …