كتبت – لميس السيد :
“أصبت بالصدمة وتوقفت عن دراستي”.. هكذا قالت الطالبة بالصف العلمي السادس، “سرى عبد المجيد”، حيث كانت تستعد للإختبارات للإنضمام إلى جامعة الموصل في عام 2014 ولكنها فوجئت بسيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على المدينة.
كانت “عبد المجيد” تعتبر المهندسة العراقية الشهيرة على المستوى العالمي، “زها حديد”، قدوتها حيث كانت ترغب في الانضمام لقسم الهندسة المعمارية بالجامعة لتسلك نفس طريق المعمارية البارزة.
قالت “عبد المجيد”، في حوارها مع صحيفة “لوس انغلوس تايمز” الأميركية انها أدركت صعوبة تحقيق حلمها عندما غزا “داعش” المدينة، “حيث كان يسمح التنظيم فقط للرجال بدراسة الهندسة دون النساء.. لذا كان الأمر مستحيلاً”.
الطلاب يقومون بترميم مبنى جامعة الموصل لإستكمال حلمهم..
إستمر احتلال التنظيم للمدينة ثلاث سنوات, قبل أن تقوم القوات العراقية بإستعادتها. وما تزال المعركة مستعرة في المدينة القديمة من “الموصل”، وتمكن الجيش من إجبار تنظيم “داعش” على الفرار من أجزاء رئيسة من المدينة، بما في ذلك مقرهم السابق في “جامعة الموصل”.
وبعد تطهير القوات العراقية لأجزاء كبيرة من الموصل، تحاول “سرى” إستعادة أمجاد جامعتها وتحقيق حلم الدراسة فيها، حيث تتعاون مع زملائها من المتطوعين الشباب لترميم مبنى الجامعة من آثار الحرب التي أجبرت بعض الطلاب على مغادرة التعليم منذ دخول “داعش” وحطمت حلم طلاب أخرين مثل “سرى” في الدراسة.
تقول الصحيفة الأميركية ان الطلاب الآن بصدد إعادة تأهيل واحدة من أرقى مؤسسات التعليم بجامعة الموصل، حيث نهب “داعش” منها المخطوطات القديمة والكتب النادرة وأجهزة الحاسب الألي وأي أموال بخزانة الجامعة، بل لطخوا حوائط الجامعة بالقطران الأسود وطمسوا معالمها قبل أن تقوم القوات العراقية بوقفهم وطردهم من المدينة، حيث كانوا يتخذون من الجامعة مقراً لهم.
الشباب أصر على التطهير رغم تلغيم “داعش” لبعض الأماكن..
يقول أستاذ كلية الزراعة، “طلال قاسم”، ان “داعش” على الرغم من طرده لم يترك أي شئ آمن، “لقد زرع التنظيم القنابل المتفجرة في كل مكان وأخبرونا بعدم الحضور إلى الجامعة، خوفاً على حياتنان لكننا جئنا”، حيث حذرت قوات الجيش العراقي وحددت أماكن الخطر في الجامعة حيث لم يتم تطهيرها من المتفجرات بعد، إلا أن الشباب اندفعوا لإعادة تأهيل جامعتهم على الرغم من المخاطر وصعوبة صيانة المكان جراء تناثر أكوام الزجاج والانقاض، حيث عملت الطالبة “سرى عبد المجيد” إلى جانب 12 فتاة أخرى, وضعف ذلك العدد من الرجال, في أعمال الصيانة للجامعة.
وتقول الصحيفة الأميركية، ان “الجامعة كان قوامها 30 ألف طالب، أصبحت اليوم خاوية تماماً بسبب “داعش”، إلا ان الطلاب كسروا هذا الخواء والصمت الذي كان يخيم على الجامعة بإعادة ترميمها”.
تضيف “سرى” عن شعورها وقت سيطرة “داعش”، “الحياة كانت مقيدة تماماً.. كنت اعيش داخل قفص مرتدية شيئاً أسود من الرأس وحتى القدمين ولم يكن بإمكاني التحرك بحرية في أي مكان”.
فيما قال الأستاذ الجامعي “طلال”، “أنه اثناء إحتلال الموصل لم يكن هناك فرصة إلا من خلال فروض “داعش” حيث سمحت بتدريس بعض المواد ولكنهم فرضوا معلميهم أيضاً لتدريس الأمور الدينية.. حتى كره الطلاب الوضع وتوقفوا عن الذهاب إلى الجامعة, إلا أن الطلاب قرروا استكمال الدراسة في بلدة برطلة القريبة من الموصل”.
ويقول “محمد حامد عبد الله”, الطالب في قسم الكيمياء الذي لم يتبق على تخرجه سوى سنة واحدة, “هناك عائلات لا تسمح لأبنائها بالعودة إلى الجامعة لأنها تخشى على سلامتهم”.
وعندما سئل “عبد الله” عن تهديدات العبوات الناسفة والأفخاخ المتفجرة، أجاب: “علينا تقديم المساعدة، وعدم الاكتفاء بالمشاهدة وحسب”.
وقالت “سرى عبد المجيد”، التي تطوعت أيضاً مع مجموعات تساعد سكان الموصل الذين اصبحوا بلا مأوى بسبب الحرب، أن والديها قبلوا على مضض عملها في تنظيف الحرم الجامعي. ووالدها هو أستاذ في كلية الزراعة في الجامعة.
- الصور نقلاً عن: صحيفة (لوس أنغلوس تايمز) الأميركية..