السيوف لم تلمع في وجه القطريين حسبما عمد إعلام الدول المقاطعة لها إلى التأكيد على التصعيد القريب إذا لم تستجب الدوحة لـ13 مطلباً في خلال مهلة الـ10 أيام, والتي أتبعوها بـ48 ساعة أخرى كفرصة للوساطة الكويتية.
بيان ليس على مستوى سقف التوقعات..
ربما خيبة أمل لامست هؤلاء الذين زاد سقف توقعاتهم بتدخل يحمل قرارات حاسمة تجاه الإمارة الخليجية التي قوطعت من قبل جارتها صاحبة المنفذ البري الوحيد معها “السعودية”، وكذلك بحرياً مع “الإمارات والبحرين” وجواً من الدول الثلاث ومعهم “مصر”.
لقد ظن أغلب المتابعين لتحركات الثلاثي الخليجي + المصري، خلال يومي الرابع والخامس من تموز/يوليو 2017 أن هناك تصعيداً على أعلى المستويات ضد قطر وأميرها “تميم بن حمد”، للدرجة التي جعلت البعض يذهب للقول إن عملاً عسكرياً يلوح في الأفق.
لقاءات استخباراتية على أعلى مستوى..
ففي الرابع من تموز/يوليو، عقد رؤساء أجهزة الاستخبارات في دول الرباعي المقاطع لقطر اجتماعاً تنسيقياً في القاهرة لعدة ساعات، سربت وسائل إعلام مصرية أنه لقاء لتحديد خطوط وآليات معاقبة قطر على عدم التزامها وتجاوبها مع قائمة الشروط المطلوب تنفيذها والتي يأتي على رأسها تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع “إيران” وطرد أي قوات لها على الأراضي القطرية، فضلاً عن إبعاد القوات التركية من الدوحة وعدم دعم “جماعة الإخوان المسلمين” أو جماعات في مناطق وبؤر الصراعات السياسية والعسكرية بالشرق الأوسط.
وزير خارجية مصر يتحدث بنبرة “لحظة الثأر”..
في الخامس من تموز/يوليو 2017، اجتمع وزراء خارجية الدول الأربع، أيضاً في القاهرة.. وأخذ وزير خارجية مصر “سامح شكري” زمام مبادرة الحديث وكانت نبرته هي الأعلى بين الدول الأربع، إذ ظل يشدد على أن قطر ليست متهمة، بل مدانة بما وصفه بالوثائق والمستندات بدعمها للإرهاب وأنه لا تراجع عن اتخاذ كل ما يلزم لإيقافها ولا تفاوض في الـ13 مطلباً.
بدا واضحاً أن “مصر” قد عقدت العزم وبيتت النية على الثأر من “قطر” ربما لأن الأخيرة طالما تصر عبر شاشة “الجزيرة” على وصف ما حدث بمصر في الثالث من تموز/يوليو 2013 بالانقلاب العسكري, وهو ما يمس “السيسي” شخصياً, كونه وزير الدفاع وقتها والذي أعلن عزل الرئيس الاسبق “محمد مرسي” نتيجة رغبة شعبية عبرت عنها مظاهرات 30 حزيران/يونيو من ذات العام، فضلاً عن استضافة “الجزيرة” لجميع معارضي النظام المصري وتوجيه انتقادات لاذعة له.
“الجزيرة”.. غلقها أهم المطالب..
أهم النقاط التي نجحت القاهرة في إرساء قواعد الخوف منها لدى العواصم الخليجية الثلاثة هي ضرورة غلق مجموعة قنوات شبكة “الجزيرة” الإخبارية القطرية، إذ بين الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لنظرائه في “السعودية والإمارات والبحرين” خطورة هذه القنوات على استقرار دولهم وثبات عروشهم، وأنها كانت المحرك الرئيس لجميع مظاهر التحرك الشعبي في شوارع “سوريا واليمن وليبيا ومصر وتونس والعراق” والذي لم يتسبب سوى في خراب هذه الدول وإغراقها في الأزمات.
إن كلمة 20 سنة من التحريض, التي شدد عليها وزراء الخارجية في مؤتمرهم بالقاهرة في الخامس من تموز/يوليو 2017، تؤكد على أن كل أزمة هذه الدول مع قطر هي فضائية “الجزيرة” التي انطلقت في عام 1996، ويرون فيها محركاً ومحرضاً ومصدراً رئيساً ورأس الحربة في الربيع العربي في عام 2011.
لكن هل تنجح فضائية إخبارية في إثارة الشوارع العربية ضد حكامها لمجرد إظهار الآراء المعارضة للسلطة في دول كانت تظن أنها بعيدة عن الانتقاد وأن المشاهد العربي لا يرى ولا يسمع غير الصوت الرسمي في شاشات الدولة ووسائل إعلامها التي لا تعرف غير الخط الواحد من الأخبار، كأخبار دعم وتأييد الحكم على طول الخط دون أي مساحة من المعارضة وحرية التعبير !
“الجبير” مرتُبك لا يجيد الاشتباكات السياسية !
لقد كشفت الأزمة الرباعية القطرية ارتباكاً واضحاً في الدبلوماسية السعودية، وأن أعلى منصب فيها وهو وزير الخارجية “عادل الجبير” ليس على مستوى الحدث.. إذ إنه يتعامل مع الأزمة القطرية والارتباك والتخبط لا يغادران ملامح وجهه النحيف.
بدأ هذا الارتباك عندما زار ألمانيا في حزيران/يونيو 2017، وظهر الرجل وكأنه تلميذ يقف أمام أستاذه “وزير خارجية ألمانيا” زيغمار غابرييل، لا يعرف الكلمات التي يرد بها على الصحافيين ومراسلي المحطات الفضائية, الذين أكدوا على أن السعودية أيضاً لديها مواطنين يحملون سجلاً إرهابياً.. فتلعثم الرجل ولم يستطع التعامل مع الموقف.
تحسين الصورة بجولة “مجهزة” لوزير خارجية ألمانيا..
الأمر الذي أغضب من يدير الأمور بالمملكة العربية السعودية, وأراد تحسين صورة رجله التي اهتزت بشكل كبير، فتم دعوة وزير خارجية ألمانيا لزيارة الرياض وإقامة مؤتمر صحافي مشترك بينه و”الجبير”.. وهنا ظهر إصرار وزير خارجية الملك “سلمان” على تصدر المشهد والحرص على عدم إعطاء أي فرصة لوزير خارجية ألمانيا يتحدث فيها بإيجابية عن قطر.
بل وصل الأمر إلى الرد نيابة عن وزير خارجية ألمانيا عندما وجه سؤال له حول الأزمة وسبل حلها، ولم يسمح لغير قناة “الإخبارية” السعودية بتغطية فعاليات المؤتمر، ليجري التشويش على إجابة وزير خارجية ألمانيا الوحيدة, والتي قال فيها نصاً إن ألمانيا لا تشكك في سيادة قطر !
العمل العسكري يعيد للأذهان قرارات “صدام” وغزو الكويت.. لكنه يشعل أسعار النفط !
إن أهم التخوفات التي تقلق محللين متابعين للأزمة القطرية/الرباعية، هو اتخاذ قرار متهور بالعمل العسكري ضد الدوحة – والذي ربما أفسده دخول تركيا بقواتها على خط الأزمة -، إذ إن دول الخليج تعي جيداً ما فعله “تهور” الرئيس العراقي الراحل “صدام حسين” في المنطقة وتدخله عسكرياً في الكويت !
ما يعني أن أي محاولة للتدخل العسكري ستحدث تصدعات سياسية واقتصادية في المنطقة التي طالما عانت منذ حرب الخليج، في بدايات تسعينيات القرن الماضي، إلا إذا أراد أحدهم إشعال المنطقة من أجل ضمان ارتفاع أسعار النفط مع ازدياد التوترات وإنعاش اقتصاد تلك الدول التي لا تعتمد إلا عليه !
“مصر” تبيت النية لأمر جلل !
رغم التأكيد أكثر من مرة على استبعاد الخيار العسكري في حل الأزمة مع قطر.. لكن شواهد الإعلام المصري – خاصة المقرب من الدولة ودوائر صناعة القرار – تتحدث عن تصعيد وقرارات اتخذت ضد الدوحة لا رجعة فيها وتتزامن كذلك مع ضبط ابنة الداعية الديني “يوسف القرضاوي”, الذي يعيش في قطر، والحاصلة على الجنسية القطرية وتعمل في السفارة القطرية بالقاهرة.
إذ جرى ضبطها هي وزوجها في أثناء قضائهما فترة “المصيف” بإحدى القرى السياحية في مصر، ووجهت لهما السلطات تهمة الانتماء لجماعة مصنفة في القاهرة كإرهابية وهي “جماعة الإخوان المسلمين”.
وهي خطوة تأتي مع تأكيد تسريبات مصرية على أن الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت والتحركات, وأن التنسيق بين الدول الأربع المقاطعة لقطر على أعلى مستوى للتحضير لأمر جلل !
قوات مصرية متواجدة بالفعل في دولة خليجية منذ 2014 !
في المقابل خرجت تسريبات في الدوحة تتحدث عن معلومات لدى أجهزة الاستخبارات القطرية عن توافد أكثر من 15 ألف جندي مصري على إحدى الدول الخليجية المقاطعة لقطر, منذ آذار/مارس 2014، لتأكيد حضورها في تلك الدولة استعداداً لقرار بالتدخل العسكري في قطر إذا لزم الأمر !