17 نوفمبر، 2024 9:55 م
Search
Close this search box.

الحرية والاعلام

الحرية والاعلام

يحتاج الدفاع، ايا كانت وجهته، الى ثمن، والدفاع عن الحرية هو الاغلى والاقدس لم ولن يتوقف كما ان الظلم مستمر وهو مازال بحاجة الى ثمن وتضحيات لانها، اي الحرية، تكاد تكون غريزة وفطرة جبل الناس عليها وخلقوا، استمد منها اغلب الثوار في العالم وهج الثورة والكرامة والعنفوان… فمن يرضى بنقيضها وما يمثله من قمع ومصادرة وخنوع وظلم؟.
حكامنا العرب مارسوا الممكن والمحال في سبيل قمع الحريات واكتفت الشعوب بتلك الممارسات بعدما اضاعت كود الخلاص واقتنعت بما يهبه السلطان، يعده الرعية فضلا ويعده السلطان منة، وحتى يشرعن القمع والاضطهاد من قبل الحكومات فتحت السلطات القمعية المزاد العلني واستعانت بالشرق والغرب لتشويه الاحتجاجات والمظاهرات والمطالبة بالحقوق غطت على ظلمها وجبروتها واهانتها للشعوب، ومن اجل ذلك دخل كل شيء في ذلك المزاد، واهم الداخلين كان الاعلام بوسائله المختلفة المطبوع والمسموع والمقروء والمرئي، فبالاعلام سحقت الشعوب وظلمت، وبالاعلام بررت افعال الانظمة المستبدة وغطى على الظلم ونسف الحريات من جذورها.
قطر والسعودية، بل اغلب دول الخليج اوغلوا في شراء ذمم الاعلام وسخروه لقمع شعوبهم وشعوب البلدان الاخرى، فما حصل في البحرين عبارة عن مؤامرة خليجية عقائدية بحتة، مارست السعودية وقطر ابشع الجرائم بحق ابناء الشعب البحريني الذين رفعوا شعار (سلمية) يطالبون فيها بحقوق مشروعة ومعاملة حسنة، لكن وبفضل الاعلام تحولت الانتفاضة السلمية والمطالبة بالحقوق المشروعة، الى مؤامرة شيعية ضد البحرين بقيادة ايران وان هناك مجموعة من الخونة تقوم بالتخطيط للاطاحة بالنظام!!!. صمت بعدها العالم  وتجاوز عن تلك المظلومية…اما سوريا فقد تعامل معها الاعلام العالمي برعاية خليجية بالعكس من البحرين، فقد استبدلت الاخبار وتناقضت التقارير، في البحرين كان يروج على ان اهل البحرين تقودهم ثلة من المتأمرين مدعومة من ايران غايتهم زعزعة النظام، واطلقوا على المحتجين والمتظاهرين، (خارجون) عن القانون، وفي سوريا ضربت اوتاد عرش النظام (العلوي) وطالبوه بالانصياع الكامل لمطاليب الشعب، وبذلوا في سبيل اسقاط الاسد الغالي والنفيس، حاكموا الشعب في البحرين، والنظام في سوريا!!… ورب قائل يقول ان دول الخليج وعلى راسها السعودية وقطر لا تملك استراتيجية ناضجة وتخطيط منضبط يمكنها من التحرك بهذا الاتجاه، لانها دول غبية بدوية لا تملك هذه الرؤية، وجواب ذلك انها تتحرك باجندة عالمية عالية المستوى  واعلام اجنبي متمكن يبعد القريب ويقرب البعيد، شرط ولاءه لتلك الانظمة البدوية في الدرجة الاولى المال، فضلا عن توافق الرغبة والهدف.
الوحدة الوطنية والنسيج الوطني المبنيان على اساس من الحرية والديمقراطية، ليس كمن بني على اساس الخوف والقمع والظلم وانتهاك الحقوق، فالاخير هاو لا محالة، وقد عانى العراق تمزيقا مفرطا لنسيجه الوطني ولعب الاعلام دورا لا بأس به في ذلك التمزيق، الاعلام الاصفر الموجه، فقد ثبت بالدليل ان مؤسسات اعلامية كالجزيرة وغيرها اسهمت وبصورة مباشرة وعلنية في تمزيق النسيج الوطني ونفثت تلك المؤسسات سمومها لتصيب بعض المؤسسات الاعلامية العراقية، واكثر الاوتار التي عزفت عليها تلك المؤسسات هي قمع الحريات، والمفارقة ان نفس دول الخليج وبالاخص التي تبث منها تلك القنوات والتي تمول من قبلها ما زالت تعيش بجلباب الفكر الحجري، تسيطر عليها المؤسسات الاسلامية الضالة، تضطهد المرأة وتحرم من انسانيتها الى درجة منعها من قيادة السيارة او مراجعتها للدوائر الرسمية الا بمرافقة المحرم، كما تمارس ابشع الافعال من قبيل قطع الرأس بالسيف في الميادين العامة، وقطع اليد وغيرها كثير فضلا عن تكميم الافواه الى درجة اعلان العائلة براءتها من ابنها الذي انتقد السلطة، او شعرت السلطة بعدم ولاءه المطلق لها، وان لم تفعل العائلة ذلك فهي محاسبة اشد الحساب.
هذا لا ينفي وجود الاعلام الهادف المحايد الذي يؤسس لمبادئ الحرية والديمقراطية، كما لا ينسف الوجه الاخر للاعلام الوطني الرصين، كالذي ساهم في وأد الفتنة في العراق ابان الحرب الطائفية التي اشعل لهيبها الاعلام الاصفر، وقد مارس الاعلام في العراق دورا كبيرا في اخراس الالسن التي ارادت تحويلنا الى سعودية جديدة، نصمت فيها متى ما اراد الحاكم ونتكلم متى اراد، نسير فيها بجنب الحائط والا  نقتل وتقطع رؤوسنا في الميادين العامة… تحتاج الحرية الى تضحيات وثمن وبرغم جميع المعوقات وجميع السلبيات ونقص الخدمات والفساد في العراق الا اننا نملك فسحة من الحرية تستحق منا الدفاع عنها والحفاظ عليها.
[email protected]

أحدث المقالات