كتب – محمد بناية :
احتل أعداء تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا كل المناطق التي تم طرد التنظيم منها، حيث يقف المتمردون السوريون المدعمون من الولايات المتحدة الأميركية ضد حكومة “بشار الأسد” التي تحظى بالدعم الروسي الإيراني. وكلا الفريقين في منافسة للسيطرة على المناطق المتبقية بعد إخلائها من الجماعات الإرهابية سريعاً.
ورغم أن الهدف يبدو واحداً لكن الجميع في منافسة شديدة لتحقيق الأهداف والمصالح. والضغط على الحدود الشرقية بالنسبة للحكومة السورية بالغ الأهمية، بحسب موقع صحيفة “الدبلوماسية” الإيرانية نقلاً عن “مركز ستراتفور” الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، حيث تعمل القوات السورية على تطهير “دير الزور” الواقعة تحت سيطرة “داعش” منذ 2014.
وصل دمشق مع الشرق والشمال الشرقي هدف النظام السوري..
ثمة نمو ملحوظ بين العناصر الموالية للحكومة، ولا توجد أصوات معترضة لأن الحكومة السورية لا تتحمل أي انتقادات. علاوة على ذلك تنتشر وجهات النظر المختلفة في المناطق الغربية ذات الكثافة السكانية. وتبذل العناصر الموالية للحكومة السورية جهوداً كبيرة وتنفق ببذخ للمحافظة على الوحدة في عموم سوريا. ووصل دمشق مع الشرق والشمال الشرقي للبلاد هو أحد الأهداف الأساسية للحكومة السورية لإحياء السيطرة الكاملة على سوريا مجدداً. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناطق تضم الكثير من مصادر الطاقة والزراعة في سوريا.
سيطرة الشركاء السوريين على الحدود العراقية هدف إيراني..
إيران باعتبارها الحليف الأكبر للنظام السوري لها أهداف مختلفة. وتأمل إلى فتح طريق من طهران إلى دمشق والبحر المتوسط عبر تدعيم قدراتها اللوجستية في المنطقة. وهو هدف يساعد على تحقيقه العناصر الموالية لحكومة “الأسد”.
وكما هو واضح تعتمد “إيران” بشكل كامل على النقل البحري (الذي يثير ردود أفعال القوات البحرية الإسرائيلية) والجوي (مع صعوبة العمل السري) في تحويل المعدات إلى القوات الموالية للأسد و”حزب الله” اللبناني. والمسار البري قد يعمل بنسب ملحوظة على نشر التجهيزات الإيرانية في المنطقة بغرض توسيع العلاقات في الشرق الأوسط. وكانت إيران قد ابتدأت واستثمرت في هذا المشروع الطموح قبل مدة، لكن لن يتحقق هذا المشروع إلا في حال سيطرة الشركاء السوريين على الحدود العراقية.
إمتيازات الجانب الروسي في السباق قليلة..
تؤكد الصحيفة الإيرانية على ان، يحظى الجانب الروسي في هذا السباق بامتيازات قليلة. لأنه ورغم انخراط “روسيا” بشكل عميق في الدور الهجومي بالشرق الأوسط، لكن ما يزال هذا التعاون مقيد محدود. وعلى عكس “إيران” لا تمتك روسيا استراتيجية حقيقية على الحدود العراقية, لكن هذا لا يعني أنها سوف تمتنع عن اغتنام أي فرصة للحصول على امتيازات من الولايات المتحدة.
والحقيقة أن الجيش الأميركي طلب – عبر تقديم الامتيازات – إلى الروس مراراً الحيلولة دون اقتراب العناصر الموالية لإيران من المواضع الحياتية في المنطقة. لكن من غير الواضح مدى وحجم سيطرة روسيا على القوات الموالية لإيران حتى تصرفهم عن التحرك باتجاه شرق المنطقة. أما الهدف الرئيس للولايات المتحدة الأميركية من القتال في سوريا ينصب بشكل أساسي على هزيمة “داعش”. لذا فالقوات الموالية في الشرق هي مثار قلق بالنسبة للإدارة الأميركية حال نجاح الإئتلاف الذي تراعاه أميركا في القضاء على الجماعات الإرهابية.
وتنقسم العمليات في الوقت الراهن إلى قسمين:
الأول: هجوم بعض الجماعات المتمردة على “الرقة” بقيادة القوات الديمقراطية السورية.
ثانياً: الانتفاضة الهادئة في الشمال الشرقي باتجاه نهر الفرات.
تناحر جميع الاطراف على الأرض مازال مستمراً..
مع تقارب القوات الموالية مع عناصر الائتلاف في هذه المناطق، تزداد مخاطر المواجهات بين أنصار ومعارضي “الأسد” أو الاخلال بالعمليات ضد “داعش”. وللحقيقة فقد وقعت بعض الأحداث الجديرة بالاهتمام. فقد استهدفت مدفعية القوات الموالية للأسد خلال الأسابيع الماضية مواقع قوات سوريا الديمقراطية بالقرب من مدينة “طبلا” الاستراتيجية. كما أسقطت “الولايات المتحدة” طائرة حربية سورية طراز Su-22 بتاريخ 18 حزيران/يونيو المنصرم. وبعد يوم أعلنت “روسيا” تعليق قناة اتصالها مع الولايات المتحدة وهددت بتحليق الطيران الروسي في الفضاء الجوي غربي الفرات.
كذا تحركت القوات السورية باتجاه الحدود، وبالتالي ستكون الهجمات ثلاثية الأطراف، بحسب “الدبلوماسية” الإيرانية.
العنصر الأول هو النخبة الموالية المعروفة باسم “قوات النمر” ضد عناصر “سوريا الديمقراطية” في الرقة. ثاني العناصر وربما أهمها هي القوات المكونة من العناصر الموالية لإيران وروسيا والتي تتحرك على امتداد الطريق السريع من “تدمر” باتجاه “دير الزور”. وهذه القوات تعمل على إنشاء طريق طهران – دمشق. العنصر الثالث والأخير سيكون من القوات الموالية للأسد المستقرة في “الطائف” بالقرب من الحدود السورية – الأردنية – العراقية ومهمتها ستكون تأمين الطريق السريع دمشق – بغداد.
وهنا لا يهم من يفوز بسباق الوصول إلى الحدود العراقية، وإنما الخطر الأكبر لجميع الأطراف خلال الأشهر المقبلة هو الخطر المتزايد للقتال بيت القوات الموالية للأسد والمتمردين الذي تدعهم الولايات المتحدة الأميركية. تلك المنافسة التي قد تتحول إلى حرب بالوكالة كبيرة على الأراضي السورية. وهذه الحرب بين الطرفين قد تكون مميتة وخطيرة وتحول شرق سوريا إلى رماد.