15 نوفمبر، 2024 2:55 م
Search
Close this search box.

فضاء النص الأسطوري في فضاء الخطاب الشعري العربي المعاصر

فضاء النص الأسطوري في فضاء الخطاب الشعري العربي المعاصر

صدر في ألمانيا كتاب جديد للدكتور محمد عبد الرحمن يونس ، بتاريخ بعنوان: ((فضاء النص الأسطوري في فضاء الخطاب الشعري العربي المعاصر ــــ السندباد البحري / أنموذجا ))،
الطبعة العربية الأولى أيار، مايو 2017 م.
عن مؤسسة Noor Publishing
وهذا بعض مما جاء في مقدمة الكتاب : (( إنّ إعادة بناء الأسطورة و توظيفها في النص الشعري وفق رؤية جديدة للحياة
و العالم، عملية جدّ مهمة للتخلص من النموذج الماضوي المتعارف عليه. و قيمة التجربة الإبداعية تكمن بالدرجة الأولى في لحظة تواجدها و انبثاقها، و في قدرة هذا الانبثاق على تجاوز الماضي لبناء مجتمع الغد، انطلاقاً من الحاضر.

​و يحاول كتابي هذا أن يعرض لأبعاد الرحلة السندبادية في الخطاب الشعري العربي المعاصر، باعتبارها تجسيداً لرحلة الإنسان المعاصر، و مغامرة و توقاً للخروج عمّا هو رتيب و متخلف في بنية الحياة العربية المعاصرة.

و قد درستُ في هذا الكتاب نماذج شعريّة لكل من الشعراء: صلاح عبد الصبور من مصر، و خليل حاوي من لبنان، و بلند الحيدري، و بدر شاكر السيّاب من العراق، و عبد العزيز المقالح من اليمن،
و بن سالم حميش من المغرب، و سليمان العيسى من سورية، و يوسف الخال من لبنان.

​و قد نهجت في دراستي، و من خلال تحليلي للخطابات الشعرية المعاصرة التي وظفت شخصية السندباد البحري، إلى أن أرى النصّ الشعري نصّاً متعدد التأويلات، و لا نهائياً من حيث دلالته الرمزية، و قابلاً لمزيد من التفسيرات المتباينة جداً، و لا يمكن فهمه أو تفسيره تفسيراً أحادي الجانب، بل إنّ له قدرة كبيرة على التشعب و النمو و الاستفادة من حقول مرجعية، و فضاءات نصيَّة أخرى، و بالتالي حاولت أن أفهم النصوص الشعرية فهماً قد يكون مغايراً لفهم باحثين آخرين، و لا يعني أن يكون هذا الفهم صحيحاً أو دقيقاً، إنه لا يتعدى حدود المحاولات البحثيّة و النقدية في فهم النصوص، و بالتالي قد تخطيء هذه المحاولات أو تصيب.

ويمكن القول توظيف أسطورة السندباد ـ في الخطاب الشعري العربي المعاصر ـ يمثّل توق الشعراء المعاصرين للخروج عن دائرة المألوف و الواقع العربي برتابته و سكونيته، و بنية أمكنته المنحطّة، بحثاً عن عالم جديد مثير مليء بالدهشة و الغرابة، و روح المغامرة و الكشف، هذا العالم الجديد الحضاري الممتد من الذاكرة الشعرية إلى آفاق رحبة عصيّة على الضبط و التحديد، لا يتم اكتشافه إلاّ بالرحلة، فالرحلة السندبادية في الخطاب الشعري المعاصر هي رفض لحدود المكان، و رفض للزمان التاريخي المحدد ببنية هذا المكان، إنها تمثّل التشوّف نحو المستقبل و الحلم و الحرية.

​و إذا كانت الذات العربية في تاريخها المعاصر عرفت مختلف صنوف التراجع
و الاستلاب و الخيبة و الحسّ بالفاجع و القتامة، و الانهزام السياسي عام 1948 م، مروراً بنكسة حزيران (جوان) 1967م، حتى آخر هزائمنا الحالية، فإنّ ذلك انعكس بشكل أو بآخر على آمال المواطن العربي و تطلعاته في الحلم و الحرية و العدالة و المستقبل المشرق. و قد جسّدت القصيدة العربية المعاصرة هزائم هذا المواطن و انكسار أحلامه.

​و إذا كانت الأسطورة في حقلها الأسطوري تؤكد أنّ السندباد و بالرغم من تعرضه لكثير من المصاعب و الأهوال كان يعود سالماً غانماً بالأموال و الهدايا و الجواهر، ثم سرعان ما يفترش مصاطب بغداد ناشراً الأماني و التطلعات الجديدة لسفرات جديدة، فإنّ السندباد المعاصر في الخطاب الشعري العربي المعاصر، و من خلال الرؤية الشعرية يعود فاقداً آماله، و يسافر فاقداً آماله في كل الحركات الإصلاحية التي طرحت شعاراتها الوطنية و برامجها التنويرية و لم يتحقق منها شيء، و من هنا نفهم لماذا سندباد صلاح عبد الصبور و بدر شاكر السيّاب و بلند الحيدري و عبد العزيز المقالح يعاني من الفشل و الخيبة في حياته و بحثه و تطلعاته.

و قد كشفت بعض القصائد التي دُرِسَت في هذا الفصل عن نزعة تشاؤمية سوداء لدى الشعراء، إذ كثيراً ما كان السندباد المعاصر يعود مهزوماً، ممزق الأشرعة، مستسلماً للخيبة و المرارة، هذه الخيبة التي تعكس خيبة الإنسان المعاصر في تاريخه و حياته و مستقبله، و نظامه الاجتماعي و السياسي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة