تحدثنا بمقال سابق عن مجاميع المطبلين والتابعين في العراق ووصلنا في كلامنا الى وجوب استصدار قانون للعبودية يحولهم من احرار الى عبيد وجواري لان غالبيتهم قد ساهموا باتباعهم وخنوعهم بتدميرمدن العراق وقتل شعبه , وقلنا اننا يجب ان نحمي احرار العراق من هؤلاء العبيد من خلال سحب صفة الحرية منهم, واليوم سنتحدث عن الطرف الاخرالذين نصفهم بالاحرار ..فهل ساهموا هم ايضا بهذا الدمار ؟ ام انهم حاولوا ايقافه ولم يستطيعوا واذا كان كذلك فما هي اسباب هذا الفشل وهل يلامون لان افعالهم ساعدت بصورة او باخرى للوصول للحالة المزرية التي وصل اليها العراق, ولماذا هم الى الان عاجزين عن التخلص من الفاسدين والقيام بثورة تقلب الطاولة على الاعداء وعملائهم من فاسدين وسراق و عبيدهم .وعليه فاننا لكي نستنتـج ونشخص حقيقة ما أوصلنا الى هذه النتائج, فانني حاولت ان استخدم طريق ومنهج علمي شخصت بواسطته هذه الظواهروالمعرفات التي اتصف بها هؤلاء الاحرارمن خلال مراقبة ماضي وحاضر افعالهم فتكوّنت لدي مجموعة او رصيد محدد من الصفات والتصرفات المتشابهة ساعدتني في وضع استنتاجي هنا , وانا لا أريد ان أتهم احدا جزافا اوأحدد صفات لمجرد كتابة مقال او تهيئة تهمة ألصقها بالاخرين او ان ابين انني احسن من الاخرين فكلنا أخطئنا في ادارة المشاكل وكل حسب موقعه واندفاعه وتأثير الآخرين عليه ,لكنني استعنت بجزء من علم الاجتماع هنا في فحص الظواهر والمعارف المكتشفة من اجل تحديد السلوكيات وطريقة التفكير وبالتالي اسباب اتخاذ مجمل المواقف السابقة.
غالبا لا تجد بأي مكوّن مختلط الجماعات تجانس وانسجام ولا بد من وجود اختلافات تحدد هذه الصفات والافعال فعندما نصف مثلا – فصائل المقاومة واحزاب وفعاليات متعددة ثقافية واجتماعية من التي رفضت الاحتلال أو رضت فيه بالبداية ثم نبذته ونبذت فعاليات من مشى على نهجه وارتضى بدستوره – بانهم الاحرار في العراق لانهم خرجوا من قبول عبودية المحتل والمرجعيات الفاسدة وانتهجوا الفكر الحر السليم الذي يفرّق بين الصواب والخطأ, وجدت ان صفة الجهل هي العامل المشترك الذي غلب او التصق بسيئات صاحبت المسيرة السابقة كالانانية والغيرة والحسد من نجاح الاخرين وتأثيرهم لذلك يلجأ الجهلاء في كل مكان الى السيطرة والانفراد بالقرار واقصاء الطرف الاخر والصاق التهم به وخيانته وكل ذلك ساهم بافشال او اعاقة تحقيق الاهداف لان ابعاد العقول الواعية والمبدعة لا بد وان يصنع فراغا يخسف به الاخرين , (الجهالة المقصودة هنا لا تعني وجود قصور ثقافي أو أكاديمي فحسب فربما يكون الجاهل حاصلا على درجات علمية كبيرة لكنه تطغي عليه الصفات السيئة الاخرى فتحد من انتاجه ويقضي بيده على محركات العقل وتحفيزه فيجهل كيف يوظف امكانياته ليكتشف المشاكل قبل حدوثها أوكيف يحلها ان حدثت وكما يقول –أنيس منصور –فان (الجهلة لا يُستهان بهم إذا كانوا أغلبية ) لذلك فأي مجتمع او تكوين يغلب فيه الجهل الملازم للامراض النفسية الاخرى على منهج العلم يكون تأثيره ضار جدا وغير مرئي احيانا .. المصيبة انهم يعتقدون من انهم على صواب وان طريقهم رغم انهم يتخبطون ويفشلون ثم يجربون ويفشلون يدفعهم شعور ذهني انهم في طريقهم للحل رغم الفشل المستمر !,,بينما الفصيل الثاني هو من يحلل الامور باسلوب علمي ويستطيع ان يرى المشاكل التي تثير اهتمامه وتفكيره فيضع الخطط قبل التحرك او الاندفاع العشوائي فيحدد عمله من خلال خطوات تفكيره العلمي ويحدد الخسائر المتوقعة حاله كحال العسكري المحنك الذي يركز على بيان الخسائر المتوقعة ويربطها بالهدف فيحدد قراره بتنفيذ الخطة او الغائها او ايجاد خطة بديلة .. فهذا الطرف هو الاجدربامساك القيادة او عضويتها لا مثل الطرف الاول الغالب الذي وجدته موجودا في كل مكان وكأنه شخص واحد يتنقل ليكون نافذا في عدة مواقع مختلفة! (هو غالبا من الذين قد تخدمهم ظروف معينة فيبرز بين العلن فيقف عثرة بين الحقيقة وبين القيادات العليا ويعميها عليهم ) وهؤلاء هم الذين يتخبطون ويضعون حلولا ربما لا علاقة لها بالمشكلة ويستمرون لان ورائهم نوع اخر من المطبلين الاحرار الذين يمجدون بشخوصهم بسبب موقعهم ومن اجل مصالحهم الشخصية وعلاقتهم بهم ربما و يبررون اخطائهم بينما الحالة لا تتحمل مزيدا من الاخطاء اذا ما أريد السعي من أجل التغيير نحو الاحسن.هذه الفئة ( الجاهلة التي تعشعش الامراض النفسية بداخلهم ) هم ليسوا خونة ولا عملاء بل لديهم اخلاص لكن جهلهم هذا يجعلهم بسبب مراكز القيادة التي يتدرجون اليها ربما بمنزلة تأثير الخونة على مجمل الحالة فالاثنان سيان الاول يقوم بافعاله الخيانية عن علم والاخرعن جهل واعتقاد خاطيء بانه على الطريق الصحيح لكنه الحقيقة يكون سببا لعدم اتخاذ القرار الصحيح .
فعليه لحل هذه الاشكالية الخطيرة أرتأي بعدم وجوب الاعتماد على ما متوفر من كادر وظيفي او حزبي او تنظيمي فقط بل ان المرحلة تفترض تطعيم الموجود بالاستعانة بعلماء اجتماع واطباء نفسيين ومتخصصين في الحرب النفسية والدعاية ومتخصصين في الاقتصاد وحتى المؤلفين من الموثوقين وضمهم للقيادات العسكرية من دون شرط التسلسل القيادي ,,فلو أخذنا مثلا فصائل المقاومة في الداخل التي تحملت كل العبء نجد انه رغم نجاحاتها في ضرب الاعداء في اماكن موجعة ادت الى انسحاب العدو الرئيسي من الداخل مما اضطره لاستبدال خططه بالاستعانة بمن ينوب عنه لتنفيذ غايات احتلاله للعراق الا انها وقفت تلك الفصائل بموقف شبه العاجز لا تعرف كيف تجاري خطط المحتل الجديدة, ورغم الدماء الزكية التي قدمتها المقاومة المسلحة والتضحيات الجسام الا انها لم تنجح في تحقيق المطلوب واستنزفت قواها ومواردها البشرية والمالية حتى شحت واصبحوا يتأملون في خطأ أخر أن يحصلوا على الدعم ممن ساهموا في التمكين من احتلال العراق وتدميره واصبح تأثيرها محدودا ناهيك عن ان الطرف الاخر كان يفكر بعلمية اكثر ويضع الخطط والمؤامرات لانه يقف على ارضية مريحة يمتلك فيها كل الامكانات التي تساعده فعلى سبيل المثال نجح في استعمل الفوضى الخلاقة بأساليب خدمته فقام بتحويل جزء كبير من افراد المقاومة ليكونوا منفذين لخطط المحتل من غير ان يشعروا بذلك من خلال تحييدهم اوانضمامهم الى داعش والحشد وميليشيات لا هم لها الا تدمير النسيج العراقي وتجصيص الطائفية بدل بناء البلد والمحبة والشعب ليكون واحدا في مواجهة المحتل ويقضي عليه , كما رضخوا لخطة المحتل في جعل منطقة الصراع فقط في العراق كما حددها هو وفشلوا في نقلها الى اراضي العدو وهو كان مفترضا ان يكون منذ البداية ولا يزال الوقت يسمح بذلك وسيؤدي الى تأثيرات كبيرة لا يمكن من كان جاهلا بها ان يستوعبها.
وهذا الجهل يبرز بصورة واضحة في حكومات الاحتلال لان التأثير والاضواء عليهم تكون مركزة بينما جهلاء الاحرار والفصائل المقاومة لا يظهرون بهذه السرعة وربما لا ينكشفون لانهم يتدرجون عاليا بمناصبهم وينتقلون الى مراحل اعلى يساعدهم في ذلك اخلاصهم للجهة التي يمثلونها وان تلك المراحل هي التي يتم التركيز والقاء الضوء عليها فلا ينظر لاخطائهم التي أخرت مثلا عملية التحريركما يجب ! ..وعليه ففرضيا يجب البحث بصورة جدية عن مجموعة العلماء والباحثين الاجتماعيين والذين يكتشفون المشاكل قبل غيرهم ويحذروا منها او يجدوا حلولها ووضعهم في اماكن القيادة العليا كي يشاركوا في صياغة القرارات المصيرية , لكن الواقع ان مجموعة الجهلاء سيقفون عثرة في تمكين هذه الفقرة لانهم سيشعرون انهم في خطر يمس مكانتهم ويكشفهم او يكونوا غير فاعلين اكثر بوجود من يعلوهم فكريا وتحليلا فحاد أولئك الاحرارعن هدفهم الرئيسي وهو تحرير وتخليص العراق من مشاكله الى استبدالها بتحقيق اهدافهم الشخصية .وعليه فهذه قرارات لو صدرت من اعلى الجهات فإنها ستفرض على المعوقين وربما ننجح في تحويل الصراع لصالحنا .
نفس الحالة تنطبق اكثر على فصائل ومؤيدي المقاومة ورفض الاحتلال وما جاء به او رفض ممارساته للعراقيين في الخارج من مغتربين ومقيمين فعامل الجهل والتفكك الذي يصاحبه فالأمراض النفسية تظهر لديهم اكثر من الداخل وقد منعت حتى من تكوين قوة دفع سياسية تنشط بين الشعوب الحرة لتبين مدى الاجرام الذي تمارسه حكوماتهم ..فتم استبدال علمية ايصال المعلومة الصحيحة الى تنابز بين الاطراف واستهداف الناجحين عقائديا وفكريا وابعادهم من الساحة وتجييرها لأنفسهم فتحول نضالهم الى تثبيت اقدامهم للحصول على منافع شخصية وسمعة دعائية وضع العراق وقضيته ومعاناة شعبه خلف ظهورهم .
يبقى الامل في ان تمارس المواقع الاخبارية الالكترونية دورا اكبرا في بيان سلبيات الواقع وايجاد الحلول من خلال السماح لجميع كتاب الاطياف على اختلاف عقائدها لايصال صوتهم وما يريدون قوله . الى ان يتحول منبرهم الى قوة اعلامية بعيدة عن امراض العصر النفسية من حسد وغيرة وحقد . ولتكن ساحاتكم مفتوحة نبراسا وقدوة للاخرين ..