منذ مدة حصلت على لقب دكتور, وكنت أعتقد أن الأمر يستحق التهنئة لكن بعد تصريحات وزير التعليم والناطق الاعلامي بأسم الوزارة, أتضح ان الامر لا يستحق العناء مطلقا فالشهادة العليا طبقا لما يقوله السيد الوزير ليست مؤهلا للتوظيف بس للحصول على مستوى من الثقافة!!
سيادة الوزير هل تعرف أن 80%من رواد المتنبي ليسوا من حملة الشهادات العليا, ورغم ذلك هم من كبار المثقفين في العراق, هذا اولا ثانيا أن الشهادة لاتمنح صاحبها لقب مثقف بل خريج فهي تخصص في مجال معين, والتخصص أن تعرف كل شيء عن شيء معين, أما الثقافة ان تعرف شيء عن كل شيء, ناهيك ياسيادة الوزير أن الشهادة في كل دول العالم مؤهل للتعيين ضمن ما يعرف بالتخطيط واحتياجات سوق العمل والا لماذا يا سيادة الوزير تضع الوزارة خطط القبول؟ وعلى أي أساس يتم تحديد المقاعد في الدراسات العليا؟ الاهم من هذا هل استخدمت شهادتك بصفتك مثقف؟ أم خريج حاصل عل الدكتوراه؟ والجواب واضح لا يحتاج الى أجابة.
الاهم من هذا كله منذ استلام د. عبد الرزاق العيسى المستقل لوزارة التعليم ما الذي تغير في سياسية الجامعات؟ فمازالت الحزبية تفرض هيمنتها على الوزارة وفي أروقة الجامعات, ومازالت المناصب حكرا على فئة من الاساتذة دون غيرهم, والتعيينات هي الاخرى حكرا على فئة معينة, على أن هذه الفئة لا ترتبط بطائفة أو مذهب بل بأحزاب ومافيات من نوع أخر تبسط هيمنتها على الجامعات, وتفرض وجودها بقوة.
هل تعرف سيادة الوزير كيف توزع المناصب عميد, رئيس قسم, مدير مركز أبحاث؟ هل تعرف كيف تتم صفقات أختيار لجان المناقشات؟ هل تعرف ماذا يحصل في عمادة كلية الآداب جامعة مستنصرية تحديدا؟ ماذا يحصل في عمادة كلية الشريعة جامعة بغداد؟ هل تعرف سيادة الوزير كيف يستغل بعض رؤساء الاقسام ممن يديرون مراكز بحثية تابعة لهم الطلبة في الكليات؟ هل تعرف كيف يحرك بعض النواب قطع الشطرنج ويتحكمون بالمشهد في الحرم الجامعي؟
على ما يبدو يا سيادة الوزير أنك لا تعرف لأن الايميل الذي خصصته لتلقي الشكاوى ردوده موحدة تقريبا ليس من أختصاصي بل من اختصاص الجامعة!
اليك ما يحدث سيادة الوزير في أروقة الجامعات أن بعض العمداء مخضرمون ولأسباب حزبية ولأن العميد مخضرم فأن رؤساء الاقسام التابعين للعميد مخضرمون ايضا, وكلية الشريعة جامعة بغداد خير دليل على ذلك ويكفي ان يتجول الزائر في اروقة الكلية ليرى طفح مجاري الحمامات والمستوى العلمي المتردي للطلبة لان الكلية تفتقر للكادر وكل ما تعتمد عليه محاضر خارجي يحاضر لمدة عامين او اكثر ثم يتم تغيير المحاضرين في العام القادم أو يجبر المحاضر للتخلي عن حقوقه وهكذا تتم مصادرة جهود وأستغلال حملة الشهادات.
ما يحدث في الجامعة المستنصرية أن بعض زوجات نواب سابقين وأشخاص متنفذين في الأحزاب أفرغوا العمادة تماما من المسؤولية, لدرجة أن عوائل وأقارب تم تعيينهم في قسم علم النفس تحديدا واقسام اخرى, والعميد او العميدة تحركها الواسطات كما تشاء يمينا وشمالا, لدرجة أن تجبر بعض الاساتذة على تقديم الاستقالة من مناصبهم فقط لان زوجة مسؤول (عينهة عل المنصب)!
أما الاساتذة ممن يمتلكون مراكز بحثية خاصة فقد تمكنوا عن طريق العلاقات من الوصول لرئاسة الاقسام ليمارسوا ضغوطا على الطلبة مما يضطرهم للجوء الى مراكز الأساتذة الأهلية.
المنجز الذي يحسب لوزير التعليم هو أنه قدم استقالة من وزارة الملية ليتفرغ لوزارة التعليم حتى لا يتفاجأ المواطن الذي ينوي مقابلة وزير التعليم بمقابلة وكيله لأن الوزير غير متفرغ.
بينما يكلف المواطن نفسه عناء الحضور من المحافظات ومن مختلف انحاء بغداد, يجد أن السيد الوكيل يعقد مؤتمرات في اليوم الوحيد المخصص لمقابلات المواطنين, ممايظطرهم للانتظار لساعات طويلة لمقابلة الوكيل الذي يدس وجهه بين الاوراق, ولا يكلف نفسه حتى للاستماع او معرفة الامر الذي اجبر الناس على مقابلته بصفتهم مظلومين, ليهمش لايوجد غير متوفر لايمكن, فتسبق ال (لا) المعلنة كل الطلبات وينهي المواضيع ببساطة تماما كما هو ايميل السيد الوزير!
أن عدوى سياسة الكوبي بيست واستنساخ سياسية من سبق الوزير تلقى بظلالها على أدارة الوزارة والجامعات, فالأجوبة مكررة وسمعناها مرارا وتكرارا, والخريج يا سيادة الوزير لا يبذل جهودا استثنائية ويكلف نفسه وأهله عناء الدراسة والحصول على شهادة ليجد نفسه مثقف عاطل عن العمل, بل أن بعض من وصل الى اروقة الجامعات والتدريس (عن طريق الواسطات) لا يمتلك ادنى مقومات الثقافة, بل لا يعرف شيء عن أختصاصه أصلا ولهذا وصل التعليم الى ما هو عليه, ويبدو أن وزارة وضع وزارة التعليم أصبح معضلة تضاف لمعضلة الكهرباء التي لم تجد حلولا لغاية الان!