كتبت – لميس السيد :
رأى المحلل المتخصص بشؤون الشرق الأوسط “ماثيو برودسكي” أن الشرق الأوسط والرئيس الأميركي “دونالد ترامب” يحاولون أن يجعلوا “قطر” تنضم لتحالف السنيين المتشددين في المنطقة ضد “إيران”، من خلال ثلاث وجهات للنظر، استفاض في شرحهم عبر أحدث مقالاته التحليلية المنشورة في مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، مؤخراً.
تدين وجهة النظر الأولى بخلق الهدوء وتنحية الخلافات، لسبب يتعلق بوجود 11 ألف جندي أميركي في قطر بقاعدة “العديد” الجوية، ولأن قطر تملك المطار الوحيد القادر على التعامل مع قاذفات “ب – 52″، ولأن الإدارة الأميركية متفقة في الأصل مع رؤية المنطقة حول “إيران”، لذلك تفضل أن توجه الكتلة السنية كافة جهودها نحو التحديات الخارجية بدلاً من الصراع فيما بينهم.
أما وجهة النظر الثانية فترى أن الأزمة الإقليمية الدبلوماسية مع “قطر” تشكل تطوراً إيجابياً، مؤكدة على أنها صفحة جديدة لتنظيم العلاقات بين الدول الخليجية السنية، وهي مبادرة جائت إستجابة إلى خطاب “ترامب” الأخير في الرياض، الذي ناشد بـ”طرد” المتطرفين الإسلاميين من البلاد العربية، ولا شك أن تنظيم “داعش” يمثل بالنسبة للولايات المتحدة خطراً لا يقل عن “إيران”، لذا فإن مبادرة دول الشرق الأوسط بتنظيم العلاقة مع “قطر” ومكافحة الراديكاليين من السنة هو أمر مرحب به في الفترة الحاضرة.
وهناك وجهة نظر ثالثة، وهي إدراك أهمية “قطر” ضمن تحالف إقليمي، لكن مع التأكيد على ضرورة إنتهاز الفرصة بإبداء غالبية المنطقة رأيها في سياسة قطر الخارجية “غير الأخلاقية” للضغط على أسرة “آل ثاني” الحاكمة في قطر. وينبغي أن يكون الضغط الدبلوماسي والاقتصادي مؤقتاً، على الرغم من أنه لا يبدو كذلك حالياً، وينبغي أن يكون ذلك الضغط مصحوباً بخيارات صعبة على النظام القطري ليدرك أن تكلفة الاستمرار في ممارسة أعمالها الدبلوماسية ستكون مرتفعة الثمن.
يقول “برودسكي” أن الرئيس “ترامب” قد اختار الخيار الثالث منذ بداية الأزمة، على الرغم من أن وزير الدفاع “جيمس ماتيس” أكد على أن الإجراءات ضد “قطر” ستؤثر على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، ولن يضير “قطر” الموقف الدبلوماسي الحالي بأي شئ سلبي.
خلافات واضحة..
على الرغم من إعلان الرئيس “دونالد ترامب” موقفه الصريح بتأييد “السعودية” ضد الدعم القطري للإرهاب، إلا أن تصريحات وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” جائت منافية لرأي رئيسه، حيث دعا السعودية “لتخفيف الحصار المفروض على قطر” على الفور، والذي “يعوق العمل العسكري الأميركي في المنطقة، والحملة ضد داعش”. وعلى خلاف ما قاله “ماتيس”، صرح الرئيس، خلال ساعات في مؤتمر صحافي، مجدداً على ان قطر “لها تاريخ في تمويل الارهاب على مستوى عال جداً”، وطالب بانهاء دعمها المالي للجماعات المتطرفة.
يوضح محلل شؤون الشرق الأوسط، قائلاً: “في الواقع.. وبينما كان يدعو “تيلرسون” إلى “وقف التصعيد”، كان الرئيس “ترامب” يزيد من الضغط، حتى اعلنت السفيرة الأميركية لدى قطر “دانا شل سميث” استقالتها، مما ادى إلى زيادة الفجوة داخل الادارة”.
والحقيقة هي أن “تيلرسون” كان يعلم أن هناك مهيجات للأزمة الناشئة مع “قطر”، منها تحالف بعض دول المنطقة مع “السعودية وأميركا”، ورغبتهم في إعادة صياغة صورة مشتركة للعلاقات الدبلوماسية، بينما “ترامب” إستغل المفاوضات لتحقيق “المصالح المشتركة” التي أكد “ترامب” عليها خلال خطاب الرياض.
إختتم “برودسكي” تحليله، لافتاً إلي أن “ترامب يجب أن يقاوم رغبة “تيلرسون” في الدعوة إلى التهدئة بأي ثمن، حيث إن التسرع في إعادة تشكيل الوضع الراهن، من شأنه أن يهدر فرصة ذهبية لتغيير السلوك القطري المسبب للمشكلات، وإرسال رسالة إلى حلفاء أميركا الذين فعلوا ما طلبه الرئيس الأميركي منهم بالضبط”.