عندما يمر ذكر اسم دولة عربية، يتراود في الاذهان سريعا، ولااراديا، فكرة عن الحرب والازمات، والفوضى والتخلف، واعتقد ان هذه الامور موجودة فعلا على ارض الواقع، بسبب العمل الذي تقوم به دول الغرب، للحيلولة دون تطور وازدهار دولنا العربية، والاسلامية، وذلك لأنه يصب في صالحها فبقاء اسرائيل مرتبط ببقاء الصراع فيما بين هذه الدول، والسبب الثاني هو الانحطاط الفكري والثقافي للعقل العربي، الذي اصبح سوقا رائجة لتداول الافكار المتطرفة والارهاب.
لقد كانت مصر ومازالت محورا اساسيا في المنطقة، رغم مامرت به من احداث مؤلمة كادت ان تهوي بها نحو المجهول، لولا تكاتف ابنائها مع جيشها، الأمر الذي دعى العراق ان يختارها كي تكون هي المستضيف للمؤتمر الاقليمي للتقارب المذهبي والسياسي، الذي دعا اليه العراق، والذي يضم كل من ايران، والسعودية، وتركيا، بالاضافة الى مصر والعراق.
المبادرة التي اطلقها رئيس التحالف الوطني العراقي السيد عمار الحكيم، والتي لاقت تأييدا سياسيا في العراق من جميع القوى السياسية المؤثرة، وخارجيا كذلك، حيث بدى ذلك بعد الزيارة التي قام بها الحكيم والوفد المرافق له الى جمهورية مصر العربية، التي اعلنت بدورها عن تأييدها واستعدادها لاستضافة المؤتمر، واستغلال موقعها الاقليمي لتقريب وجهات النظر، وتسخير كافة امكانياتها لانجاحه، وتحقيق كامل اهدافه.
العالم كل العالم يعرف ان العراق هو المتضرر الاكبر بين الدول العربية من قضية التطرف، والارهاب، ومحاولة توسيع النفوذ وبسط السيطرة، لكل من السعودية وايران، وتركيا، وهذا الأمر صار جليا ولايحتاج الى دليل، حيث قدم العراق الالاف من ابنائه ضريبة هذا التدخل، بالاضافة الى الحرب الاقتصادية التي شنت عليه من قبل بعض الدول، انتجت بنى تحتية منهارة، ودولة تنفق جل وارداتها لبسط الامن ومحاربة الارهاب، وبما ان العراق ليس موريتانيا، او الصومال، اوجزر القمر، مع الاحترام الكبير لهذه الدول، الا ان العراق له خصوصية ومكانة دولية واقليمية مختلفة، ويمتلك عمق تاريخي طويل، ويعد دائما من دول المقدمة في المنطقة، لذا لايمكن لدولة من الدول فرض نفوذها عليه خصوصا ونحن في القرن الحادي والعشرين.
وعن المؤتمر المزمع عقده قال الحكيم في احدى المناسبات الرسمية، انه كلنا امل بحكمة قادة المنطقة، ووعيهم وادراكهم بان منطقتنا وعلى مر التاريخ لم تستفد من الحروب، وانما كانت تزدهر في فترات السلام، ويعد الحكيم من اكثر الشخصيات العراقية والعربية اعتدالا ووسطية، ويعرف بخطابه الداعي للتفاهم، وتحكيم لغة الحوار، وعدم تغييب الشركاء الاخرين، والحفاظ على الهوية العربية والاسلامية للعراق، مع مراعاة حقوق الاديان والاقليات الاخرى.
يهدف المؤتمر الى مناقشة كل القضايا الخلافية بين هذه الدول بصراحة وصدق، على ان تحدد نقاط الالتقاء والتقاطع، والاتفاق على احترام المساحات، وتحديد الحد الادنى من قواعد الاشتباك السياسي بين دول المحور في المنطقة، وفتح قنوات جديدة للحوار، والخروج من التخندق الطائفي، والمذهبي، الذي لم يثمر الا الموت والعذاب لشعوب المنطقة، وماحصل في العراق وسوريا واليمن وليبا وغيرها من الدول العربية التي تعاني اضطهاد فئة على حساب الاخرى، كالبحرين وبعض دول الخليج يعتبر خير مثال على ذلك.