حضرت عقدة تفجير الكرادة، خلال رمضان الماضي، بقوة، طوال الشهر الفضيل، لهذا العام، بل تحول هاجساً لدى الشعب والقوات الأمنية، التي ليس بإمكانها أكثر مما كان، حالها كحال كل القوى الأمنية في العالم؛ لأن “داعش” نافذ في كل الأحول، لا يحتاج تسهيلات من دولة متخلفة أمنياً ولا تحده تحوطات ميدانية فائقة المنهجية؛ ينفذ ما يريد وما يشاء، أن يريد، سواء أكانت الظروف مؤاتية له؛ بسبب إنشغال جنود السيطرات في العراق، بالموبايل “مطنشين” السيارات المفخخة، أم أن سونارات حديثة، لا تمر عليها ذبابة، تتصدى لها بعساكر مدججة بالسلاح والوعي الأمني الرصين.. بحثياً وتطبيقياً، في بلدان … كانت… منيعة، ولم تعصاه.
فداعش لا يفرق بين دول متقدمة مثل أوربا، أو متخلفة مثلنا، لكننا نملك قوة مشاكسته بتقمص بهجة العيد وتمثل فرحته وهضم سروره، مهنئين بعضنا ونحن ندعو بعودته من دون تكرار مصيبة الكرادة، التي راح ضحيتها 300 شاب بعمر الزهور، وقبلها وبعدها عشرات الخروقات الأمنية، التي سفحت الدم والمال للهباء…
لكننا نعيش العيد بأبعاده كافة، إهتداءً بحكمة الإمام علي.. عليه السلام: “إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا” ونحن نعيش الحياة كما لو ننطلق في جزر تاهيتي، من دون غياب مطبق بالخدمات ولا فساد ولا إرهاب يتربص بنا الدواهي وحكومة تعنى بنفسها، مهملة مسؤولياتها.
العيد فريضة دينية، تحولت الى تقليد إجتماعي، تماهى من خلاله المقدس الديني مع السلوك السوسيولوجي، متوارث من ماضي المسلمين الى حاضرهم الراهن، بطاقة حيوية، تعد المستقبل جزءاً من سياقاتها طي التجدد، ربما ليأخذ تمظهرات شكلية مغايرة، لا تعدو الجوهر.
فالإسلام باقٍ ما دام المؤمنون يسقون العصر بتعاليمه الحقة، كلما تمحور المكان حول دورة الزمن.. حلاً سهلاً وترحالاً وعراً.
اللامنطقي في توالي الأحداث، داخل بنية الإسلام “إنطولوجياً – وجودياً” هي أنه لا يتقدم منهجياً مكتسباً خطوة ترصد لترسيخ إحساس المؤمن بالآية القرآنية الكريمة: “إنا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون” إنما يلجأ محرفوه الى إستخدام العنف المفرط حد الفظاعة!
بركان الإرهاب المتفجر من جوف الإسلام، حطم معنى الدين أولاً والشعوب التي تدين بالإسلام ثانيا، قبل أن يشمل البلدان الآمنة.. المستقرة بقوانين حضارية تكفل سعادة الفرد وقيمة المواطنة.
لذا بات عيدنا الأمثل، القضاء على الإرهاب الذي شوه سلام الإسلام منحرفاً بتعاليمه الربانية، عن سبيل النجاة الذي برأه الرحمن لعباده خياراً رصينا لتشييد حضارة الروح التي تستوفي طيا، قيمة المادة بشكلها النزيه النافع للبشرية علما ومحبة.
لذا لن يتمكن “داعش” من تضبيب مجساتنا عن إستقبال روح الشفافية في الدين الحنيف وأعياده التي تتضوع طيباً، متواصلين مع ذواتنا المدركة لمعنى وقيمة السلام في الإسلام.. يداً ولساناً.
سنعّيد برغم “داعش” ولسوف يتلظى الإرهاب بنار حرائقه، تفاؤل يمحو أثر الأحداث البشعة التي عشناها في رمضان الماضي، ويفتت العقد…