في متجر لبيع الملابس الداخلية النسائية في بغداد يعتذر علي حسين لزبونة عن ارتفاع سعر قطعة تريد شراءها ويقول إنه لا يملك بيعها بثمن أقل. فبعد سنوات من الحروب والعقوبات ما زال العراق يعتمد على واردات من دول مجاورة مثل سوريا وتركيا وإيران في توفير 95 في المئة من السلع الاستهلاكية. وسوريا على وجه الخصوص مصدر أساسي للبضائع المصنعة والخضر والفاكهة الطازجة.
لكن مع مرور نحو 17 شهرا على الانتفاضة السورية تتراجع إمدادات البضائع السورية للعراق ببطء في حين اضطر رجال الأعمال السوريون لإنهاء أعمالهم وتجد الشاحنات صعوبة بالغة في عبور الحدود التي أصبحت في بعض الأحيان جبهات للقتال.
ويقول تجار في العراق إن النتيجة متوقعة.. نقص في البضائع السورية وارتفاع الأسعار. وقال حسين الذي يستورد منتجات سورية معروفة جيدا في العراق “كنت أبيع حمالة الصدر هذه مقابل 15 ألف دينار عراقي (12.90 دولار).. الآن أبيعها مقابل 18 ألف دينار عراقي (15.48 دولار).” فالمصنع الذي كان يستورد منه المنتجات ويقع في إحدى ضواحي دمشق أغلق أبوابه قبل شهر.
وقال حسين “كنا نحصل على 50 علبة في طلبية واحدة لكن في الأسبوع الماضي حصلنا على أربع فقط… إنهم يخشون الوضع الأمني على الطريق لأن الكثير من الشاحنات تنهب.” وكان حسين يتوقع مثل هذا الأحداث لذا بدأ في تخزين البضائع السورية قبل ستة أشهر.
ويقول مسؤولون عراقيون في مجال التجارة والأعمال إن قدرة سوريا على التصدير تقلصت أيضا بسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية الصارمة. وأغلقت العديد من الشركات السورية مصانع أو قللت من الإنتاج.
وقال راغب بليبل رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقيين إن الكثير من الموردين العراقيين لهم تعاملات مع شركات سورية لكنهم قلصوا الشحنات من سوريا بنسبة 60 في المئة.
وأضاف أن سوريا تمر بنفس الوضع المضطرب الذي مر به العراق في عامي 2006 و2007 عندما بلغ الصراع الطائفي هناك أوجه.
وقال إن تدفق البضائع القادمة من أوروبا إلى العراق عبر ميناءي طرطوس واللاذقية السوريين تقلص أيضا. وقبل قيام الانتفاضة ضد الأسد كانت الموانئ السورية تعرض تكاليف أقل لشحنات الخشب والصلب والحبوب.
ويقول تجار إن الواردات العراقية تبحث الآن عن موانئ أخرى. كما أن النقل البري يزداد صعوبة. وهناك ثلاثة معابر حدودية بين العراق وسوريا أحدها خضع لسيطرة مقاتلي المعارضة لفترة وجيزة قبل أن تستعيده قوات الأسد.
ومعبر البوكمال-القائم على بعد نحو 300 كيلومتر إلى الغرب من بغداد على الطريق السريع المطل على نهر الفرات من المسارات التجارية الرئيسية في الشرق الأوسط لكنه مغلق أمام التجارة منذ نحو عام بسبب أزمة سوريا.
وبقيت النقطتان الحدوديتان العراقيتان الأخريان مفتوحتين أمام شاحنات البضائع لكن مصادر في الجمارك فيهما قالت إن عدد الشاحنات العابرة تقلصت بشدة خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال مصدر في مكتب الجمارك عند معبر الوليد “ربما تدخل العراق كل بضعة أيام شاحنة أو اثنتان بمنتجات غذائية وملابس لأنها عملية خطيرة بالنسبة للتجار السوريين بسبب انعدام الأمن هناك.”
وزاد سعر الخضر والفاكهة 30 في المئة وهذا ليس غريبا خلال شهر رمضان. لكن سعر الخضر والفاكهة السورية ارتفعت لأربعة أو خمسة أمثالها إن كانت متوافرة أصلا.
وقال عمار الربيعي الذي كان يجلس على كومة من صناديق الفاكهة الخالية في متجره ببغداد “منذ فترة قليلة كانت 70 في المئة من البضائع سورية.. كل شئ كان يدخل السوق.”
وأضاف “الآن لا يوجد لدينا إلا البصل والباذنجان من سوريا والباقي يأتي من تركيا وإيران. الحمد لله يمكن للعراق أن يعتمد على مناطق أخرى للحصول على الخضر والفاكهة.”
ويقول بعض الزبائن إن أسعار البضائع التركية والإيرانية تتأثر أيضا من الأزمة السورية. أما المتاجر الأكبر فقد تمكنت من تجنب أثر تراجع عدد الشاحنات السورية التي تعبر الحدود لأن بإمكانها الاعتماد على تجار الجملة الذين لديهم مخازن.
وقال عبد الهادي وهو يقف قرب أرفف صابون سوري مشهور في متجره “الأثر الآن ليس ملحوظا بصورة كبيرة لأن الأسواق بها إمدادات… لكننا سنشعر بالاختلاف خلال شهرين أو ثلاثة عندما تنفد البضائع.”