18 ديسمبر، 2024 10:15 م

أ ُغتيلت الحدباء وتفرق دمها بين داعش وماعش

أ ُغتيلت الحدباء وتفرق دمها بين داعش وماعش

لم يكُ غريباً حينما طالعتنا مساء اليوم المحطات الفضائية ووكالات الأخبار على نبأ تدمير جامع النوري ومنارته الحدباء ( قلادة الموصل ) وزينتها التراثية ، فجُلنا كان يتوقع ان التحرير المزعوم الذي حصد البشر وجرف الشجر ودمر الحجر ، لن يترك مأذنة ٌ مضى على شموخها اكثر من تسعةِ قرون عزيزة مُنتصبة رغم إنحنائها كظهور اهلها الفضلاء والذي أحنتهُ سنوات الإحتلال وعدوانه الغاشم ، وشاب فيها الرُضعُ والولدان .

ولا شك ان صور الركام والحطام قد تركت في قلوبنا وجعاً وفي نفوسنا غصةً ، تكسرت فيها العبرات لتُدمع العيون .

وفي غضون أقل من ساعة تضاربت الروايات والتصريحات ، فهذا يتهمُ داعش ، وذاك يتهم ماعش ، والأولى تنكر عبر وكالة ” أعماق ” وتتهم طائرات التحالف وسلطة الإحتلال ، والثانية تُكذبها وتلقي بالتُهمةِ عليها ، ثم يُسربُ مقطعٌ لفديو يُظهِرُ طائرة تُصوبُ هدفها الجوي نحو قلوبنا في تفجيرٍ مُتعمد يكشف حقيقة دامغة لاتقبل المؤاربة والشك من ان ( داعش وماعش ) مظهران لحقيقة واحدة ، تطابقت فيها القواعد والمرتكزات مع إختلاف في الصورة الخارجية ، إنهما صنوان نبتَ من شجرةٍ خبيثة واحدة ، أصلها من بحرٍ آسن ، إجتمعت فيه كل معاني : التعصُب والجهل ، والحقد والكراهية .

أما فروعهما : فخلايا تجسسيّة ومنظمات ومليشيات إرهابية ، تُجسد ( أعتى ممارسات القسوة والعنف والدمار ) وتسعى الى تشويه وتحريف الدين وتعاليمه ، وتهدف الى هدمِ المُثُل العليا ومسخ للإنسانية ومعالمها ، وعدائها سافر مكشوف للبشرية وطموحاتها في الإخاء الفكري والتواصل المذهبي ، وهكذا تلتقي هذه الفروع الخبيثة مع الأصل المشترك لهما لتُشكل في الغاية والنهاية : قوة سوداء لاتعرف إلا الإغتيال منهجاً ووسيلة وغاية .

إغتيال الدين في حرمته وقدسيته ومُثله العليا السامية ، وإغتيال التأريخ في حرفهِ عن مسيرته الإنسانية السليمة ليتحول الى خزان رهيب للثأر والتعصب والإنتقام ، وإغتيال الإنسان بأعتباره قيمة في ذاته ليُذبح صباح مساء ، في مأساةٍ بشريةٍ قائمة تتواصل حلقاتها الدموية في سيلان لا قرار له ، يرقُصُ من حولها : أحبار اليهود ، وكهنة المجوس ، وقد تزينوا بكل مافي عالم ( الإسطورة والخرافة ) من بخور وتعاويذ ووسوسة وهذيان وأسمار وأباطيل ! .

وهكذا أ ُغتيلت الحدباء وتفرق دمها بين الفريقين .

ولله درُنا ودر أهلها الكرام الأماجد .