ينتظر الساسة عودة رئيس الجمهورية من مشفاه في المانيا الى العراق ليأخذ بزمام المبادرة لعقد المؤتمر الوطني بين الفرقاء السياسيين تمهيدا لأجراء الاصلاحات الشاملة وتحقيق الوفاق بين الاطراف السياسية الختلفة.
وهناك ثمة اسئلة تطرح من اجل انجاح مهمة الرئيس طالباني في مهمته المقبلة وهي هل هناك مقومات لنجاح مهمة الطالباني ؟ هل هناك ارادة حقيقة لدى ” رؤساء الكتل ” للملمة الوضع وتحقيق الاصلاحات؟ هل هناك رغبة لدى السياسيين بتقديم المصالح الوطنية على المصالح الفئوية والحزبية الشخصية ؟ و هل هناك فهم وادراك حقيقي بأن العراق بلد الجميع ولا يمكن لأحد الامساك بمقاليد الحكم وتهميش الاخر؟
اسئلة تحدد نجاح مهمة الرئيس الطالباني في ما لو اراد لها النجاح لتحقيق الاصلاحات العامة وتشكيل دولة تعمل على بناء حكومة المؤسسات تأخذ على عاتقها وضع الخطط والاستراتيجيات الحقيقية للنهوض بواقع البلاد والعباد .
الواضح ان الجو العام لا يوحي الى انفراج وذلك من خلال بعض الاستنتاجات التي تبين ان العقدة لا يمكن ان تعالج بمؤتمر يجمع السياسيين ليتم من خلاله طرح الاشكاليات بين الاطراف المختلفة وبالتالي الوصول الى نقطة التقاء تحت سقف الدستور لمعالجة الاشكاليات، حيث شهدنا اجتماعا سابقا عقد في اربيل من اجل الوصول الى نقطة التقاء مشتركة يتم بوجوبها تشكيل الحكومة الحالية ولكن سرعان ما شهدنا ان الخلافات بدأت تطفو والمشكلات تتفاقم وذلك بعد تنصل اطراف اتفاق اربيل عن الالتزمات التي ابرمت بين المجتمعين، ويعود السبب في ذلك الى انعدام الثقة بين الاطراف السياسية واحتدام الخلاف ليصل مرحلة الاختلاف في وجهات النظر والتلويح بمنطق القوة وكسر الاخر من خلال اعتماد اساليب خلق الازمات واللجوء الى اوراق الضغط.
فبعد انتخابات 2005 والتي اوصلت السيد المالكي في دورته الاولى الى رئاسة الوزراء زادت الخلافات بين المكونات المشتركة في الحكومة واخذت تنحى منحا خلافيا بحتا لتكون انعكاساتها السلبية واضحة على الائتلافات في الانتخابات 2010 مما ولدت كتلا مختلفة مع منهج الحكم للسيد المالكي ما شكلت مناخا سياسية مضطربا انعكس بشكل سلبي على عملية تشكيل الحكومة والتي ظلت تراوح في تشكيلها اكثر من تسعة اشهر.
وبعد ما يعرف بأجتماع اربيل وما نتج عنه من قرارات تشكلت بموجبه الحكومة الحالية، اخذ المناخ السياسي يتجه نحو تشكيل التكتلات وذلك بعد شعور الاطراف المجتمعة بعدم الالتزام اطراف الاجتماع بمقرارت اتفاقية اربيل مما دفع تلك التكتلات الى اتخاذ اجراءات واساليب بغية الضغط على الحكومة وبالتالي العمل على تطبيق تلك القرارت التي تتضمنها اتفاقية اربيل ، ولعل القائمة العراقية كانت السباقة في الشروع بانتهاج آلية التصعيد واطلاق التصريحات الاعلامية المتشنجة وسحب الوزراء وتكون ائتلافات تهدف للضغط على السيد المالكي والتلويح بسحب الثقة، ولم يكن بعض اطراف التحالف الوطني ومنهم التيار الصدري والمجلس الاعلى بعيدين عن الخلاف مع الحكومة بالرغم من ان الاخير تبنى مبدأ الوسطية وطرح خيار حكومة الشراكة الوطنية معتقدا بأن العراق لا يدار من قبل حزب او مكون واحد، اما التيار الصدري فموقفة الثوري تجلى بعد ان دخل الاكراد على خط الخلاف ما دفع الاخير بدعم مشروع سحب الثقة بعد اعتقاده بأن الحكومة الحالية برئاسة السيد المالكي ليس لديها قناعة بعملية الاصلاحات وتشكيل حكومة شراكة وطنية تضم في تشكيلتها كافة الاحزاب والكتل السياسية.
وبعد نشوء هذه التكتلات زادة هوة الخلاف وكثرة المطالب بين الكتل والاحزاب الامر الذي تسبب بايجاد حالة من عدم الثقة لدى الاطراف وذلك لما حصل من تنصل عن القرارات التي تم الاتفاق عليها من ائتلاف دولة القنانون مما جعل صعوبة تشكيل قناعة لدى الاطراف السياسية حول صلاحية حكومة برئاسة المالكي تأخذ على عاتقها اجراء اصلاحات وتشكيل دولة مؤسسات تؤمن بمبدأ الشراكة الحقيقية وتنفتح على كل كتل السياسية الامر الذي يلوح بولادة مبادرة الرئيس الطالباني وهي ميته .