كتبت – لميس السيد :
شهدت التوترات في الشرق الاوسط مستويات جديدة خلال الاسابيع التي تلت زيارة الرئيس الاميركي “دونالد ترامب” للرياض مباشرة في إطار “القمة الإسلامية الأميركية”. ونجح السعوديون خلال تلك الرحلة في ضم “ترامب” إلى صفهم في “حربهم على الإرهاب” ضد خصومهم من العرب السنة وأيضاً “إيران”.
وبدعم من “ترامب”، قاد النظامان السعودي والإماراتي “تحالفاً عربياً من الراغبين” في إخضاع القيادة القطرية، التي اتبعت سياسة خارجية مستقلة عن الخليج بل ومعارضة له في بعض الأحيان.
تشهد “إيران” حالياً طرفاً من الصراع الخليجي، حيث أن مع تصاعد وتيرة الحرب الكلامية الخليجية الموجهة ضد “قطر”، وقع هجوم إرهابي غير مسبوق على رموز النظام في طهران، مما أسفر عن مقتل 17 شخصاً على الأقل. وإدعى تنظيم “داعش” أنه المسؤول عن الهجوم، ولكن النظام الإيراني، لم يفوت الفرصة وإستغلها بإتهامه السعوديين بالجريمة، إستناداً إلى التعليقات التي ألقيت خلال زيارة “ترامب” للرياض، حول ان إيران منبع الإرهاب في المنطقة.
ويقول الكاتب الكويتي “إياد البغدادي” والكاتبة الإيرانية “مريم نايب يزدي”، في مقالهما بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن الشرق الأوسط اصبح على شفا أزمة صراع مثل التي شهدته أوروبا في عام 1914، وتظهر الصراعات اليمنية والسورية انهما تحولا من صراعات يمكن إحتوائها جغرافياً إلى حرب إقليمية مفتوحة، ولذلك فهي صراعات لن تكون موجزة. وانفجار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة سيؤثر سلباً على إقتصادات العالم وسيزيد حتماً من عدد الإرهابيين وسيستلزم المزيد من التدخلات الأجنبية، ويشعل موجات جديدة من اللاجئين، ويجعل العالم بأسره أقل أماناً وأقل استقراراً، وأقل ازدهاراً.
أصول الفوضى..
رأت المجلة الأميركية أن أصول الفوضى في الشرق الأوسط، حالياً، تعود إلى قرار الرئيس السابق “باراك أوباما” بفصل الولايات المتحدة عن المنطقة، وهو ما ساعد على فراغ السلطة في الدول العربية نتيجة فك الارتباط الأميركي، حيث فرض العديد من اللاعبين أجنداتهم المستقلة وخلال ذلك، تم قمع أصوات شعب الشرق الأوسط بوحشية.
ودفع اتفاق “أوباما” مع النظام الإيراني إلى المزيد من الارتباك مما أدى إلى المزيد من الدمار في سوريا، وفتح الباب في نهاية المطاف لتدخل روسي بشكل وحشي ساحق. وعلاوة على ذلك، ولموازنة التحالفات الأميركية، دعم “أوباما” حرب القيادة السعودية على اليمن، مضيفاً المزيد من الوقود لمنطقة محترقة بالفعل.
وعلى الرغم من ذلك، من الخطأ الافتراض بأن سياسات “أوباما” كانت السبب الجذري لهذه الفوضى في المنطقة، لأن ما نشهده هو نتيجة نظام إقليمي تهيمن عليه الديكتاتوريات، ويتدخل به أطراف كل منهم يمكن من نشر الإرهاب، والأيديولوجية المتطرفة، وتمويل الانقلابات، ودعم الجماعات المسلحة، والتدخل في بلدان أخرى، أو ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
مقاومة التصعيد..
هناك جهود جارية لتخفيف حدة الأزمة في الخليج، بتدخل أمير الكويت للتوصل إلى حل توافقي، وعلى الرغم من التصريحات العلنية المتكررة التي أدلى بها “ترامب” لتأييد الموقف السعودي الإماراتي، لا يزال وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” يعمل على صياغة حل مرضي للأطراف.
“ولكن لا نتوقع حل هذا الصراع بسهولة”، وفقاً للكاتبين، حيث يبدو أن اللاعبين الرئيسيين، وخاصة القيادات السعودية والإماراتية، يقاومون وساطة “تيلرسون” وفي الوقت نفسه، فإن الحالة المزاجية في الدوحة متوترة ولكن مرنة تجاه الحلول، وخفضت قطر من التقارير التي تفيد بأن وضع جيشها في حالة تأهب قصوى، حتى مع موافقة الحكومة التركية على إرسال قوات جديدة إلى قاعدتها العسكرية في قطر.
كما تجد الولايات المتحدة نفسها تتراجع عن الصراع المفتوح مع إيران. ومع ذلك فتحت طائرة بدون طيار إيرانية النار على الجنود الاميركيين في جنوب سوريا.
لذا قد يبدو أن هؤلاء اللاعبين يضغطون جميعاً لمزيد من تصعيد الأزمة، وتفسير هذا أن سرد الصراع الذي يستخدم الطائفية والقومية يعزز قبضة الأنظمة على السلطة، فالصراع يستخدم لقمع المجتمع المدني، وإغلاق المجال لحرية التعبير والتضامن. وقد حظرت “مصر” 64 موقعاً على شبكة الإنترنت، واستغلت “الإمارات والسعودية والبحرين” الفرصة للسيطرة على فضاء وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر.
من الأزمة إلى الحل..
رأى الكاتبين أن الديكتاتوريين الحاكمين للمنطقة هم أسباب عدم الاستقرار، لأنهم شركاء عالميين غير مسؤولين، ويعتبر وقف التصعيد هو حل مطلوب على المدى القصير ولكن هناك حاجة أيضاً إلى بناء سلام مستدام، يؤكد حقوق المجتمعات دون الدول، والتضامن دون الكراهية، والاندماج دون الطائفية، وحقوق الإنسان دون الاستقرار الوهمي، “ولا يمكننا أن نحل هذه المشكلة بتمكين الجهات الفاعلة التي أنشأتها، ما يستلزم عدم الإيمان بديكتاتوريات الشرق الأوسط وعدم المشاركة مع حكوماتهم بمعاملتها كشركاء مسؤولين أو جديرين بالثقة، وينبغي اعتبارها جزءاً من المشكلة أكثر من الحل والإتجاه لتمكين أصحاب المشاريع الاجتماعية وناشطو المجتمع المدني”.