حين تقول الهدى وأركانه، يقفز الذهن بك سريعاً لسيد الوصيين، وإمام البلاغة والفصاحة أمير المؤمنين وأخ الرسول الأعظم محمد (ص)، وزوج البتول السيدة فاطمة الزهراء عليها وعلى بينها السلام، أبو الحسنين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ونحن في ذكرى إستشهاده لسنا من الذاكرين، لصفاته الجليلة وبطولاته الكبيرة وشجاعته الفريدة، بل لنسأل أنفسنا ماذا تعلمنا من هذا البطل الهمام؟، ماذا أخذنا من نصائحه ومواعظه وورعه وتقواه؟، وما استفدناه من نهج البلاغة، ذلك الكتاب الرائع ودستور الحياة الخالد، الذي جمع فيه (الشريف الرضي )خطب ورسائل وحكم ووصايا أمير المؤمنين علي (ع)، والذي ضم أبلغ الحكم والمواعظ التي تقي الإنسان، الوقوع في الزلل وترسم طريقه الصحيح في كافة شؤون حياته.لتكون ممهداً لدار المقام والآخرة وبحسن الخاتمة إن تم تطبيق الدورس التي أعطاها الإمام (صلوات الله عليه) عملياً.
ماذا أخذنا من إنسانيته العالية؟، هل فكرنا بأحوال من هم بحاجتنا؟، كرعايته للأيتام وبالخفاء، ولا نطلب التباهي إن خدمناهم؟، وتكثر التساؤلات التي تبحث عن إجابة لشيء من الإقتداء قلباً وقالباً، لم يحب الدنيا قط بل طلقها بالثلاث، وكان مصداقاً للزهد فيها.
إن قلنا أننا محبين لهذا الإمام ومن شيعته وأنصاره، علينا أولاً أن نقتدي بسيرته العطرة، ولو بجزء بسيط، فالحب وحده لا يكفي، إنما الحب الحقيقي يجب أن يترجم إلى أفعال واقعية، تتجسد وتلمس في أبجديات حياتنا، وأن نكون ممثلين حقيقيين للمثل والقيم التي خطها إسلامنا الحنيف.
فإحياء ذكراه بمولده وإستشهاده يجب أن يكون دافعاً ومحفزاً، للإستمرار بذات الطريق الموحش الذي وصفه (عليه السلام)، بقوله’’ لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه’’ .
كما وأن تجديد الذكرى توجَّبَ أن يَقْترِن بترسيخ القيم والمبادئ الدينية والإنسانية، التي قدم من أجلها إمامنا (ع) روحه الطاهرة قرباناً لها في محراب صلاته، ليرتحل شهيداً خالداً.
نحيي ذكرى الإستشهاد الأليمة، وليكن هذا البيت الشعري المنسوب للإمام علي (ع)، عبرة وعظة لنا في هذه الدنيا الفانية.
لا دارٌ للمرءِ بعـد المــوت يسكُنهـا ***** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها .