في الماضي كان الجميع ينتظر يوم العيد بلهفة شديدة،حيث تستعد الاسر لشراء ثياب جديدة لأفراد العائلة قبل العيد، لكي تخرج الأسرة في العيد في ثياب جديدة،وذلك لان توفير الثياب الجديدة في أغلب الأحيان، كان مرتبطا بحلول العيد،بسبب العسر المادي وقلة ذات اليد.
وكانت ربات البيوت تستعد ليوم العيد بنشاط متوقد، فتبدا بتنظيف المنزل من النفايات،وما يحيط به من فضاء،وتسارع الى عمل الكليجة،وتوفير الكزرات والحلوى.وفي صباح يوم العيد تقوم ربة الأسرة بتجهيز وجبة الإفطار من الأكلات المحلية،في حين يذهب الأب وألاولاد إلى المسجد لأداء صلاة العيد.وبعد ذلك يتجمع البعض من أفراد القرية من الرجال في الدواوين،ويتبادلون الزيارات لتبادل التهاني بالعيد،بعد ان يتناولوا وجبة الإفطار التي اعتاد وجيه القوم ان يعملها للربع، كتقليد صباح يوم العيد،ليتم الإفطار بشكل جماعي.وتظهر على هذا الاجتماع،وهذه الوليمة،روح التآلف،والمحبة،والتكافل،والتعاون،وغير ذلك من الصفات الاجتماعية الجميلة،وبذلك يتم تحقيق مبدأ التواصل،والتكافل الأسري،والاجتماعي، بين ابناء الحارة.
ويدأب الاطفال والصبايا على اللعب، ويزغردون في تجمعات عفوية بين ازقة الحارة،ويصدحون باغاني العيد التراثية،واحيانا يتحلقون في دبكة جماعية،على ايقاع الناي الشجي،ويجولون الحي فرحين بالعيديات والحلويات،التي يحظون بها من الاصدقاء والأقاربس.
أما اليوم.. فالعيد يبدو مختلفا عنه في الماضي في كثير من الجوانب. فالشعور البارد نحو العيد،وانحسارالفرحة بحلوله،حتى بدا وكأنه يوم عادي لايتميز بشئ على باقي الايام،صارت ابرز ملامحه.فلم تعد للعيد تلك النكهة التقليدية من الفرح والبهحة، التي كانت سمة العيد في الماضي، ففقد الاحتفال بالعيد مذاقه التراثي الى حد كبير، ولم يعد مثارا للغبطة، ومدعاة للسعادة،كما كان من ذي قبل.
ولعل رياح العصرنة التي عصفت بالموروث الشعبي،وانتشار استخدام وسائل التواصل المعاصرة،ومحاكاة قيم الحداثة وغيرها،اسباب مباشرة وراء ذلك ألتغير في العادات والتقاليد،التي كانت سائدة في المجتمع ايام زمان،فغابت عنا فرحة العيد بنكهتها التقليدية،ولم تعد هناك دوافع تحفز الجمهور لترقب العيد،والاشتياق له،وانتظاره بفارغ الصبر من لدن جيل اليوم،مثلما كان عليه الحال في السابق.