19 ديسمبر، 2024 5:41 ص

تعلّموا من علي عليه السلام معنى السياسة “3”

تعلّموا من علي عليه السلام معنى السياسة “3”

يكمل أمير المؤمنين عليه السلام، كلامه في خطبته، إلى أن يقول:(( فما راعني إلاّ والناس كعرف الضّبعِ إليَّ ينثالون عليّ من كل جانبٍ، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم)).
الثورة على عثمان، قضت على الحكم الطبقي والرأسمالي، الذي أحتكرته ثلة من الأمويين، على حساب ومعاناة الفقراء والمساكين من المسلمين، وبذلك تكون الثورة قد حققت أهم المنجزات:
الأول/ دكت عروش الظالمين، وأنهت الظلم الاجتماعي.
الثاني/ وهو الأهم، ترشيح الإمام علي عليه السلام، لخلافة المسلمين.
هرع الثوار لمبايعة علي عليه السلام على الخلافة، ولكنّه قابلهم بالرفض وعدم القبول، وعدم الرضا لهذا الأمر، لعلمه بصعوبة الاحداث التي ستجري في المستقبل التي لا يطيقها كثير من الناس، فحكومة عثمان تركت وراءها مخلفّات ثقيلة، من احزاب نفعية، ونفوس تعودت على الأطماع، والمنافع الشخصية، وهذه التركة بكل تأكيد لا تتحمل عدل علي بن أبي طالب عليه السلام، وستعمل ضده وتحاربه، وستقف في مواجهته، لذلك قال لهم:
(( لا حاجة لي في أمركم فمن أخترتم فقد رضيت به)).
لكن الجماهير أصرّت وألحّت على مبايعته عليه السلام، فكانت ترى انه لا تتحقق الحرية والعدالة والمساواة، الاّ بتقليده الخلافة، وبقى عليه السلام مصرّاً على موقفه بالرفض، فقال لهم:(( دعوني وألتمسوا غيري)). إلى أن وصل الأمر، بتهديده عليه السلام، بالقتل من قبل الجيش أن لم ينتخب المسلمون خليفة لهم عاجلاً، فأضطر الإمام الى القبول، بعد عودة الجماهير مرات ومرات، وإصرارهم على مبايعته، ولكنّه عليه السلام، جعلهم أمام الأمر الواقع، وصرّح لهم بالقول:
(( أيّها الناس، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول))، وقال لهم أيضاً:
(( وأعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعليّ أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم منّي أميراً)).
الإمام عليه السلام، كشف سبب ثاني مهم لقبوله بالخلافة، غير إلحاح الجماهير عليه، عندما قال:(( واللهِ ما تقدّمت عليها إلاّ خوفاً من أن ينزو على الأمر تيس من بني أميّة، فيذهب بكتاب الله عز وجل)).
تمت البيعة للإمام عليه السلام، وقوبل بالهتافات الكبيرة المؤيدة له، وعمت الأفراح والمسرات والأبتهاج والغبطة قلوب المسلمين، حتى وصف الإمام عليه السلام، هذا السرور عند الناس، بقوله:(( وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب)).
وللحديث بقيّة… ّ

أحدث المقالات

أحدث المقالات