23 نوفمبر، 2024 1:09 ص
Search
Close this search box.

رواية وكاتب في سطور

رواية وكاتب في سطور

مئة عام من العزلة..للأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز تعتبر مرجعا في تاريخ أدب أميركا اللاتينية والأدب العالمي، صدرت في العام 1967 بيعت منها أكثر من 30 مليون نسخة، وترجمت إلى 35 لغة ، واستغرقت كتابتها 18 شهرا. وقد نال عنها ماركيز جائزة نوبل للآداب عام 1982.
قال عنها ماركيز انها حلت عليه كالرؤيا السعيدة، وهو في طريقه الى أكابولكو على المحيط الهادي في أحد أيام كانون الثاني/يناير 1965. حيث قال أن لحظة التماع سحري باغتته، وزودته بمفاتيح الوصول الى جغرافيا بحث عنها منذ سنوات، مؤكدا أن الرواية تراءت له بكامل نضجها، حتى إنه تمكن من كتابة فصلها الأول دون الحاجة الى تبييضه لاحقا.
رفض أبناء اراكاتكا مسقط رأس ماركيز أن يضيفوا كلمة ماكوندو الى اسم بلدتهم في استفتاء شعبي أجري في العام 2006.
الرواية:
تتناول الروايه تاريخ كولومبيا من الاستعمار والحروب الأهلية والتدخل الاقتصادي الأجنبي الى اندثار نمط العيش الأصلي، حيث تتناول سيرة قرية تدعى ماكوندا،وهي مدينة غير موجودة إلا في خيال المؤلف نفسه، ويروي ما يحدث من تغير في تلك القرية خلال 100 عام، وتمر على ستة أجيال من عائلة بويندييا.
هي قصة سلالة تبدأ مع خوسيه اركاديو بويندييا، لتصل الى موت آخر فرد من العائلة. في البداية، تبدو ماكوندو كأنها تشهد ما يشبه الحقبة الذهبية المطبوعة بالبراءة والبساطة، لكنها تنزلق نحو الحروب الأهلية والصراعات الاجتماعية التي تجلبها إليها حضارة مزعومة، فتغرق بعدها في الانحدار حتى الفناء الكلي.
ومن خلال الحديث عن عائلة بويندييا تتناول الرواية 3 أجيال، يمثل الجيل الأول جوزيه أركاديو بوينديا، وزوجته أورسولا، ويمثل الجيل الثاني ابنه العقيد أوريليانو بوينديا، أما الجيل الثالث فيمثله أحفاد جوزيه أركاديو بوينديا، وبذلك تقص الرواية حكاية أجيال متتالية من أسرة بوينديا.‏
أحداث الرواية:
تبدأ رواية مئة عام من العزلة، على شكل ذكريات للعقيد أوريليانو بوينديا وهو أمام فصيل الإعدام، تجري الأحداث في المدينة الساحلية ماكوندو كانت تأتي إلى هذه المدينة في كل عام في شهر آذار/مارس أسرة غجرية وكان اسم واحد من الغجر ملكيادس الذي كان يحمل معه سبيكتين من المغناطيس يجذب بهما الحديد، ولم ير سكان ماكوندو قبل ذلك المغناطيس وأدهشتهم قدرة المغناطيس على جذب المعادن.‏
اراد أحد سكان ماكوندو الاستفادة من معلومات الغجر، واسم هذا الشخص جوزيه أركايو بوينديا الذي أراد عن طريق المغناطيس اكتشاف الذهب، فاشترى المغناطيس من الغجري واستطاع استخراج درع قديم من باطن الأرض بوساطة المغناطيس.‏
وفي العام التالي اشترى من الغجري ناظورا مكبرا وأراد أن يقدمه للدولة ولكن دون جدوى، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الأرض كروية، فاعتقد أهل القرية أن جوزيه أركادبو بوينديا قد فقد عقله.‏
وفي السنة الثالثة أهداه الغجري مخبرا كيميائيا. صهر جوزيه أركاديو بوينديا قطعا من الذهب مع معادن أخرى للحصول على الذهب إلا أن محاولاته باءت بالفشل، وفي إحدى المرات أخذ الغجري يبرهن على إمكانية صناعة أسنان اصطناعية، وهكذا ففي كل عام كان الغجري ملكيادس يبهر جوزيه أركاديو بوينديا باكتشاف جديد المغناطيس، فالناظور المكبر، فالمخبر، فالأسنان الاصطناعية.‏
في الفصل الثاني يعود ماركيز إلى الوراء حيث يقص حكاية القرية ماكوندو، إذ رحل إليها جوزيه اركايو بوينديا مع زوجته أورسولا بعد أن تشاجر مع شخص آخر وقتله، واسم هذا الشخص برودينسيو أجويلار، فرحل من تلك المنطقة إلى ماكوندو، واستقر فيها، وأنجب طفلين وطفلة، وكان اسم الطفل الأول جوزيه أركاديو على اسم أبيه، والطفل الثاني أوريليانو، والطفلة أمارانتا.‏
أقام الابن جوزيه أركاديو علاقة غرامية مع امرأة اسمها بيلار تيرنيرا وحملت منه لكنه بعد فترة أقام علاقة مع امرأة غجرية ورجل معها وفتشت أمه أورسولا عن ابنها دون جدوى وغابت فترة طويلة بحثت خلالها عن ابنها، ولكنها عادت بعد ذلك إلى ماكوندو البلدة التي يعيشون فيها. أنجبت بيلار تيرنيرا طفلا وأعطته لجدته أورسولا، وسمته أركاديو.‏
في الفصل الثالث من الرواية يعود الغجري ملكيادس إلى القرية ماكوندو بعد أن كان قد مات. وهذا أمر غريب، ولكن في الرواية غرائب كثيرة، وهو أمر أسطوري أن يحيا الميت مرة أخرى ولكن هناك أمرا غريبا آخر وهو أن يعيش المرء مئتي عام.
في الفصل الرابع يموت مرة ثانية وأخيرا الغجري ملكيادس وفي الفصل الخامس يتزوج أوريليانو بوينديا فتاة اسمها ريميديوس موسكوته ولكنها تموت وهي حامل.‏
بدأت الانتخابات، وكان فيها الكثير من التزوير، لصالح النظام الحاكم، وردا على التزوير في الانتخابات بدأت موجة من الاغتيالات ضد الشخصيات الحاكمة، وأرادوا اغتيال الدون أبولبنار موسكوته، والد ريميديوس، الذي كان حاكما مدنيا عسكريا لبلدة ماكوندو، وكان هناك نقيب يأمر وتنفذ أوامره، فهو الحاكم الفعلي، ولذلك استطاع أوريليانو بوينديا الاستيلاء على مقر الحامية، والمقر هو المدرسة، وانتزع سلاح الحامية، وأعلن نفسه حاكما مدنيا عسكريا، ومنح نفسه رتبة عقيد.
بدأت الحرب في بلدة ماكوندو التي و قد بدأت فعليا في المناطق الأخرى قبل ثلاثة أشهر. يقول الروائي عنه: “كان العقيد أوريليانو بوينديا بطل اثنتين وثلاثين انتفاضة مسلحة، غُلب فيها، وتزوج سبع عشرة امرأة، كان له منهن سبعة عشر ولداً ذكراً، ذبحوا جميعاً في ليلة واحدة الواحد تلو الآخر، ونجا من أربعة عشر اغتيالاً، وثلاثة وستين كميناً…”. حاولوا تسميمه إلا أن السم لم يؤثر فيه، ولم يقبل راتباً تقاعدياً، ولم يجرح خلال الحرب الأهلية، إلا أنه حاول الانتحار في نهاية الحرب الأهلية.‏
وبعد التحاق أوريليانو أركاديو بالثوار أصبحت القرية تحت قيادة أخيه أركاديو الذي أمر بالإقامة الجبرية للكاهن ويمنع قرع جرس الكنيسة ومنع الصلاة إلا أن أمه أورسولا تسلمت قيادة القرية فسمحت بالصلاة في الكنيسة، واستطاعت الدولة في نهاية المطاف قمع الانتفاضة، وقامت الدولة بتنفيذ حكم الإعدام بأركاديو الذي أظهر شجاعة كبيرة في لحظة الحكم، ولم يخف الموت، وقبل تنفيذ الحكم تذكر زوجته روبيكا.‏
استطاعت قوات الحكومة في فترة من الفترات إلقاء القبض على العقيد أورليانو وحكمت عليه بالإعدام إلا أن القوة العسكرية التي كان من المقرر أن تقوم بتنفيذ حكم الإعدام به في قريته ماكوندو انضمت إليه في آخر لحظة وبدأت بتحرير البلاد بقيادته وحققت بعض الانتصارات ورأى الناس فيها قوة ماسونية، لأنها ضد الكنائس ورجال الدين والفكر الديني، وضد مؤسسات الدولة كلها.‏
في إحدى المرات عندما استولى العقيد أوريليانو على قريته ماكوندو،كان يحكمها شخص برتبة لواء، اسمه اللواء مونكادا والذي قام بعدد كبير من الإصلاحات ولذلك أحبه الناس إلا أن المجلس الثوري بقيادة العقيد أوريليانو حكم عليه بالإعدام، ونفذ الحكم، على الرغم من رجاء أم العقيد أوريليانو التي طلبت من ابنها عدم تنفيذ الحكم إلا أن ابنها لم يحترم رجاءها علما بأنها طلبت العفو عن اللواء مونكادا هي وكل نساء القرية.‏
والأم أورسولا هي عرابة اللواء مونكادا أي أن هناك صلة قرابة بين العقيد أوريليانو واللواء مونكادا، إلا أن الأول لم يتردد في تنفيذ حكم الإعدام بالثاني، لأن الثورة تحتاج إلى حزم وكذلك نفذ العقيد حكم الإعدام بأغلبية الضباط الذين وقعوا أسرى لديه وأخذت الثورة تحارب الملكية الخاصة، وتراجع سندات التمليك، بهدف إلغاء الملكية الخاصة على وسائل الإنتاج وحاربت أيضا المؤسسات الدينية كلها.‏
إلا أن بعض الضباط الثوريين أدركوا عبثية الحرب والثورة وأصيب العقيد أوريليانو بعد تنفيذ حكم الإعدام باللواء مونكادا بمرض غريب وفسر سبب هذا المرض لأنه ظلم اللواء مونكادا، الذي أعدم وأحرق بيته لأن زوجته منعت العقيد من دخول بيتها.‏
وانضم إلى صفوف الثوار أناس من كافة الاتجاهات، منهم الطموح، والمغامر والمجرم والهارب من القانون، وبعضهم كان يقاتل من أجل القتال نفسه، كانوا يجهلون سبب انخراطهم في الحرب. وكان العقيد أوريليانو لا يعطي أوامره بتصفية أعدائه، إلا أن مجرد أن يوجه أحد الناس له انتقاداً، كان هذا الشخص يقتل مباشرة، دون أن يأمر العقيد بقتله، لأن حاشيته تعرف بأنه يريد ذلك، ولا ضرورة لانتظار الأوامر.‏
ولكنه كان يصاب بنوبات برد شديدة لا يعرف سببها وكانت والدته ترى أن سببها الظلم الذي ألحقه بالناس الأبرياء إذ كانت أوامره تنفذ قبل أن يصدرها وبشكل وحشي وأقسى من كل تصوراته، وكان يمنع اقتراب الناس منه، تفصله دائماً عن الآخرين مسافة لا تقل عن ثلاثة أمتار. ولكنه أصبح يشعر أنه يحارب من أجل السلطة فقط وليس من أجل أهداف أخرى وشعر بعبثية الحرب وشعر أن الجماهير لا تريد التغيير الذي حارب من أجله.‏
وعندما رأى أحد ضباطه أن هناك تغييرا طرأ على تفكير العقيد أوريليانو أمر الأخير بقتل الأول، إلا أن والدة العقيد قالت لابنها معترضة على تنفيذ الأحكام. إذ كانت تخشى أن تنجب أطفالا مشوهين وقام العقيد أوريليانو وعفا عن خصمه الذي شعر أن العقيد أوريليانو تحول إلى جزار.‏
وشعر الشعور ذاته العقيد أوريليانو، ولذلك أصبح يشعر بضرورة إنهاء الحرب التي أصبحت بلا معنى ولذلك قرر الموافقة على الهدنة وأطلق على صدره رصاصة محاولا الانتحار لأنه لا يستطيع أن يستمر في الحياة دون حرب إلا أنه جرح ولم يمت.‏
وعاد وحارب مرة ثانية إذ خرق الهدنة واستمرت الحرب العبثية مدة تزيد عن عشرين عاما، وكان بحاجة لذريعة لخرق الهدنة فاعتبر أن رئيس الجمهورية هو الذي خرق الهدنة، إذ رفض دفع رواتب الضباط لأسباب معينة فوجد العقيد أوريليانو في ذلك حجة لإشعال الحرب ثانية.‏
وكانت والدته ترى أنه رجل لم يعرف الحب أبدا حتى ولا زوجته ريمديوس ولا نساء الليلة الواحدة الكثيرات اللواتي مررن بحياته وأقل من هؤلاء وتلك أبناءه. لقد ظنت أنها اكتشفت أنه لم يقاتل في تلك المعارك عن مثالية، وإنما بدافع من الغرور وأنه غير قادر على الحب ولكنه في النهاية أقر بعبثية الحرب ولذلك تخلى عنها، وعاد إلى حياته العادية في قريته وانعزل عن الناس فلم يعد يستقبل أحدا أو يذهب إلى أحد.‏
إلا أنه بمناسبة الاحتفال بذكرى نهاية الحرب سمع أولاده السبعة عشر بالاحتفال وجاؤوا في وقت واحد دون أن يتفقوا فيما بينهم على ذلك إلى القرية وكان العقيد يشك أنهم جميعا أولاده، وفي إحدى المرات عندما أراد العقيد أوريليانو أن يشعل ثورة ضد الأمريكيين الذين يحتلون البلاد ويعيثون فيها فسادا، قام مجهولون بتصفية أبنائه في ليلة واحدة. أما العقيد أوريليانو فلقد مات ميتة طبيعية. أما أخته أمارانتا فلقد أعلنت أنها ستموت في وقت معين وجاءها أهالي القرية برسائلهم إلى موتاهم وبالفعل ماتت في الوقت المحدد.‏
بدأت المظاهرات بقيادة جوزيه أركاديو الثاني، فاعتقلت الحكومة قادة المظاهرات ولكنها أخلت سبيلهم خلال ثلاثة أشهر، لأنها رفضت تحمل نفقات الإطعام ورفضت شركة الموز التي بسببها اعتقلوا تقديم الطعام للمساجين كانت الحكومة لا تعالج العمال المرضى، فيقدم الأطباء للمرضى دواء موحدا بغض النظر عن المرض فانفجر الإضراب العام، وكان جوزيه أركاديو يشبه كثيرا عمه العقيد أوريليانو، فهو يعيش لذاته منعزلا عن الناس.‏
وكانت جدته أورسولا تشعر أن الزمن لا يمضي وإنما يدور حول ذاته، ومن هنا جاءت فكرة المؤلف ماركيز أن الموتى يبعثون من جديد.‏.

أحدث المقالات

أحدث المقالات