23 ديسمبر، 2024 7:40 م

تلازم الديمقراطية والبناء

تلازم الديمقراطية والبناء

اعطوا للناس الحرية، اعطوهم الكرامة التي تليق بالانسان، اعطوهم العدل والمساواة… احترموا المواطن ايا كان جنسه ودينه ومذهبه وقوميته، وعشيرته، امنحو الناس السعادة.
والسعادة ليست مسرحية كوميدية تثير الضحك، انما هي سكن صالح يمتلكه المواطن، ويعتز به ويعتبره هو وضمانة المستقبل صنوين لا يفترقان… واعطوهم فرصة العمل التي تدر عليهم رزقا كريما يستطيعون به ان ياكلوا ما يطيب للنفس وينفع الجسد، واعطوهم كهرباء لا تنقطع لينعموا بمصباح مضيء وثلاجة تعمل ومكيفة هواء تقيهم لهيب الصيف وبرد الشتاء، واعطوهم ماءا قراحا، اجعلوهم يعيشون في شارع نظيف معبدة خال من الحفر والمطبات، والمياه الآسنة في محلة لا تتكدس فيها اكوام القمامه.
اعطوا الناس علاجا ناجعا في مستشفى او مستوصف نظيفين كاملي التجهيز… اعطوا للاطفال مدرسة تسكب في اذهانهم اوليات المعرفة وتخلق فيهم روح التطلع للمزيد.
اعطوا للمواطنين هذه كلها وهي ليست منحا بل حقوقا وثمنها مدفوع من موارد البلاد المالية التي هي في التحليل النهائي اموال عائديتها للمواطنين.
ان اعطاء هذه كلها بجهد من الدولة هو من واجباتها في الصميم.
وحري بالاحزاب السياسية ان تتنافس في اعطاء الافضل مما ذكرنا، والاسرع في الانجاز، وليس على من يكون وزيراً او اميرا…. وعند ذلك فان الناس سيكونون احرص ما يكونون على حياتهم الجديدة، وسيدافعون عنها بكل ما اوتوا من قوة، ولسوف ينبذون كل فئة تريد القتل والتخريب حتى لن يبقى لفئات الارهاب مكان في قلب اي مواطن او في فكره… ولن يكون هناك من بيت يأوي صعلوكا من شذاذ الافاق يمتهن الجريمة بل انه حتى الجريمة الاعتيادية سوف تتقلص حتى تختفي.
ثم بعد ذلك اجعلوا المواطن، كل مواطن، آمنا على نفسه من غوائل الزمان… من العجز، من الشيخوخة، من الترمل، من اليتم، من المرض، من البطالة…
وبدون ذلك فان ما تبقى ليس سوى مصطلحات لا تشبع من جوع ولا تروي من عطش.
افعلوا ذلك بعيدا عما يردده البعض من هذه المصلحات مستئنسا بادعائه انه مثقف وانه عارف، او مفتخرا بنفسه لانه استطاع ان يضحك على الناس بمصطلحاته وان يخدعهم وان يتظاهر بمظهر المصلح وهو لص، وبمظهر الباني وهو مخرب، وبمظهر المخلص وهو فاسد..
الديمقراطية؟؟ يا لها من كلمة سحرية، رائعة، يمشي الناس الى حتوفهم في سبيلها زرافات ووحدانا.
لكن الديمقراطية ليست مجرد مجلس للنواب يجد اعضاؤه فرصة للشجار او للنوم في الهواء المكيف لقاعاته.
والديمقراطية ليست مجرد احزاب تخترع الخلافات اختراعا لتجد مبرراً للخصومة بينها.
والديمقراطية ليست مجرد ان يذهب هذا عن الحكم ويحل غيره محله… وتظل الحال على ما هي عليه او تصير اسوأ مما كانت عليه.
نعم: الانتخابات، البرلمان، الحياة الحزبية، تبادل السلطة، استقلال القضاء هي من المثل العليا للانسان في هذا الزمان لكنها بدون الحرية للمواطنين والكرامة والعيش السعيد الرغيد اشبه بشجرة ذات ثمار فجة او جذع لشجرة بلا ثمار… ان عناصر الديمقراطية التي ذكرناهما تبقى اغصانا عارية ما لم تؤد الى حرية الناس، وكرامة الناس، وسعادة الناس.
والديمقراطية بدون البناء الذي يحقق الامن والسعادة للناس لن تكون الا شمعة سرعان ما يخبو ضوؤها حتى تذوب او جمر سرعان ما يخفت حتى يستحيل الى رماد…
ان الديمقراطية لكي لا تتحول الى مصطلح لا ينفع بل قد يضر فانها يجب ان تقترن بالبناء.
فبناء الحياة الكريمة للناس هو الذي يجعل الديمقراطية ضرورة وهو الذي يثبت اركانها ويمنحها الديمومة والبقاء… وبالمقابل فانه ليس هناك من بناء قويم يشيد على اسس سليمة وراسخة بدون ديمقراطية تتيح مراقبة مسيرة البناء، وتجادل في الافضل، وفي الاوليات وما يليها.
اذن: فهناك علاقة جدلية او وظيفية بين الديمقراطية والبناء، او بين الديمقراطية وما يسعد الناس.. واذا ما فقد واحد من قطبي الرحى فان الاخر لا يلبث ان يزول…
وفي حالة كهذه فاننا نصبح كما يرويه مواطنونا عن الحيوان النهري الصغير الذي يطلقون عليه ابو الجنيب الذي اضاع المشيتين.
دعونا اذن نبني ديمقراطيتنا مقترنة ببناء بلدنا وبذلك نعزز سيادتنا، ونحمي وحدة بلادنا، ونصون دماءنا ونحمي صروح العمران في بلادنا.  

حركة القوى الوطنية والقومية “حقوق”
7 /اب / 2012