كتبت – آية حسين علي :
مع بدء نشوب المعارك في سوريا، وتفاقم الأوضاع، تجمع مئات الفارين في مناطق حدودية على أطراف سوريا في مخيمات، ومع الوقت وزيادة حدة المعارك، تزايدت الأعداد في المخيمات لدرجة أنه أصبح من المستحيل أن تستوعب كل هذه الأعداد الضخمة.
وهنا بدأت فكرة الفرار إلى دول أوروبية من خلال رحلات محفوفة بالمخاطر أحياناً على متن قارب متهالك وأحيان أخرى مشياً على الأقدام، لكن مصير جزء كبير من هؤلاء كان الغرق الذي أنهى حياة الآلاف أثناء محاولة عبور البحر نحو أوروبا.
تركيا واليونان..
كان لتركيا النصيب الأكبر من اللاجئين نظراً لقربها من الحدود السورية، ثم بدأ بعض اللاجئين لدى تركيا محاولة الوصول إلى دول أوروبية أخرى أهمها اليونان.
يذكر أن أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر من سوريا وحدها فروا إلى تركيا، منذ بداية المعارك عام 2011، وسجلت الأمم المتحدة بالفعل وصول أكثر من 94 ألف شخص إلى جزر بحر “إيجه” اليونانية قادمين من تركيا منذ بدء العام الحالي.
توقف سياسات الباب المفتوح..
رغم انتهاج بعض الدول سياسات “الباب المفتوح” في البداية مع المهاجرين، إلا أن الوضع تغير، خاصة مع تكرار العمليات الإرهابية وربطها بالإسلام والمسلمين والمهاجرين.
ونُظمت احتجاجات مناهضة للمهاجرين في دول عدة أبرزها “ألمانيا”، حيث هاجم مجموعة من المتظاهرين حافلة تقل مجموعة من اللاجئين واستخدموا عبارات مسيئة، كما أُضرمت النيران في منازل كانت مخصصة للاجئين في منطقة “باوتسن” الألمانية.
اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا..
في آذار/ مارس من العام الماضي 2016، وقعت أنقرة اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي يقضي بأن تقوم تركيا بإرسال لاجئ سوري بالطرق الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي مقابل كل لاجئ سوري تستعيده من جزر بحر أيجة اليونانية، ومن ضمن شروط الاتفاق أن يكون الحد الأقصى للاجئين في الاتحاد الأوروبي 72 ألف لاجئ.
لكن بعد 16 شهراً من دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ، والشرط الذي يقلص عدد اللاجئين في الاتحاد الأوروبي، لا تزال معاناة اللاجئين مستمرة، وبات الحل الجذري الوحيد هو محاولة حلحلة الأزمة السورية كي يتمكن هؤلاء من العودة إلى بلادهم، لكن مع تفاقم الأوضاع يصبح هذا الحل بعيد المنال.
وعقب الاتفاق، لم يتمكن جميع اللاجئين السوريين، على السواحل اليونانية، من العودة إلى تركيا كما لم تفتح لهم آفاق شرعية لتوطين الموجودين منهم على الأراضي التركية في دول أخرى داخل الاتحاد، كذلك لم تسعى دول الاتحاد إلى الوصول إلى حل سياسي لأزمة اللاجئين.
تضرر المدن التركية..
قال “لوتفو سافاس”، عمدة مدينة أنطاكية التركية الواقعة في محافظة هاتاي الحدودية مع سوريا، “إما أن أوروبا لا تدرك قدرتها على الحل أو أنها ليست مهتمة”.
ووفقاً لتصريحات العمدة، فإن التوازن الديموغرافي في المدينة قد تأثر بوصول آلاف اللاجئين إليها، كما انخفضت معدلات الاقتصاد والسياحة بها، وتقل مواردها شيئاً فشيئاً.
وأوضح “سافاس” أن “ثلث المهاجرين الموجودين في تركيا يعيشون في هاتاي”.
وتابع: “على مدار 6 أعوام تأثرنا نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، وقبل الحرب كانت هاتاي مركزاً اقتصادياً مهماً في الشرق الأوسط كله، لكن بسبب المعارك في سوريا والعراق توقفت أعمال الاستيراد والتصدير وغرق اقتصادنا”.
وشدد: “نطالب الاتحاد الأوروبي بالتدخل لحل النزاعات، لأن الدول المتورطة في الحرب فقدت موقفها الحيادي، لذا نقول بأن الاتحاد الأوروبي يمكنه لعب دور الوساطة بدلاً من هذه الدول”.
ألمانيا..
أما الأوضاع في “ألمانيا” ليست بهذا السوء، حيث وصل إليها خلال عام 2015 و2016 حوالي 1,2 مليون شخص، 58% منهم منحدرون من دول أوروبية، وفقاً لمكتب الإحصاءات الاتحادي الألماني.
وأظهرت بيانات مكتب الهجرة واللاجئين، أن مواطني “سوريا والعراق وأفغانستان” كانوا أكثر من تقدموا بطلبات لجوء إلى ألمانيا، حيث قدم السوريون (265.866) طلباً، يليهم “الأفغان” (127.892)، والعراقيون (97.162).
تكرار نفس السيناريو..
من جانبه طالب وزير الخارجية النمساوي، “سيبستاينان كورتس”، بنقل المهاجرين الذين تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط، إلى مخيمات في “مصر وتونس”، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى عرض الموضوع على حكومتي هذين البلدين والتوصل لاتفاق يشبه الاتفاق مع “أنقرة”.